هل اقتربت نهاية هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي؟
هيمنة الدولار الأمريكي قد تنتهي قريباً وذلك في ظل سعي الكثير من دول العالم بالتخلص من سيطرته على السوق العالمي، مع البحث عن بدائل تكون أكثر ملائمة للاقتصاد الخاص بهم، حيث أنه مما لاشك فيه أن التخلص من السيطرة القوية للدولار تدعم بقوة من مؤشرات الاقتصاد العالمي على دول العالم، وسوف يكون في صالح تلك الدول ويشجع من التجارة الدولية فيما بينهم بدون الاعتماد على عملة واحدة قد يصعب تحصيلها في العديد من البلدان التي قد تحدث بها أزمات أو هزات اقتصادية.
وضع الدولار الأمريكي على مستوى العالم
- وصل الدولار لدرجة من الهيمنة حيث يعتبر هو العملة الأكثر موثوقية في جميع أنحاء العالم، فإنه أصبح عملة العالم كله وليس الولايات المتحدة فحسب فنجد أن الدول والحكومات والشركات والبنوك المركزية الشيء المشترك بينهم هو تعاملهم بالعملة الأمريكية، حيث تعتبر هي العملة الأكثر في الموثوقية في جميع دول العالم بلا أستثناء.
- ولو نظرنا بشكل دقيق إلى هيمنة الدولار فنجد أن ورقة ال 100 دولار يتم تداولها بنسبة 75 بالمائة في خارج الولايات المتحدة وليس بداخلها، كما تشكل العملة الخضراء مايقارب 60 بالمائة من احتياطات البنوك المركزية العالمية من العملات الأجنبية، كما أنها تستخدم كذلك في أكثر من 85% في جميع معاملات الصرف الأجنبي بجميع الدول.
- ونجد أن المعاملات التي تكون أمريكا ليست طرفاً فيها تتم بالدولار، وبالنظر لأكبر الأسواق المالية في العالم نجد على سبيل المثال كوريا الجنوبية وتايلاند حتى العام 2010 كان يتم إنجاز أكثر من 80% من تجارتهم مع العالم الخارجي بالعملة الأمريكية، بينما أن حجم مشترياتهم من الولايات المتحدة يعتبر أقل من عشرون بالمائة، كذلك نجد أن الوضع نفسه مع أستراليا حيث أن أكثر من 70% من صادراتها تتم بالدولار.
- في شهر سبتمبر من العام 2018 صرح رئيس المفوضية الأوروبية jean claude juncker عبر تصريح شديد اللهجة أمام القادة الأوروبين، حيث أبدى تعجبه أن الاتحاد يقوم بشراء نحو 83% من احتياجاته من الطاقة بالدولار، في حين أن جميع ما يتم استيراده من الولايات المتحدة الأمريكية لا يشكل سوى فقط 2 بالمائة من الاحتياجات.
مخططات دول العالم في إنهاء هيمنة الدولار
- ذهبت روسيا وإيران للتخطيط بشكل جيد بإنشاء عملة مشفرة تكون مدعومة بالذهب، وقد تحل محل الدولار بمدفوعات التجارة الدولية.
- تسعى كلا من الأرجنتين والبرازيل بإطلاق عملة مشتركة حيث سوف تسمى SUR وقد تصبح في المستقبل مشروع شبيه باليورو. ومن الممكن أيضاً أن تتبناه جميع دول أمريكا الجنوبية.
- الإمارات والهند تفكران بإجراء أي تجارة غير نفطية عبر استخدام الروبية الهندية.
- سعي روسيا والصين بتطوير عملة احتياطية جديدة مع مجموعة تسمي بريكس الاقتصادية، حيث ينتميان إليها فإنها تضم أيضاً كلاً من البرازيل والهند وجنوب إفريقيا وذلك لهدف خلق توازن دولي بالنظام الاقتصادي العالمي.
- بأعتبار أن الصين أصبحت اليوم هي أكبر مصدر في العالم، ويأتي من بعدها الولايات المتحدة والتي أصبحت أضعف من الناحية الاقتصادية عن ذي قبل، ثم تأتي ألمانيا في المركز الثالث فإن الوضع الاقتصادي العالمي أصبح يتحتم عليه بشكل بديهي أن يتم الإستغناء عن الدولار حتى لو تم الأمر بشكل تدريجي الأمر الذي دفع الكثير من دول العالم إلى تنبي أفكار تكون من شأنها إنهاء هيمنة الدولار
- كما شهدنا في مارس من العام 2018 قيام الصين بمفاجأة العالم فقد تم إصدارها لأول عقود آجلة للنفط، حيث أنه تم تداولها بعملتها المحلية اليوان بمعنى أن الدولة الصينية تريد بيع وشراء النفط في المستقبل باليوان وليس الدولار، وهذا الأمر يعتبر في حد ذاته تحدي صريح وواضح لنظام البترودولار والذي يعتبر من أهم أسباب قوة العملة الأمريكية
- المملكة العربية السعودية والتي تعتبر أكبر مصدر للبترول على مستوى العالم قالت بشكل صريح عبر لسان وزير المالية أنها على أتم الاستعداد بمناقشة تجارة البترول عبر عملات أخرى غير الدولار.
اعتراف أمريكا بشكل رسمي أن هيمنة الدولار في خطر
أعترفت من قبل وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين عبر جلسة استماع باللجنة المالية التابعة لمجلس النواب الأمريكي بأن الولايات المتحدة يجب عليها أن تتوقع التراجع بحصة الدولار من الاحتياطات العالمية، وكانت قد صرحت أنه يوجد العديد من البلدان في الوقت الحالي تقوم بالبحث عن بدائل للدولار الأمريكي.
