مبادئ علم الاقتصاد
ليس هناك من شك في أن علم الاقتصاد يُعد من العلوم التي تؤثر على حياتنا بشكل مباشر. ففي عصرنا الحالي يؤثر الاقتصاد على كل شيء تقريبًا، ويقدم إجابات لمجموعة من القضايا المالية والاجتماعية والسياسية التي تؤثر على الأسر والمجتمعات. كما أن دراسة مبادئ علم الاقتصاد يمكن أن تفتح آفاقنا على مجموعة متنوعة من الخيارات المهنية في جميع قطاعات الاقتصاد، من الزراعة إلى التصنيع إلى الخدمات المصرفية والاستشارات، وما إلى ذلك.
ومن هذا المنطلق، يجب على كل فرد أن يكون على معرفة –على الأقل- بأساسيات أو مبادئ علم الاقتصاد. ومن خلال فهم هذه المبادئ، يمكننا التعرف على أهم مفاهيمه ونظرياته الرئيسية التي تناقش قضايا مثل العرض والطلب، والندرة، والكفاءة، وغيرها. وبالتالي، وبناءً على فهمنا لهذه النظريات، يمكننا تعديل سلوكنا في الإنفاق والاستهلاك.
في هذا المقال سوف نتعرف على مبادئ علم الاقتصاد. وسنبدأ بتعريف علم الاقتصاد واختصاصاته وفرعيه الرئيسيين، الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي. وبعد ذلك سنلقي نظرة سريعة على نشأة وتطور علم الاقتصاد. ومن ثم سننتقل بالحديث إلى أهم مبادئ علم الاقتصاد، مثل العرض والطلب، ونظرية السوق الحرة. وأخيرًا سنلقي الضوء على بعض المفاهيم الاقتصادية الرئيسية.
أولًا: ما هو علم الاقتصاد؟
علم الاقتصاد Economic Science، هو العلم المعني بدراسة كيفية استخدام الموارد في ظل ضوابط وقيود مُحددة، أهمها ندرة هذه الموارد. كما يُعرف علم الاقتصاد بأنه علم تحليل إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات.
كما أن الاقتصاد علم اجتماعي، يركز على دراسة كيفية قيام الأفراد والحكومات والدول بالاختيار من بين مجموعة واسعة من الاحتياجات في ظل محدودية الموارد (التي غالبًا لا تكفي لتلبية كل الاحتياجات). كذلك، فإن علم الاقتصاد يركز على دراسة خيارات الأفراد في الحصول على السلع والخدمات، وسبب وكيفية اتخاذهم لقراراتهم.
وينقسم علم الاقتصاد إلى فرعين أساسيين، هما:
– الاقتصاد الجزئي Microeconomics
هو دراسة الاقتصاد على المستوى الفردي أو التجاري؛ أي أنه يركز على المستهلكين والأفراد والشركات. ويعني بدراسة كيفية تصرف الأفراد أو الشركات في ظل الندرة والتدخل الحكومي. ويتضمن الاقتصاد الجزئي مفاهيم مثل العرض والطلب، ومرونة الأسعار، والكمية المطلوبة والكمية المعروضة.
– الاقتصاد الكُلي Macroeconomics
والذي يهتم بدراسة أداء وهيكل الاقتصاد بأكمله، بمعنى أنه لا يركز بشكل أساسي على دراسة الأسواق الفردية. يشمل الاقتصاد الكلي مفاهيم مثل الناتج المحلي الإجمالي، والتضخم، والتجارة الدولية، والبطالة، والاستهلاك، والإنتاج الوطني.
يمكننا التمييز بين الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي ومجالاتهما الرئيسية من الشكل التالي:
شكل رقم (1): الفرق بين الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي
وبشكل عام، يمكن القول إن الاقتصاد الجزئي يركز علَى الأفراد والمؤسسات بشكل أكبر، كما يركز على أداء الشركات نفسها. في حين أن الاقتصاد الكلي يركز علَى الأداء الاقتصادي الإجمالي والمؤشرات الاقتصادية العامة لكل بلد على المستوى العام.
