تحظى النماذج السعرية Chart Patterns باهتمام بالغ من المتداولين في مختلف أسواق المال. وتعد نماذج المثلثات عمومًا -ونموذج المثلث الصاعد بشكل خاص- من أكثر النماذج السعرية أهمية وأكثرها شيوعًا بين المتداولين، وذلك لما تتمتع به من مميزات تجعلها تحتل مكانة بارزة من بين جميع النماذج السعرية الأخرى.

وتتمثل أهم مميزات نماذج المثلثات في: سهولة اكتشافها وتحديدها على الرسوم البيانية لأسواق الأسهم والسلع والعملات الأجنبية، ومختلف أسواق المال الأخرى. كما أنها تظهر مرارًا وتكرارًا في مختلف الأسواق. لذا فهي تمنح المتداولين إمكانية التداول عليها في أي وقت طالما استوفت الشروط اللازمة.

وكذلك، تظهر نماذج المثلثات على أي إطار زمني، بدءًا من الأطر اللحظية الصغرى وحتى الأطر الكبرى مثل الإطار الأسبوعي أو الشهري. وبالتالي تمنح المتداولين ميزة التداول على المدى القصير أو المتوسط أو المدى الطويل. وباستخدامها تكون نسبة المخاطر إلى الربح جيدة للغاية.

في هذا المقال سنتعرف على نموذج المثلث الصاعد من حيث كيفية تشكله على الرسوم البيانية وأبرز مميزاته وخصائصه. كما سنلقي الضوء على أهم العناصر التي تشكل النموذج وتؤكد صلاحيته للتداول. كذلك سنعرض مثال للتداول باستخدامه. وأخيرًا سنعرض واحدة من استراتيجيات التداول على النموذج.

أولًا: ما هو نموذج المثلث الصاعد؟

نموذج المثلث الصاعد Ascending Triangle، هو واحد من أكثر النماذج السعرية أهمية وأكثرها شهرة بين المتداولين.

والمثلث الصاعد نموذج استمراري صعودي Bullish Continuation Pattern، أي أنه يتشكل عادة خلال الاتجاه الصاعد، ويُشير إلى احتمالية استمرار السعر في اتجاهه الصعودي عقب اكتماله.

وبالرغم من ذلك هناك بعض الحالات يكون فيها المثلث الصاعد بمنزلة نموذج انعكاسي، وذلك عندما يتشكل في نهاية الاتجاه الهبوطي. إلا أنه عادة ما يُصنف باعتباره نموذجًا استمراريًّا.

الشكل التوضيحي أدناه يزودنا بفكرة مبدئية عن كيفية تشكيل نموذج المثلث الصاعد في الاتجاه الصعودي:

رسم تخطيطي يوضح كيفية تشكل نموذج Ascending Triangle

شكل رقم (1): رسم تخطيطي يوضح كيفية تشكل نموذج المثلث الصاعد.

وكما نلاحظ من الرسم التخطيطي أعلاه، يتشكل النموذج عادة في أثناء الاتجاه الصعودي للسعر، ويشير إلى احتمالية استمرار الاتجاه صاعدًا.

ويُطلق عليه اسم المثلث الصاعد نظرًا لأن حركة السعر تشكل عددًا من القيعان الصاعدة بالأسفل، والتي يمكن ربطها معًا بخط اتجاه صعودي. لاحظ النسق التصاعدي للقيعان السفلية التي تشكل النموذج.

بينما تتشكل في الأعلى مجموعة من القمم المتساوية تقريبًا، والتي يمكن ربطها بخط أفقي يمثل مستوى مقاومة. وبكسر هذا المستوى، قد يكون النموذج صالحًا للتداول بعد استيفاء شروط معينة (سنتناولها بالتفصيل لاحقًا).

– مميزات نموذج المثلث الصاعد

كما سبق وأشرنا، ينتمي هذا النموذج إلى النماذج الفنية أو السعرية. ومن المعروف أن النماذج السعرية تنقسم إلى نوعين رئيسيين، هما:

وكما سبقت الإشارة أيضا، يُصنف المثلث الصاعد باعتباره نموذجًا فنيًّا استمراريًّا. وبالتالي فإنه يشتمل على جميع المميزات الخاصة بالنماذج الفنية عمومًا، ومن أبرزها:

  • سهولة اكتشافه على الرسوم البيانية.
  • ظهوره مرارًا وتكرارًا في مختلف الأسواق المالية، وعلى الأطر الزمنية كافة.
  • يزود المثلث الصاعد المتداولين بكافة عناصر التداول الرئيسية، أي:
    • نقاط دخول الصفقات Entry Points.
    • نقاط وقف الخسارة Stop Loss.
    • جني الأرباح Take Profits.
  • كما أن نسبة الربح إلى الخسارة تكون جيدة للغاية، حيث إن أمر إيقاف الخسارة غالبًا ما يكون قريبًا من نقطة الدخول.

