مكونات الناتج المحلي الإجمالي
يعد الناتج المحلي الإجمالي من أكثر المؤشرات الاقتصادية أهمية، كونه يقدم صورة وافية عن الصحة العامة للاقتصاد. ومع ذلك، من أجل فهمه والتعرف على كيفية تأثيره على الاقتصاد، يجب التعرف أولًا على مكونات الناتج المحلي الإجمالي، وهي المكونات التي تمثل هذا المؤشر.
وليس هناك من شك في أن الدول كلها تسعى إلى تحقيق معدلات نمو أفضل لاقتصادها. وهو ما يصب بطبيعة الحال في زيادة معدل الدخل وتعزيز مستويات معيشة الأفراد والنهوض باقتصاد الدولة كله.
ومن هنا يتعين علينا أن نوضح أن مستوى معيشة الأفراد والوضع الاقتصادي كله يتأثر بعدد من العوامل أبرزها تغيرات الأسعار محليًّا وعالميًّا أو التضخم.
ولذلك وضع خبراء الاقتصاد والمعنيون بأمور الاقتصاد على مستوى الحكومات والدول عددًا كبيرًا من المؤشرات للوصول إلى الأرقام الحقيقية المعبرة عن الوضع الاقتصادي. ومن بين هذه المؤشرات الناتج المحلي الإجمالي، الذي سنقدم في السطور اللاحقة للمقال تعريفًا موجزًا عنه. كما سنتناول مكونات الناتج المحلي الإجمالي بشيء من التفصيل.
أولًا: ما هو الناتج المحلي الإجمالي GDP؟
[AdSense-A]
يُعرف الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product اختصارًا بـ GDP، على أنه القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية التي تقوم بإنتاجها أي دولة خلال فترة زمنية معينة. ويمكن اعتباره أداة شاملة لقياس إنتاجية الدولة. كما أنه يُعد من أهم المؤشرات لتقييم مدى رفاهية الدولة اقتصاديًّا.
وعادة ما يتم حساب الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، أي كل سنة. ومع ذلك، هناك كثير من الدول التي تصدر بيانات الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي (كل ثلاثة أشهر). على سبيل المثال، تصدر الولايات المتحدة الأمريكية تقرير ربع سنوي، وتقرير سنوي مجمع بالناتج المحلي الإجمالي.
ويتم قياس الناتج المحلي الإجمالي بحساب جميع النفقات النهائية لأربعة مكونات رئيسية خلال الفترة التي يشملها الحساب، وهي:
- نفقات الاستهلاك العام والخاص.
- الاستثمار.
- الإنفاق الحكومي.
- صافي الصادرات.
ثانيًا: مكونات الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product Components
[AdSense-B]
كما أشرنا من قبل، فإنه يمكن تقسيم مكونات الناتج المحلي إلى أربعة أقسام رئيسية وهي: الاستهلاك العام والخاص، والاستثمارات، والإنفاق الحكومي (المشتريات الحكومية من السلع والخدمات)، وصافي الصادرات.
الشكل التالي يزودنا بصورة شاملة عن مكونات الناتج المحلي الإجمالي وأيضًا كيفية حساله:
الشكل رقم (1): مكونات الناتج المحلي الإجمالي وكيفية حسابه
فيما يلي سنعرض لكل واحد من هذه المكونات الأربعة بشيء من التفصيل:
(1) الإنفاق الاستهلاكي (الاستهلاك العام والخاص) Consumption Expenditure
هو أحد مكونات الناتج المحلي الإجمالي، ويقيس هذا المكون القيمة النقدية لمشتريات الأسر والشركات غير الهادفة للربح من السلع والخدمات بهدف الاستخدام خلال الفترة محل الدراسة.
ويعتمد تصنيف السلع الاستهلاكية بصفة عامة على طول الفترة الزمنية التي يتم خلالها استخدام هذه السلع.
– تقسيمات السلع الاستهلاكية Consumer Goods Classifications
بصفة عامة، تنقسم السلع الاستهلاكية إلى أنواع عديدة، هي:
- سلع معمرة Durables: وهي السلع التي يدوم استهلاكها لأكثر من ثلاث سنوات، كالعقارات والسيارات والأجهزة الكهربائية.
- سلع شبه معمرة Semi-Durables: وهي السلع التي يمكن استخدامها لفترة زمنية معينة، كالملابس مثلًا.