أسباب اتجاه دول العالم لإنهاء هيمنة الدولار
- لا شك أنه بمرور الوقت فإنه من المتوقع الزيادة التدريجية بحصص الأصول الأخرى بالحيازات الاحتياطية للدول، وهذا الأمر من الممكن أن يحدث بالاقتصاد العالمي المتنامي.
- كان قد شهد الوضع الاحتياطي للدولار الأمريكي تراجع بشكل تدريجي في العقدين الأخيرين، كما حدث كذلك انخفاض قوي في العام الماضي بالرغم من أن قوته بالتجارة الدولية لا تزال جيدة وقوية للغاية.
- هناك حالة من التزايد المستمر في طلب البنوك المركزية للدول على الذهب، حيث أنها تعتبر وسيلة من أجل تقليل الاعتماد على احتياطات الدولار، فلا شك أن الذهب ملاذ آمن جيد في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي التي قد تصيب العالم.
- هناك آراء تقول أن المشرعين الأمريكيين لايدعمون من موقف الدولار، الأمر الذي أدى إلى وجود مشكلات حقيقية قد تضرب العملة الخضراء في القريب العاجل.
- الكثير من دول العالم لا تحب السيطرة المطلقة للدولار على النظام النقدي العالمي، ونجد أنه كان هناك كثير من المحاولات من أجل إنهاء هيمنة الدولار أو التقليل منها، وهنا نجد أن أول تحدي رئيسي تعرض له الدولار هو أتفاق الأوروبيين في عام 1999 بإنشاء عملة مشتركة فيما بينهم ألا وهي اليورو، ونجد أيضاً بعد فترة ظهر اليوان الصيني كأحد العملات المحاربة ضد السيطرة المطلقة للعملة الأمريكية.
هل اقتربت النهاية الحتمية لهيمنة الدولار؟
- نجد أن الدولار بينما يستأثر بغالبية مدفوعات التجارة وكذلك أكثر من نصف الاحتياطات النقدية وذلك لدى صندوق النقد الدولي، بدأت الأصوات تعلو بالحديث عن تراجع سيطرة الدولار وذلك مع الدخول لعملات أخرى بنظام التسعير للسلع.
- وقد صرح أحد المحللين الاستراتيجيين لدى كريدي سويس وهو zoltan pozsar، حيث أنه يتبى فكرة ظهور نظام نقدي جديد تحت مسمى بريتون وودز 3، يأتي ذلك في ظل حاجة العالم إلى الغاز الروسي الرخيص وكذلك التكنولوجيا الصينية التي تخضع للقيود، وقد أشار إلى أن الوصول إلى السلع والأشياء الحقيقية هو في حد ذاته أهم بكثير من الوصول للدولار.
- كذلك فإن العقوبات على روسيا والصين ووجود أنقسامات جيوسياسية في آسيا وأوروبا جعل أنه لم يعد من الملائم التفكير بنظام عالمي موحد، حيث أننا بحاجة لأنظمة دفع متعددة في خارج الولايات المتحدة، ولا شك أن هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي كان قد خضع لتدقيق جديد مؤخراً مع الاستمرار للارتفاع للعملة الأمريكية، كما أن الدولار القوي يلحق الضرر الكبير على بقية العالم ويزيد كذلك من تكلفة خدمة الديون والتي تكون مقومة بالدولار، الأمر الذي يؤدي إلى التراجع للاستثمار الحقيقي.
الخلاصة
- لاشك أن الدولار هو العملة الورقية الأولى من حيث التداول على مستوى العالم، وأنه تم ربطه من قبل بالذهب ومن ثم تم تغيير وجهته للنفط، حيث أنه من خلاله يتم تنفيذ جميع الصفقات عالمياً، ويعتبر الدولار هو العملة الأساسية في التجارة الدولية فجميع الدول تعتمد عليها في إنهاء تبادلاتها التجارية
- بدأت هيمنة الدولار في التراجع في خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك يرجع لعدة أسباب منها أن الولايات المتحدة لم تحافظ على مكانتها كأكبر دولة مصدرة في العالم، ومن ثم حلت مكانها الصين الأمر الذي دفع بكين للتفكير المستمر في أن تتفادي الورقة الأمريكية في تعاملاتها، مع اللجوء لبدائل أخرى متاحة أمامها سوف تكون أيسر لها من الناحية التجارية، وقد قامت كذلك بالتعاون مع روسيا بإنشاء عملة جديدة احتياطية مع مجموعة بركيس الاقتصادية والتي تضم العديد من الدول، وذلك من أجل خلق حالة من التوازن الدولي في المعاملات والتي من أهدافها تجنب الدولار، ونجد كذلك أنه من ضمن المحاولات الأخرى في تقليل السيطرة الدولارية المطلقة على الاقتصاد العالمي هو إطلاق عملة اليورو بين الدول الأوروبية من أجل التقليل من قوة الدولار.
- كانت الولايات المتحدة قد اعترفت بشكل رسمي أن القوة الحقيقية للدولار في خطر، كما أنها بدأت في التراجع في خلال العقدين الماضيين بشكل وإن كان ليس كبيراً ولكنه قد يشكل خطر حقيقي في المستقبل على العملة الخضراء.
للمزيد من المقالات ذات الصلة يرجى متابعة موقع بورصات