لكل هذه الأسباب، تحظى نماذج المثلثات عمومًا، ونموذج المثلث الصاعد على وجه الخصوص، باهتمام المتداولين؛ لأنها توفر فرص تداول غاية في القوة والموثوقية.

ثانيًا: أهم سمات وخصائص نموذج المثلث الصاعد

بغض النظر عن مواضع تشكل نماذج المثلثات الصاعدة، فإنها تُصنف باعتبارها نماذج صعودية تُشير إلى عملية التجميع (التراكم).

والتراكم (أو التجميع) Accumulation هو مصطلح يُشير إلى اهتمام كبار المستثمرين في السوق بتجميع أكبر قدر من الأصل المتداول بكميات جزئية وفي مناطق معينة على الرسوم البيانية وعلى مدى فترات زمنية طويلة نسبيًّا، وذلك بهدف الحصول عليها بأفضل سعر متاح ودفع السوق فيما بعد للصعود بدرجة هائلة.

لنتذكر أن جميع النماذج السعرية التي تتشكل على الرسوم البيانية تحتاج لاتجاه واضح لتحديدها. وفي حالة المثلث الصاعد نحتاج أن يكون الاتجاه السابق لتشكيله صاعدًا لدعم الاختراق، ومع ذلك:

  • يمكن أن تتشكل المثلثات الصاعدة ضمن الاتجاهات الصعودية (وفي هذه الحالة تكون بمنزلة نماذج استمرارية). وهذه هي الحالات الأكثر شيوعًا لظهور النموذج.
  • كما يمكن أن تتشكل المثلثات الصاعدة ضمن الاتجاهات الهبوطية (وفي هذه الحالة تكون بمنزلة نماذج انعكاسية). مع العلم أن حالات ظهورها كنماذج انعكاسية نادرة للغاية.

بالإضافة إلى ذلك، وبسب مظهره على الرسوم البيانية، يمكن أيضًا الإشارة إلى المثلث الصاعد على أنه “مثلث الزاوية اليمنى” Right-angle Triangle. لأنه بتمديد خط الاتجاه الصعودي السفلي، سيصل إلى مستوى المقاومة الأفقي العلوي لينتج لنا شكل “مثلث” زاويته إلى اليمين.

– كيفية تشكل المثلث الصاعد

يبدأ نموذج المثلث الصاعد بتشكيل قمتين متساويتين أو أكثر في خط أفقي في أعلى المثلث. وفي المقابل يتشكل قاعين متصاعدين أو أكثر يُشكلان خط اتجاه صعودي في الأسفل، كلما ارتفع يتقارب مع الخط الأفقي العلوي.

  • إذا تم تمديد كلا الخطين إلى اليمين، فإن خط الاتجاه الصعودي (السفلي) يمكن أن يكون بمنزلة الوتر للمثلث الصاعد.
  • وإذا رسمنا خطًّا عموديًّا لأسفل بداية من الطرف الأيسر للمثلث، أي من الخط الأفقي (العلوي) إلى خط الاتجاه الصعودي السفلي، فسوف يكتمل شكل المثلث الصاعد.

وبالتالي فإن نموذج المثلث الصاعد يشتمل على مكونين أو عنصرين رئيسيين:

  • الأول: عبارة عن خط مقاومة أفقي يكون في الغالب تاليًا لحركة صعودية للسعر، وهو يدل على أن السعر حاول كسر المقاومة عدة مرات وفشل في جميعها.
  • الثاني: هو خط اتجاه صعودي يكون بمنزلة مستوى دعم صعودي للقيعان المتصاعدة.

الرسم البياني أدناه يتضمن مثالًا لكيفية تشكيل وعناصر النموذج وتأثيراته الصعودية:

مثال لكيفية تشكيل وعناصر نموذج المثلث الصاعد على الرسم البياني

شكل رقم (2): مثال لكيفية تشكيل وعناصر نموذج المثلث الصاعد على الرسم البياني.