الهدف من دراسة الاقتصاد عمومًا هو فهم طبيعة عملية اتخاذ القرار الكامنة خلف تخصيص الموارد المتاحة حاليًّا. مع الأخذ في الاعتبار أن الاحتياجات دائمًا غير محدودة، في حين أن الموارد محدودة.
إننا نمارس أنشطة الاقتصاد بشكل مستمر في حياتنا اليومية؛ فعندما نحتاج إلى شراء سلع متنوعة، نكون أمام مجموعة من “الخيارات”. ولكن غالبًا ما نكون أمام واقع الميزانية المحدودة (القيود)، وبالتالي نكون مجبرين على الاختيار في ظل هذه الندرة للموارد.
وعلى المستوى العام، ترتبط الأنظمة الاقتصادية بالأنظمة السياسية لبلد ما ارتباطًا وثيقًا، وتحدد بشكل مشترك مستوى رفاهية مواطنيها.
ثانيًا: نشأة وتطور علم الاقتصاد
من الشائع أن جذور الفكر الاقتصادي ترجع إلى الإغريق (اليونانيين القدماء). على سبيل المثال، كان الشاعر اليوناني هسيودوس Hesiod (عاش في القرن الثامن قبل الميلاد) أول من دعا إلى التوفيق بين الموارد والاحتياجات.
وقد ذُكر عنه أنه كتب عن ضرورة التخصص في العمل للتغلب على مشكلة ندرة الموارد. ولهذا السبب، يُقال إن هسيودوس كان “أول اقتصادي في التاريخ”.
رواد علم الاقتصاد الحديث
ومع ذلك، فإن التأريخ للفكر الاقتصادي الحديث يرتبط بشكل مباشر بظهور المفكر والاقتصادي الإسكتلندي آدم سميث Adam Smith (1723- 1790). كان كتاب آدم سميث “تحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم” An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of Nations بمنزلة ثورة في الفكر الاقتصادي الحديث.
وفيه حاول سميث تحليل وفهم الأسباب الكامنة وراء تحقيق أمة ما للنمو الاقتصادي، وعدم مقدرة أمة أخرى على تحقيقه. كما دعا إلى ترك الأسواق تنظم نفسها، وعدم تدخل الحكومات بشكل مباشر في الأسواق، في إشارة إلى مفهوم “السوق الحرة” Free-market.
وبشكل عام يمكن القول إن العديد من النظريات الاقتصادية الحديثة الشائعة الآن ترجع إلى أفكار وإسهامات آدم سميث، وتحديدًا إلى كتابه “ثروة الأمم”. ولهذا السبب يُطلق عليه “الأب الروحي لعلم الاقتصاد” The Father of Economics.
وبمرور الوقت ظهر اقتصاديون آخرون كانت لهم إسهامات واضحة في وضع أسس ومبادئ علم الاقتصاد. على سبيل المثال، رفض توماس مالتوس Thomas Malthus معظم أفكار آدم سميث، ودعا إلى ضرورة تركيز علم الاقتصاد على حل مشكلة ندرة الموارد، بدلًا من الطلب عليها.
كما توقع أن النمو السكاني سوف يفوق الإمدادات الغذائية. ولكن ثبت أنه مخطئ، إذ لم يتوقع الابتكارات التكنولوجية التي من شأنها أن تسمح للإنتاج بمواكبة النمو السكاني.
والأمر نفسه ينطبق على كارل ماركس Karl Marx، والذي كانت له آراء مختلفة عن آراء آدم سميث أيضًا، وأعلن إن وسائل الإنتاج هي أهم المكونات في أي اقتصاد.
وتلا ذلك ظهور كثير من النظريات والأفكار الاقتصادية، وكذلك المدارس الاقتصادية المختلفة، التي انصب تركيزها على معالجة المشكلات الاقتصادية عميقة الجذور، ومحاولة صياغة قوانين ومبادئ يمكن من خلالها استخدام الموارد بالشكل الأمثل.