والآن لنفحص كل واحد من العناصر -وغيرها- التي تشكل النموذج على حدة.

ثالثًا: العناصر التي تُشكل نموذج المثلث الصاعد

على الرغم من أن مستوى المقاومة العلوي وخط الاتجاه السفلي يمثلان العناصر الرئيسية لتشكيل النموذج، فإن هناك مجموعة من العناصر الأخرى التي تشكل النموذج وتؤكد صلاحيته للتداول، نوجزها فيما يلي:

1- الاتجاه Trend

  • من أجل تصنيف المثلث الصاعد كنموذج استمراري، يجب أن يكون هناك اتجاه صعودي قائم بالفعل.
  • ومع ذلك، ونظرًا لكون المثلث الصاعد هو نموذج صعودي، فإن طول ومدة الاتجاه الرئيسي قبل تشكيل النموذج يحظى بأهمية قوة النموذج نفسها، وهو أمر بالغ الأهمية.

2- مستوى المقاومة الأفقي العلوي

  • لتشكيل نموذج المثلث الصاعد فإن الأمر يستلزم تشكيل قمتين علويتين على الأقل لتشكيل خط المقاومة الأفقي العلوي.
  • ومع ذلك، ليس من الضروري أن تكون القمم جميعها متساوية بالضبط، بل يجب أن تكون متقاربة من بعضها بحيث يمكن ربطها بمستوى مقاومة أفقي. كما يجب أن تكون هناك مسافة واضحة بين كل قمة وأخرى.

3- خط الاتجاه الصعودي السفلي

  • الأمر يستلزم قاعين على الأقل لتشكيل خط اتجاه صعودي سفلي. يجب أن تكون هذه القيعان متصاعدة بشكل تدريجي بحيث يكون كل قاع أعلى من سابقه. كما يجب أن تكون المسافات بين كل قاع وآخر واضحة ومحددة.
  • إذا كان القاع الأحدث (الذي تم تشكيله أخيرًا) أدنى من القاع الذي يسبقه، يكون نموذج المثلث الصاعد غير صالح للتداول.

4- المدة (مدة تشكيل النموذج) Duration

  • يمكن أن يتراوح طول النموذج من بضعة أسابيع إلى عدة أشهر، ومتوسط مدة تشكيله من شهر إلى ثلاثة أشهر. ومع ذلك فإن الأمر يتوقف على الإطار الزمني الذي نتداول عليه.
  • على سبيل المثال، إذا كنا نعمل على الأطر الزمنية الصغيرة، كإطار الساعة فما أقل، فقد يستغرق تشكيل النموذج بضعة أيام.

5- أحجام التداول Volume

  • مع تطور النموذج (وصوله إلى مراحل متقدمة من تشكله) عادة ما تتقلص أحجام التداول. غير أنه عندما يحدث الاختراق الصعودي يجب أن يقترن هذا الاختراق بارتفاع كبير في أحجام التداول لتأكيده.
  • وبالرغم من أن الحصول على تأكيد الاختراق من قراءة أحجام التداول يعد أمرًا مُهمًا ومُفضلًا، إلا أنه ليس شرطًا رئيسيًّا.

6- العودة إلى الاختراق (إعادة الاختبار)

  • من المبادئ الأساسية في التحليل الفني أن تتحول المقاومة بعد كسرها إلى دعم، والعكس صحيح. وعندما يتم كسر خط المقاومة العلوي للمثلث الصاعد، فإن المقاومة تتحول مباشرًة إلى دعم.
  • في بعض الأحيان يعود السعر مرة أخرى إلى مستوى الدعم الجديد هذا لإعادة اختباره Retest قبل المُضي قُدمًا في اتجاهه الصعودي. غير أنه في أحيان أخرى لا يعود لإعادة الاختبار.

7- الهدف Target

  • بمجرد حدوث الاختراق يمكن تحديد الهدف عن طريق قياس أوسع مسافة للنموذج (من نقطة بداية الخط الأفقي العلوي في الجهة اليسرى من المثلث وحتى نقطة بداية خط الاتجاه الصعودي السفلي) وتحديد الهدف بداية من نقطة الاختراق بعدد نقاط هذه المسافة نفسه.

رابعًا: التأثيرات المتوقعة لنموذج المثلث الصاعد على حركة السعر

على النقيض من نموذج المثلث المتماثل Symmetrical Triangle، تكون للمثلث الصاعد نتائج صعودية مُحددة سلفًا قبل حدوث الاختراق الفعلي.

وللعلم فإن المثلث المتماثل يُعد نموذج محايد (غير معروف النتائج)، حيث يعتمد فقط على وجهة الاختراق لتحديد الحركة السعرية التالية.

أما في حالة المثلث الصاعد، فإن الخط الأفقي العلوي يُمثل عملية العرض Supply التي تمنع السعر من التحرك بعد مستوى معين. الأمر يبدو أشبه بأوامر بيع كبيرة تم وضعها عند هذا المستوى ويستغرق تنفيذها عدة أسابيع أو شهور، وهو ما يمنع السعر من الصعود إلى ما بعد هذا المستوى.

وعلى الرغم من أن السعر لا يمكنه أن يصعد إلى ما بعد هذا المستوى، فإن القيعان السفلية تواصل صعودها (كل قاع أعلى من القاع السابق له). هذه القيعان المتصاعدة هي التي تشير إلى زيادة ضغط الشراء (أو الطلب Demand) وتمنح المثلث الصعودي هذه النزعة الصعودية الواضحة.

وبناءً على ذلك تكون لنموذج المثلث الصاعد تأثيرات إيجابية (صعودية) واضحة على حركة السعر التالية لتشكيله، وذلك بمجرد اختراق السعر لمستوى المقاومة العلوي للنموذج.

بصفة عامة، فإن ظهور نموذج المثلث الصاعد على الرسوم البيانية يشير إلى حركة صعودية وشيكة للسعر.

خامسًا: مثال للتداول باستخدام نموذج المثلث الصاعد

أفضل طريقة لفهم واستيعاب طريقة التداول على هذا النموذج تتمثل في عرض أمثلة واقعية من أسواق حية. الرسم البياني أدناه يتضمن مثالًا للتداول على المثلث الصاعد بكل التفاصيل والخطوات.

مثال للتداول على نموذج مثلث صاعد

شكل رقم (3): مثال للتداول على نموذج مثلث صاعد.

في الرسم البياني أعلاه شكلت حركة سعر البلاتين مقابل الدولار الأمريكي XPT/USD مثلثًا صاعدًا على مدى شهر تقريبًا. وانتهت بكسر مستوى المقاومة العلوي، وكان ذلك مُقترنًا بارتفاع واضح في أحجام التداول.

– عناصر تشكيل النموذج:

من قاع 8 يناير، عند مستوى 1005، بدأ السعر اتجاهًا صعوديًّا، تأكد لنا من خلال تشكيل قاع أعلى من السابق عند مستوى 1050 في نهاية يناير.

ومن ثم، واصل السعر صعوده ببطء ليُشكل عددًا من القمم المتساوية، تقريبًا عند مستوى 1130. وبالتالي ظهر لدينا العنصرين الأكثر أهمية في نموذج المثلث الصاعد، وهما خط الاتجاه الصعودي السفلي، ومستوى المقاومة الأفقي العلوي.

ما هو جدير بالملاحظة هو أن القيعان السفلية كانت تتشكل في نسق تصاعدي وبشكل تدريجي، وهو ما شكل خط اتجاه صعوديًّا.

وكما نرى، تشكل القاع الأول في 8 يناير بشمعة ذات ذيل سفلي وصل إلى مستوى 1005. وبعده تشكل قاع آخر في نهاية يناير أعلى من السابق، عند مستوى 1050.

ومن خلال ربط هذين القاعين، تشكل لدينا خط الاتجاه لربط القيعان بداية من مستوى 1005. وهو الخط الذي سيستمر معنا حتى يتم اختراق النموذج من أعلى. كما أن السعر اختبره مرة ثالثة في بداية فبراير، عند مستوى أعلى، 1076.

وبالمثل، ارتد السعر من مستوى المقاومة العلوي ثلاث مرات أيضًا. الأمر بالفعل كان أشبه ببيع أجزاء صغيرة من كتلة كبيرة في كل مرة يقترب فيها سعر السهم من مستوى 1130.

بمجرد تشكل قمتين بالأعلى، يمكننا رسم مستوى مقاومة. وكذلك الأمر، بمجرد تشكل قاعين (صعوديين) بالأسفل، يمكننا ربطهما بخط اتجاه صعودي. وهكذا تشكل لدينا نموذج مثلث صاعد واضح المعالم.