ثالثًا: مبادئ علم الاقتصاد
عندما نتحدث عن مبادئ علم الاقتصاد، فإننا نحاول دراسة المفاهيم الاقتصادية الأساسية، ودراسة كيفية إدارة الموارد والتعامل مع مشكلة الندرة.
ومن خلال دراسة كل من الاقتصاد الجزئي (سلوك المستهلكين والشركات) والاقتصاد الكلي (العوامل الاقتصادية الرئيسية، مثل الناتج القومي والتوظيف والتضخم ومعدلات الفائدة)، يمكننا التفكير بطريقة خبراء الاقتصاد نفسها، وفهم كيفية عمل اقتصاد السوق الحديثة ووظائفها.
كذلك، سوف نتعرف على العوامل التي تحدد النمو على المدى الطويل والتقلبات قصيرة المدى. ومن خلال ذلك يمكننا فهم كيفية تطبيق علم الاقتصاد على حياتنا اليومية بشكل أفضل.
سنتعرف فيما يلي على أهم المفاهيم الاقتصادية التي قد تلعب دورًا مهمًّا في تغيير نظرتنا لعلم الاقتصاد.
1- العرض والطلب
يعد مفهوم العرض والطلب Supply and Demand من أهم مبادئ علم الاقتصاد على الإطلاق. وبشكل عام، فإنه يوفر إطارًا أساسيًّا لتقييم كفاءة المنظومة الاقتصادية.
- العرض Supply: هو كمية السلع (أو الخدمات) التي يعرضها المنتجون للبيع بسعر معين.
- الطلب Demand: يشير إلى كمية السلع (أو الخدمات) التي يرغب المستهلكون في شرائها بسعر معين.
- السعر Price: يمثل نتيجة للصراع الدائم بين العرض والطلب.
ويرتبط قانون العرض والطلب Law of Supply and Demand، وهو أحد أبسط القوانين الاقتصادية، بطريقة أو بأخرى بجميع مبادئ علم الاقتصادي تقريبًا.
عمليًّا، فإن استعداد المنتجين (العرض) وقدرة المستهلكين (الطلب) هي العوامل التي تحدد سعر توازن السوق Market Equilibrium Price، أو السعر الذي تكون فيه كمية السلع التي يعرضها المنتجون مساوية للكمية التي يطلبها المستهلكون. وبالتالي فإن قانون العرض والطلب واضح وصريح، إذ ينص على:
- قانون العرض Law of Supply: كلما ارتفع سعر السلعة، ازداد المعروض منها.
- قانون الطلب Law of Demand: كلما ارتفع سعر السلعة، انخفض الطلب عليها من قبل المستهلكين.
الشكل أدناه يمثل منحنى العرض ومنحنى الطلب وكيفية الوصول إلى نقطة التوازن:
شكل رقم (2): شكل تمثيلي يوضح نظرية وقانون العرض والطلب
الأمر الجدير بالملاحظة هنا هو أن نقطة التوازن تظل دائمًا بعيدة المنال وتتقلب بشكل مستمر. كما أن الزمن Time يمثل بُعدًا إضافيًّا مهمًّا في هذه المعادلة. فغالبًا ما يتم قياس الكمية المطلوبة أو المعروضة بوحدات السلعة خلال فترة زمنية معينة.
وبالتالي يمكن أن تؤثر الفترات الزمنية الأطول أو الأقصر على أشكال منحنيَي العرض والطلب.
2- نظرية السوق الحرة
السوق الحرة Free Market: من أهم مبادئ علم الاقتصاد، وهي نظام اقتصادي قائم على العرض والطلب، في ظل سيطرة حكومية ضئيلة على الشأن الاقتصادي، أو عدم وجود تدخل حكومي على الإطلاق.
وتشير السوق الحرة إلى كل التبادلات الطوعية التي تحدث في بيئة اقتصادية معينة. وتتميز الأسواق الحرة بترتيبات تلقائية ولا مركزية، يتخذ الأفراد من خلالها القرارات الاقتصادية بمحض إرادتهم دون أي تدخلات.
– فرضيات نظرية السوق الحرة
في السوق الحرة المثالية، فإن إجمالية كمية السلعة التي يعرضها المنتجون ستصل بمرور الوقت إلى حالة من التوازن التلقائي مع إجمالي الكمية التي يطلبها المستهلكون. وبالتالي، فإن هناك فرضيتين أساسيتين للسوق الحرة الداعمة للاقتصاد، هما:
- ضمان وجود منافسة كاملة.
- الحد من القيود واللوائح الحكومية “غير الضرورية”.
الفرضية الأولى (وجود المنافسة المثالية) تعني أنه يجب ألا يستحوذ أحد على السوق، وألا يمتلك من المقومات ما يكفي للتأثير على حركة السوق الطبيعية (لأسباب تتعلق بحصته الضخمة في السوق أو ما يملكه من احتياطيات نقدية).
ذلك لأنه في حال وجود أمثال هؤلاء اللاعبين الرأسماليين الكبار، فإنه يكون لديهم ما يكفي للقضاء على اللاعبين الصغار، وبالتالي الإخلال بمبدأ المنافسة.
في مثل هذه الحالات، تصبح اللوائح الخاصة بمنع الاحتكارات والممارسات غير العادلة مهمة للغاية من أجل ضمان استمرار كفاءة السوق.
وعلى الجانب الآخر، فإن وضع كثير من القيود الحكومية (في صورة لوائح وقوانين وحصص مشاركة)، من شأنه إعاقة عملية توازن الأسواق وعدم كفاءة المنظومة الاقتصادية. وخير مثال على ذلك نستمده من تجربة الهند، والتي كانت على شفا هاوية الإفلاس قبل أن تحرر اقتصادها.
الشكل التالي يلخص جميع فرضيات نظرية السوق الحرة:
شكل رقم (3): فرضيات نظرية السوق الحرة
ومع ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا هو: ما المدى الذي يجب أن يصل إليه التدخل الحكومي في الشأن الاقتصادي؟
والحقيقة أنه لا توجد إجابة محددة على هذا التساؤل. ولكن بشكل عام، فإن كل الآراء التي تطالب بالتدخل الحكومي اللامحدود في الأسواق، وتلك التي ترفض بشكل قاطع أي تدخل حكومي، يجب طرحها بعيدًا وعدم الأخذ بها.
هذا يعني أنه، وبإجماع الكثيرين من خبراء الاقتصاد، يُفضل أن يكون هناك قدر معين من التدخل الحكومي في الاقتصاد. على أن يكون في صورة قوانين وتشريعات تنظم عمل الأسواق، وتحد من الممارسات غير الشرعية التي تتم من خلاله.
3- التكلفة والكفاءة والندرة
نظرًا إلى أننا نناقش مبادئ علم الاقتصاد، فلا يمكن تجاهل بعض المفاهيم الاقتصادية الأكثر أهمية. وتكمن أهميتها في إمكانية تأثيرها المباشر على حياتنا اليومية، خاصة على سلوكنا في الإنفاق والاستهلاك.
– تكلفة الفرصة البديلة Opportunity Cost
تشير إلى المزايا والفوائد التي قد يفقدها المستثمر أو الشركة أو الفرد عند اختيار وتفضيل بديل على آخر. إن فهم الفرص المحتملة التي يتم التخلي عنها من خلال تفضيل استثمار على آخر (أو شراء سلعة على حساب سلعة أخرى) يسمح لنا باتخاذ قرارات أفضل.
على سبيل المثال، إذا كنت طالبًا جامعيًّا، قد تتخلى عن حضور درس الفيزياء من أجل الاستمتاع بممارسة هواية مفضلة لديك. في هذه الحالة يكون خطر عدم فهم درس الفيزياء وانخفاض أدائك الدراسي هو تكلفة الفرصة البديلة.