– مدة تشكيل النموذج:

استغرق النموذج في تشكيله حوالي شهر واحد، وهي تبدو مدة طويلة إلى حد ما بالنظر إلى الإطار اليومي الذي نتداول عليه. ومع ذلك كانت جميع المكونات الرئيسية للنموذج في مكانها الصحيح وتشير لتشكيل نموذج مثلث صاعد قوي.

– أحجام التداول:

فيما يتعلق بأحجام التداول، فقد انخفضت خلال شهر يناير، فترة تشكيل النموذج. غير أنها ارتفعت بشكل كبير وملحوظ منذ نهاية يناير وبداية فبراير.

ونلاحظ هذا الارتفاع في أحجام التداول خصوصًا عند تشكيل القمة الثالثة (رقم 5). ورغم ارتداد السعر من مستوى المقاومة وهبوطه إلى خط الاتجاه، عند مستوى 1076، فإن ذلك كان يشير -إجمالًا- إلى اقتراب اختراق النموذج.

وتماشيًا مع تشكيل نموذج مثالي، كان الارتفاع التالي في أحجام التداول في 6 فبراير، يشير إلى حدث مهم، ألا وهو “الاختراق”. وبالفعل، عندما كسر السعر المقاومة عند مستوى 1130، كانت أحجام التداول مرتفعة للغاية.

وقد تداول السعر على متوسط أحجام تداول أعلى من جميع الأيام السابقة للاختراق، وهو ما يعد مؤشرًا على اختراق وشيك.

– الاستعانة بمؤشر فني لتأكيد حركة السعر:

في مثالنا هذا سنستعين بمؤشر التدفقات النقدية. وتشير التدفقات النقدية إلى حجم الأموال المتدفقة إلى الأصل. ويتم قياسها عادة عن طريق مؤشر التدفقات النقدية Chaikin Money Flow أو (CMF).

وبالرغم من أن مؤشر التدفقات النقدية أعطى قراءات سلبية في الأيام السابقة، إلا أنه ما لبث أن تعافى ليُظهر قراءات إيجابية واضحة عند اقتراب الاختراق.

ومع ذلك، يمكننا بكل تأكيد الاستعانة بمؤشرات أخرى، مثل مؤشرات التذبذب أو الزخم وما إلى ذلك.

– اختراق النموذج:

بناءً على هذه المعايير، اخترق السعر الحد العلوي لنموذج المثلث الصاعد. وكان الاختراق مصحوبًا بارتفاع كبير في أحجام التداول، وأيضًا في التدفقات النقدية.

– الدخول في صفقة على الاختراق:

بمجرد اختراق السعر للحد العلوي للنموذج، كان بإمكاننا اقتناص صفقة شراء جيدة. مع وضع أمر إيقاف الخسارة أسفل آخر قاع تشكل قبيل الاختراق (قاع رقم 6) مباشرة.

وبالنسبة إلى الهدف، فيمكن الاستعانة بحجم النموذج، أي عدد نقاط المسافة الرأسية لنموذج المثلث في أقصى اتساع له. وهنا ستكون من مستوى المقاومة العلوي وحتى أدنى نقطة في القاع الأول (رقم 2).

– تحقيق الهدف:

وكما نلاحظ، انطلق السعر صعودًا حتى وصل إلى مستوى 1255 تقريبًا (وهو الهدف المحدد للصفقة) قبل أن يتراجع إلى مستوى 1214 في 11 فبراير.

لم يستغرق هذا التصحيح الهبوطي وقتًا طويلًا، وما لبث السعر أن ارتد صعودًا مرة أخرى. وهو الأمر الذي يشير إلى وجود قوة كامنة صعودية في السوق.

كذلك، فإن الأمر الجدير بالملاحظة هنا هو أن السعر اندفع صعودًا بقوة كبيرة عقب التصحيح الهبوطي ليصل إلى مستويات قياسية (لم تظهر في الصورة)، وهو ما يثير فضولنا للتعرف على كيفية الاستفادة من هذه التحركات السعرية القوية.

لنضع في اعتبارنا أن هناك طرقًا عديدة لجني الربح من هذه الصفقات الموثوقة. وأفضل هذه الطرق أن نغلق جزءًا من مركزنا -وليكن نصف المركز- عند الهدف الرئيسي (بمقدار نقاط حجم النموذج). ومن ثم الإبقاء على النصف الآخر مفتوحًا إلى حين ظهور إشارة انعكاس واضحة.

وبشكل عام، فإن الغرض من وضع أهداف محددة لكل صفقة هو فقط لاستخدامها كمبادئ أساسية، حيث يجب استخدام جوانب أخرى من التحليل الفني لتحديد أفضل سيناريو للخروج من الصفقات.

وكما هو نهجنا دائمًا في بورصات، سوف نعرض الآن لاستراتيجية تداول بسيطة من أربعة خطوات محددة للتداول على نموذج المثلث الصاعد.

سادسًا: استراتيجية التداول باستخدام نموذج المثلث الصاعد

تعد استراتيجية التداول باستخدام نموذج المثلث الصاعد بمثابة أفضل الطرق لاقتناص الاختراقات في الاتجاه الرئيسي. ومن أجل الحصول على تأكيد الاختراق، سوف نستخدم مؤشرًا فنيًّا، وهو مؤشر القوة النسبية RSI، والذي يستخدم لقياس قوة الزخم.

ونظرًا لأن السعر عادة ما يتباطأ داخل نموذج المثلث الصاعد، فهناك نقطة محددة يجب عندها أن يتغلب الثيران أو الدببة ويسيطرون على السوق. وباستخدامنا لمؤشر القوة النسبية يمكننا التنبؤ مُقدمًا بمن سينتصر في هذه المعركة.

لنناقش هذه الاستراتيجية خطوة بخطوة:

الخطوة الأولى: تحديد نموذج المثلث الصاعد وتحديد عناصره الرئيسية:

بعد أن حددنا الاتجاه الرئيسي الصعودي، سنراقب حركة السعر التي شكلت النموذج. يجب توافر العنصرين الرئيسيين، أي يجب أن يكون للمثلث الصاعد خط مقاومة أفقي علوي، وخط اتجاه صعودي سفلي.

  • العنصر الأول: خط المقاومة الأفقي العلوي يجب أن يكون السعر قد ارتد منه مرتين على الأقل، وكلما تم اختباره ازداد احتمال فشله في النهاية على الصمود كمستوى مقاومة.
  • العنصر الثاني: هو خط الاتجاه السفلي الصاعد، والذي يكون بمنزلة مستوى دعم للسعر، حيث يربط بين القيعان المتصاعدة داخل نموذج المثلث الصاعد.

تذكر جيدًا: يجب أن تكون القيعان ذات نسق تصاعدي، بحيث يكون كل قاع أعلى من القاع السابق له.

الرسم البياني التالي يوضح كيفية تحديد العنصرين الرئيسيين للمثلث الصاعد؛ أي خط المقاومة العلوي وخط الاتجاه الصعودي السفلي، والذي يمثل مستوى الدعم الذي يربط القيعان المتصاعدة:

كيفية تحديد نموذج المثلث الصاعد واكتمال عناصره الرئيسية على الرسم البياني

شكل رقم (4): كيفية تحديد نموذج المثلث الصاعد واكتمال عناصره الرئيسية على الرسم البياني.

هنا نلاحظ أن النموذج استوفى المعايير الرئيسية للتشكيل. إذ تشكل ضمن اتجاه رئيسي صاعد، وارتد السعر من مستوى المقاومة العلوي عدة مرات.

كما أن القيعان السفلية كانت ذات نسق تصاعدي واضح، وبالتالي أمكن ربطها بخط اتجاه صعودي.

الآن حان الوقت لاستخدام مؤشر القوة النسبية:

الخطوة الثانية: استخدام مؤشر القوة النسبية RSI لقياس الزخم:

كما سبق وأشرنا، عادة ما تتباطأ حركة السعر داخل نموذج المثلث الصاعد. وهذا يعني أن هناك معركة مستمرة بين الثيران والدببة، ويمكننا التنبؤ بالفريق المتغلب في هذه المعركة عن طريق قراءة مؤشر القوة النسبية.

إننا بطبيعة الحال نتطلع إلى اختراق النموذج. ولكن قبل الاختراق المُنتظر يمكننا إلقاء نظرة على حركة السعر داخل النموذج لتحديد ما إذا كان هناك اختراق وشيك سيحدث أم أنه من الأفضل الانتظار.