ومع ذلك، هناك كثير من الضوابط التي تحكم هذه النظرية، فكل فرد أو كيان لديه وجهة نظر مختلفة فيما يتعلق بتكلفة الفرصة البديلة، حيث تتغير احتياجات وموارد الأفراد والكيانات بمرور الوقت.
– الكفاءة الاقتصادية Economic Efficiency
تشير الكفاءة الاقتصادية إلى الطريقة التي تجري من خلالها إدارة وتخصيص الموارد الاقتصادية على النحو الأمثل لخدمة كل فرد أو كيان وبأفضل طريقة لضمان تقليل الفاقد (الهدر) من أجل تحقيق أقصى منفعة ممكنة.
كما أنها تساعد على قياس المخرجات (الإنتاج) التي يتم التحصل عليها من قدر معين من المدخلات (الموارد)، مع أقل نسبة من الفاقد. وعادة ما يكون للقدرة التكنولوجية دور مهم في تحديد الحد الأقصى من الكفاءة التي يمكن الوصول إليها أو تحقيقها.
إن حالة الكفاءة الاقتصادية هي في الأساس نظرية أو حدّ، يمكن الاقتراب منه، ولكن لم يتم الوصول إليه مطلقًا. ولذلك، عادة ما ينظر الاقتصاديون إلى مقدار الخسارة، المشار إليها باسم الهدر، على أنها حدّ فاصل بين الكفاءة البحتة والواقع الحقيقي لقياس مدى كفاءة الأداء الاقتصادي.
– الندرة Scarcity
تعد الندرة أحد مبادئ علم الاقتصاد، وتشير إلى مشكلة اقتصادية أساسية تتمثل في وجود فجوة بين الموارد المحدودة والاحتياجات غير المحدودة. وغالبًا ما تظهر الندرة عندما يكون الطلب على المورد أكبر من المعروض منه، لأسباب تتعلق بمحدودية المورد ذاته.
وبالتالي يمكن أن تكون الندرة ناتجة عن العرض، أو عن الطلب. فقد يظل العرض ثابتًا في الوقت الذي ينمو فيه الطلب بشكل كبير.
تذكر دائمًا أن البشر لديهم رغبات غير محدودة، في حين أن وسائل الإنتاج محدودة (مثل الأرض والعمل ووسائل الإنتاج). ويتطلب حل هذه الإشكالية اتخاذ قرارات عقلانية حول كيفية تخصيص الموارد بكفاءة، من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية وأكبر قدر ممكن من الاحتياجات الإضافية.
4- حد إمكانية الإنتاج Production Possibility Frontier أو (PPF)
ويُطلق عليه أيضًا منحنى إمكانية الإنتاج Production Possibility Curve، أو منحنى التحول Transformation Curve. ويعد مصطلح “حد إمكانية الإنتاج” من أهم مصطلحات الاقتصاد الجزئي.
وهو عبارة عن منحنى (تمثيل بياني) يوضح الكميات المحتملة التي يمكن لاثنين من المنتجين إنتاجها، إذا كان كلاهما يعتمد على المورد المحدد نفسه لتصنيعه.
ويلعب حد إمكانية الإنتاج دورًا مهمًّا في الاقتصاد. إذ يمكن استخدامه لتحديد النقطة التي يصل فيها اقتصاد دولة ما إلى أعلى مستوى من الكفاءة، بحيث ينتج فقط ما هو مؤهل لإنتاجه ومن ثم تصديره إلى دول أخرى، مقابل سلع ضرورية يحتاج إليها.
الشكل التالي يوضح لنا الفكرة الرئيسية لحد أو منحنى إمكانية الإنتاج:
شكل رقم (4): منحنى إمكانية الإنتاج PPF
وبالتالي يمكن القول إن حد إمكانية الإنتاج يعتبر جسرًا يربط بين المفاهيم الثلاثة (التكلفة، الكفاءة، والندرة). على سبيل المثال، إذا افترضنا أن اقتصاد دولة ما يُنتج سلعتين فقط؛ هما الأسلحة والسيارات. في هذه الحالة يمكن لهذا الاقتصاد أن يُنتج كمية أكبر من الأسلحة، فقط، إذا قلل من إنتاجه من السيارات.
وتُظهر كل نقطة على منحنى إمكانية الإنتاج أقصى ما يمكن للاقتصاد إنتاجه (أي أقصى إمكانية يتحملها الاقتصاد).
ولذلك، يجب على الدول أن تحاول خلق توازن بين إنتاج الاثنين في ظل ندرة الموارد، وهو ما ينطبق على أي موارد تتسم بالندرة، وعلى أي مستوى محتمل من التخطيط، سواء للشخص العادي في حياته اليومية أو للشركة في طريقة تخصيصها للموارد المتاحة لها.
– المرونة Elasticity
في مجال الاقتصاد والأعمال، تشير مرونة السعر إلى الدرجة التي يغير بها الأفراد أو المستهلكون أو المنتجون كمية الطلب أو كمية المعروض من السلعة أو المنتج استجابة لتغيرات السعر أو الدخل.
وتُستخدم المرونة في الغالب لتقييم التغيير في طلب المستهلك نتيجة للتغير في سعر السلعة أو الخدمة. وفي كثير من الأحيان يعتمد ذلك على طبيعة المنتج نفسه، وما إذا كان من المنتجات الضرورية أم المنتجات التكميلية. كما يعتمد أيضًا على البدائل المتاحة في الأسواق، والحصة المخصصة لها من الميزانية، وما إلى ذلك.
إذا تغيرت كمية المعروض من السلعة بشكل كبير بناءً على تغير أسعارها، فحينئذٍ يُقال إنها “سلعة مرنة”. على سبيل المثال، إذا عُرضت أجهزة البلايستيشن (سلعة ترفيهية وليست ضرورية) بخصم 40%، فإنها ستشهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد الأجهزة المباعة.
ومن ناحية أخرى، إذا لم تتغير كمية المعروض من السلعة بشكل كبير بناءً على تغير أسعارها، فحينئذٍ يُقال إنها “سلعة غير مرنة”. على سبيل المثال، فإننا سنقوم بشراء “البصل” حتى وإن تضاعف سعره، حيث إنه سلعة ضرورية ولا توجد لها بدائل متاحة.
– المنفعة Utility
مصطلح المنفعة هو واحد من مصطلحات الاقتصاد الجزئي، ويمثل أحد أهم مبادئ علم الاقتصاد. وتشير المنفعة إلى درجة الرضا التي نصل إليها عبر استهلاك سلعة أو خدمة. من المهم فهم درجة المنفعة الاقتصادية لأي سلعة أو خدمة؛ لأنها تؤثر بشكل مباشر على الطلب، وبالتالي على سعر هذه السلعة أو الخدمة.
عمليًّا، من المستحيل قياس قدر أو مدى استفادة المستهلك من سلعة أو خدمة ما وتحديده بدقة. ومع ذلك، يعتقد بعض الاقتصاديين أنه يمكنهم بشكل غير مباشر تقدير المنفعة لسلعة أو خدمة اقتصادية من خلال استخدام نماذج مختلفة.
على سبيل المثال، أثبتت الأبحاث أن الأموال التي يكسبها المرء تساهم بشكل كبير في متوسط سعادة الحياة خلال المراحل الأولى من الحصول على تلك الثروات، لكن دورها يتضاءل بشكل حاد مع نمو الدخل.
وهذا ما يُطلق عليه “قانون المنفعة الحدية” Law of Diminishing Marginal Utility. والذي يركز على قياس مقدار المنفعة التي يتحصل عليها الفرد من استهلاك كل وحدة إضافية من السلعة. مثال بسيط: لن تستمتع بقطعة الشكولاتة الثالثة بالقدر نفسه الذي شعرت به عند تناول القطعة الأولى!