ما نتطلع لرؤيته هو انخفاض الزخم بعد كل إعادة اختبار لمستوى المقاومة العلوي. وبشكل جوهري نتطلع إلى رؤية دايفرجنس Divergence هبوطي على مؤشر القوة النسبية.

هذا الدايفرجنس الهبوطي سيؤكد لنا ضعف الزخم بشكل عام خلال مرحلة تشكيل النموذج. كما أنه يشير عادة إلى اقتراب موعد الاختراق الفعلي لخط المقاومة.

انظر للرسم البياني أدناه، حيث يوضح تشكل دايفرجنس هبوطي على مؤشر الزخم:

كيفية استخدام مؤشر الزخم لتأكيد ضعف الزخم في الاتجاه الهبوطي

شكل رقم (5): كيفية استخدام مؤشر الزخم لتأكيد ضعف الزخم في الاتجاه الهبوطي.

الآن وبعد أن تشكل النموذج وظهرت عناصره، نريد التحقق من أمر آخر:

الخطوة الثالثة: التحقق مما إذا كان لدينا اتجاه صاعد قبل تشكيل المثلث الصاعد أم لا:

بناء على أن المثلثَ الصاعدَ نموذجًا استمراريًّا صعوديًّا، فإننا بطبيعة الحال نحتاج إلى أن يكون الاتجاه السابق لتشكيله اتجاهًا صعوديًّا.

إذا كان لدينا اتجاه صعودي سابق، فإن هذا يشير إلى أن الاختراق سيكون له تأثيرات ونتائج صعودية واضحة.

الرسم البياني التالي يوضح كيفية التحقق من طبيعة الاتجاه الرئيسي للسعر قبل تشكل النموذج:

التحقق من عناصر تشكيل نموذج المثلث الصاعد الاتجاه الصعودي السابق للتشكيل

شكل رقم (6): التحقق من عناصر تشكيل نموذج المثلث الصاعد: الاتجاه الصعودي السابق للتشكيل.

الخطوة الأخيرة هي اقتناص نقطة الدخول وتحديد الهدف وأمر إيقاف الخسارة.

الخطوة الرابعة: الشراء بمجرد كسر مستوى المقاومة واستقرار السعر فوقه:

باستخدام النماذج السعرية الاستمرارية، يكون من الأفضل دائمًا اتخاذ المراكز بمجرد اختراق السعر؛ لأننا إذا انتظرنا أكثر من اللازم فربما نكون عرضة لفقدان جزء كبير من الأرباح المحتملة.

من الممكن أن يعود السعر لإعادة اختبار مستوى المقاومة باعتباره مستوى دعم جديد. غير أنه بوضعنا نقطة إيقاف الخسارة في موضعها الصحيح والمثالي –كما سيتم التطرق له لاحقًا- فسوف نكون بمأمن من أية تقلبات قد تُفسد صفقاتنا.

الآن لدينا بالفعل مجموعة من العوامل التي تؤكد الاختراق، لدرجة أنه سيكون من غير المُجدي الانتظار أكثر من ذلك لاتخاذ مركز شراء.

الرسم البياني أدناه يوضح الموضع الأمثل لاتخاذ مركز شراء، وأمر إيقاف الخسارة، وتحديد الهدف:

تحديد نقاط الدخول وجني الربح وإيقاف الخسارة باستخدام استراتيجية المثلث الصاعد

شكل رقم (7): تحديد نقاط الدخول وجني الربح وإيقاف الخسارة باستخدام استراتيجية المثلث الصاعد.

وكما ذكرنا سابقًا، فإن نموذج المثلث الصاعد يزودنا بإعدادات التداول كاملة. وكما نرى، بمجرد الدخول في صفقة شراء (عقب إغلاق شمعة قوية أعلى مستوى الدعم)، نحدد بقية إعدادات التداول كما يلي:

  • أمر إيقاف الخسارة:

في حالة تداولنا باستخدام نموذج المثلث الصاعد، فإن الموضع الأمثل لوضع نقطة إيقاف الخسارة يكون أسفل القاع الأخير الذي تشكل قبل الاختراق.

وبهذه الطريقة نحمي مركزنا تمامًا من أية تقلبات محتملة للسعر.