5- التخصص في العمل Specialization of Labor
يعد مفهوم “التخصص في العمل” من أهم مبادئ علم الاقتصاد، وهو المفهوم الأساسي المسؤول عن النمو الاقتصادي كما نعرفه. إذا كان الكيان ناجحًا ومتميزًا في إنتاج سلعة ما (نسبة المخرجات أو الإنتاج عالية إلى المدخلات أو الموارد)، فإنه يتمتع بميزة كبيرة على كيان آخر لا يملك هذه الكفاءة في إنتاج هذه السلعة قيد الدراسة.
على سبيل المثال، إذا كانت دولة ما تملك الكفاءة اللازمة لإنتاج السيارات، في حين أن دولة أخرى تملك الكفاءة لتصنيع الملابس، فمن الطبيعي والمنطقي أن تنتج كل دولة ما تُجيده، ومن ثم تُبادله بسلع أخرى تحتاج إليها.
وبالإضافة إلى ذلك، أثبتت الدراسات أن تكلفة الإنتاج لكل وحدة منتجة تنخفض في حال إنتاج قدر أكبر وأكبر من السلعة. وحتى في حال أضفنا نفقات الإعداد الأولية (التي تستخدم لمرة واحدة) كجزء من النفقات، ستكون التكلفة أقل أيضًا كلما تم إنتاج المزيد من السلعة.
وبالتالي يساعد التخصص في العمل على زيادة وجودة الإنتاج من ناحية، وتقليل الفاقد أو الهدر من ناحية أخرى.
لتقدير قيمة هذه النظرية وأهميتها، تخيل أنك تعيش بمفردك في عالم عليك أن تُنتج فيه كل شيء لنفسك. كيف تتصور مستوى معيشتك؟
في هذه الحالة يمكن القول إننا من المحتمل أن نعود لنمط القرون الوسطى. إذ علينا أن نزرع لإنتاج طعامنا، ونصنع لكفاية احتياجاتنا والدفاع عن ممتلكاتنا.
وحينذاك، لن تكون لدينا هذه الرفاهية في العيش، من أجهزة تكنولوجية متطورة، ووظائف مريحة، ومنازل مكيفة، ووسائل الرفاهية الأخرى.
– نظرية الميزة النسبية Theory of Comparative Advantage
بالنظر إلى أهمية فكرة “التخصص في العمل”، فقد حاول خبراء الاقتصاد على مر العصور التوصل إلى نظريات أو قوانين من شأنها تحديد القيمة الكامنة في هذه الفكرة. وتُصنف نظرية الميزة النسبية لدافيد ريكاردو David Ricardo باعتبارها أحد أهم النظريات الاقتصادية على الإطلاق، وتُشكل مبدأ أساسيًّا من مبادئ علم الاقتصاد.
وتنص نظرية الميزة النسبية على أنه من مصلحة كل دولة التخصص في إنتاج سلعة معينة بتكلفة أقل مقارنة بأي اقتصاد آخر، من خلال عوامل الإنتاج المتوفرة لديها؛ مع أخذ تكلفة الفرصة البديلة في الاعتبار.
هذا يعني أنه يتوجب على الدولة إنتاج السلع التي تكون تكلفة إنتاجها (على الدولة) أقل، وبيعها بأسعار أقل من منافسيها وتحقيق هوامش ربح أكبر. وفي الوقت نفسه التضحية بإنتاج سلع أخرى (تكلفة الفرصة البديلة)، ما يجعل الدولة تتمتع بميزة نسبية في إنتاج هذه السلعة.
لذلك، تعتبر نظرية الميزة النسبية واحدة من أهم المفاهيم في النظرية الاقتصادية، والمبدأ الأساسي للحجة القائلة بأن جميع الجهات الفاعلة يمكن أن تستفيد بشكل متبادل من التعاون والتجارة الدولية. ولهذا السبب تشكل أيضًا مبدأ أساسيًّا في نظرية التجارة الدولية International Trade.