  • تحديد الهدف:

كما سبق القول، فيما يتعلق بتحديد الهدف سوف نستخدم الطريقة التقليدية المعتادة التي تعتمد على حركة السعر، أو قيمة مساوية لحجم المثلث الصاعد في أقصى اتساع له.

ولتحديد الهدف ما علينا سوى قياس الحجم الفعلي لنموذج المثلث في أقصى اتساع له. أي قياس المسافة من نقطة بداية خط المقاومة في الجهة اليسرى من النموذج إلى نقطة بداية خط الاتجاه الصعودي (أو القاع الأول من النموذج)، وبنفس عدد النقاط يتم تقدير هدفنا الرئيسي من هذه الصفقة.

وللتذكير: يمكننا إدارة صفقاتنا وتحديد أهدافنا بطرق مختلفة، اعتمادًا على أسلوبنا في التداول وطرق إداراتنا لرأس المال. مع العلم أن نموذج المثلث الصاعد عادة ما ينتج عنه تحركات سعرية قوية للغاية.

وبهذه الطريقة يمكننا تحقيق أقصى استفادة ممكنة من النموذج، والحصول على نتائج مذهلة تفوق تصوراتنا.

الخلاصة

  • يعد نموذج المثلث الصاعد من أهم النماذج السعرية الاستمرارية، وهو نموذج استمراري صعودي.
  • هناك بعض الحالات يكون فيها المثلث الصاعد بمنزلة نموذج انعكاسي، وذلك عندما يتشكل في نهاية الاتجاه الهبوطي. غير أنه يصنف عادة كنموذج استمراري يتشكل في أثناء الاتجاه الصاعد.
  • يتيح لنا نموذج المثلث الصاعد استغلال الفرص الناتجة عن الاختلال بين العرض والطلب واقتناص أفضل فرص التداول.
  • يمكننا من اللحاق بالاتجاه الرئيسي (الصاعد) في حال عدم اقتناصنا لفرص الدخول منذ بدايته.
  • المثلثات الصاعدة هي نماذج صعودية تُشير إلى التراكم (التجميع)
  • المكونات الرئيسية لنموذج المثلث الصاعد: يتكون من عنصرين رئيسيين:
    • الأول: عبارة عن خط مقاومة أفقي يكون في الغالب تاليًا لحركة صعودية للسعر، وهو يدل على أن السعر حاول كسر المقاومة عدة مرات وفشل في جميعها.
    • الثاني: هو خط اتجاه صعودي يكون بمنزلة مستوى دعم صعودي للقيعان المتصاعدة.
  • العناصر التي تُشكل نموذج المثلث الصاعد:
    • الاتجاه الرئيسي للسعر قبل تشكيل النموذج.
    • خط المقاومة الأفقي العلوي.
    • خط الاتجاه الصعودي السفلي.
    • مدة تشكيل النموذج.
    • أحجام التداول.
    • العودة إلى الاختراق (إعادة الاختبار).
    • الهدف.
  • تكون لنموذج المثلث الصاعد تأثيرات إيجابية (صعودية) واضحة على حركة السعر التالية لتشكيله، وذلك بمجرد اختراق السعر لمستوى المقاومة العلوي للنموذج.
  • استراتيجية التداول باستخدام نموذج المثلث الصاعد:
  • الخطوة الأولى: تحديد مكونات النموذج.
    • يجب أن يكون للمثلث الصاعد خط مقاومة أفقي علوي، وخط اتجاه صعودي سفلي.
  • الخطوة الثانية: استخدام مؤشر القوة النسبية 20 فترة زمنية على الرسم البياني للسعر.
    • الهدف منه رصد وقياس قوة الزخم الصعودي لتأكيد الاختراق.
  • الخطوة الثالثة: التحقق مما إذا كان لدينا اتجاه صاعد قبل تشكيل المثلث الصاعد أم لا.
    • التأكد من وجود اتجاه صعودي قبل تشكيل النموذج.
  • الخطوة الرابعة: الشراء بمجرد كسر مستوى المقاومة واستقرار السعر فوقه.
    • نقطة إيقاف الخسارة: الموضع الأمثل لوضع نقطة إيقاف الخسارة يكون أسفل القاع الأخير السابق للاختراق.
    • تحديد الهدف: قياس الحجم الفعلي لنموذج المثلث في أقصى اتساع له وتقدير الهدف بعدد النقاط نفسه.

للمزيد من المقالات ذات الصلة، يمكنكم متابعة موقعكم بورصات.