تعليق ختامي
يهتم علم الاقتصاد بكيفية عمل وسلوك الاقتصاد والمشاركين فيه. كما يركز على كيفية إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها، واستهلاك الأفراد والشركات والمؤسسات. ويهتم الاقتصاد أيضًا بمشكلة ندرة الموارد، وبكيفية تخصيص هذه الموارد من قبل الحكومات والشركات لتلبية رغبات واحتياجات المستهلكين.
هذا فضلًا عن أن أحد المجالات الرئيسية التي يركز عليها الاقتصاد هو دراسة الكفاءة المحيطة بالإنتاج، وتبادل السلع نتيجة للحوافز والسياسات المصمَّمة لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة.
قد نعتقد في البداية أن دراسة علم الاقتصاد تشتمل على بعض التعقيدات والمفاهيم الغامضة. ولكن بمجرد فهم واستيعاب مدى أهمية مبادئ علم الاقتصاد بالنسبة لأي شخص يتفاعل مع الأسواق، سندرك قيمة هذا العلم في عصر يعتبر فيه امتلاك المال أحد المحددات الأساسية للقدرة على جني المزيد منه.
لذلك، سيكون فمن الأفضل أن نحصل على الأساسيات والمبادئ الصحيحة لعلم لاقتصاد الحديث.
الخلاصة
- علم الاقتصاد من العلوم الاجتماعية، ويعنى بدراسة كيفية استخدام الموارد في ظل ضوابط وقيود محددة، أهمها ندرة هذه الموارد. كما أنه علم تحليل إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات.
- ينقسم علم الاقتصاد إلى فرعين أساسيين، هما:
- الاقتصاد الجزئي: الذي يهتم بدراسة الاقتصاد على المستوى الفردي أو التجاري.
- الاقتصاد الكُلي: الذي يهتم بدراسة أداء وهيكل الاقتصاد بأكمله.
- مبادئ علم الاقتصاد:
- العرض والطلب:
- العرض: هو كمية السلع (أو الخدمات) التي يعرضها المنتجون للبيع بسعر معين.
- الطلب: هو كمية السلع (أو الخدمات) التي يرغب المستهلكون في شراءها بسعر معين.
- نظرية السوق الحرة:
- نظرية اقتصادية تدعو إلى تنظيم الأسواق بناءً على العرض والطلب، في ظل سيطرة حكومية ضئيلة.
- التكلفة والكفاءة والندرة:
- تكلفة الفرصة البديلة:
- تشير إلى المزايا والفوائد التي قد يفقدها المستثمر أو الشركة أو الفرد عند اختيار وتفضيل بديل على آخر.
- الكفاءة الاقتصادية:
- الطريقة التي تجري من خلالها إدارة وتخصيص الموارد الاقتصادية على النحو الأمثل لخدمة كل فرد أو كيان.
- الندرة:
- مشكلة اقتصادية أساسية تتمثل في الفجوة بين الموارد المحدودة والاحتياجات غير المحدودة.
- تكلفة الفرصة البديلة:
- حد إمكانية الإنتاج:
- عبارة عن منحنى يوضح الكميات المحتملة التي يمكن إنتاجها من منتجين، إذا كان كلاهما يعتمد على المورد المحدد نفسه لتصنيعه.
- المرونة:
- هي الدرجة التي يغير بها الأفراد أو المستهلكون أو المنتجون كمية الطلب أو كمية المعروض من السلعة استجابة لتغيرات السعر أو الدخل.
- المنفعة:
- تشير إلى درجة الرضا التي نصل إليها عبر استهلاك سلعة أو خدمة معينة.
- التخصص في العمل:
- إذا كان الكيان ناجحًا ومتميزًا في إنتاج سلعة ما، فإنه يتمتع بميزة كبيرة على كيان آخر لا يملك الكفاءة في إنتاج هذه السلعة .
- نظرية الميزة النسبية:
- من مصلحة كل دولة التخصص في إنتاج سلعة معينة بتكلفة أقل مقارنة بأي اقتصاد آخر، من خلال عوامل الإنتاج المتوفرة لديها؛ مع أخذ تكلفة الفرصة البديلة في الاعتبار.
للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.