- سلع غير معمرة Non-Durables : وهي السلع التي تستخدم لمرة واحدة فقط ومن ثم تفقد قيمتها، وتتضمن الغذاء والتبغ والوقود وما إلى ذلك.
- خدمات Services: تتضمن خدمات الرعاية الصحية والتعليم.
ويمثل الاستهلاك جانبًا كبيرًا من النفقات الشخصية للأفراد من دخلهم الشخصي الناجم عن العمل في وظائفهم بدوام كامل.
(2) الإنفاق الاستثماري Investment Expenditure
يشير الإنفاق الاستثماري إلى مجموع استثمارات الدولة أو الشركة التي يتم إنفاقها على المعدات الرأسمالية والمخزونات والإسكان. وتستخدم السلع الرأسمالية المتمثلة في الأجهزة والمعدات كموارد ثابتة في إنتاج سلع وخدمات أخرى، على عكس السلع الاستهلاكية التي يشتريها المستهلك النهائي لإشباع حاجاته بشكل مباشر.
ويمثل الاستثمار توقعات النمو المستقبلية للشركات والدول وسط قناعة بأن ضخ مزيد من الاستثمارات سيسهم في زيادة العائدات في المستقبل. ويمكن الحصول على صافي الاستثمار عن طريق خصم إجمالي قيمة الاستهلاك من إجمالي الاستثمار.
– التقسيمات الفرعية للإنفاق الاستثماري كأحد مكونات الناتج المحلي الإجمالي
يمكن تقسيم الإنفاق الاستثماري إلى عدد من التقسيمات الفرعية، وهي الموضحة في الشكل أدناه:
الشكل رقم (2): تقسيمات الإنفاق الاستثماري.
(أ) الاستثمارات الثابتة Business Fixed Investment
تمثل حجم إنفاق الوحدات الاقتصادية على شراء السلع الرأسمالية المنتجة حديثًا مثل المصانع والمعدات التي تستخدمها الشركات لإنتاج مزيد من السلع والخدمات.
وهو قياس متغير باختلاف المدة الزمنية. وتعتمد تكلفة رأس المال للمستخدم على سعر السلع الرأسمالية وسعر الفائدة ومعدل الإهلاك.
ويلعب سعر الفائدة وحجم الضرائب المفروضة على الأرباح دورًا مهمًا في تحديد الاستثمار الثابت للأعمال.
كما تلعب الاستثمارات الثابتة دورًا بارزًا في تحديد الدخل الطبيعي والعمالة؛ فمع زيادة استخدام رأس المال الثابت لكل عامل تزيد إنتاجية العامل.
بالإضافة إلى ذلك، تكون التقلبات في مستويات الاستثمار الثابتة هي المسؤولة عن تحديد دورات الأعمال في اقتصاد السوق الحر.
(ب) الاستثمار في المخزون Inventory Investment
يشير إلى السلع تامة الصنع أو شبة تامة الصنع التي أنتجت في سنة معينة غير أنها يمكن أن تباع في سنة لاحقة، حيث يُسمى الفرق بين الإنتاج والمبيعات في سنة محددة بالمخزون Inventory، وذلك نظرًا لأنه لم يتم تضمينه في المبيعات الحالية للإنتاج النهائي.
وتلجأ الشركات في أغلب الأوقات إلى الحفاظ على معدل ثابت للإنتاج، لتحتفظ بفائض من الإنتاج ليكون “مخزونًا” في حالة انخفاض المبيعات، على أن تقوم ببيع هذا المخزون في فترات لاحقة لتلبية احتياجات السوق المحلية في حالة زيادة الطلب على المنتجات، وهو ما يوفر على الشركة تكلفة شراء المواد الخام.
(ج) الاستثمار في الإنشاءات السكنية Residential Construction Investment
يشير الاستثمار السكني إلى النفقات التي يتكبدها الناس في بناء أو شراء منازل جديدة أو شقق سكنية لغرض المعيشة أو تأجيرها للآخرين. ويتراوح الاستثمار السكني من 3 في المائة إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في مختلف الدول.
ويعتمد الاستثمار السكني على سعر الوحدات السكنية القائمة، ويتم تحديد سعر الوحدات السكنية من خلال الطلب عليها وحجم المعروض منها؛ حيث تلعب الزيادة السكانية وزيادة مستويات الدخل دورًا كبيرًا في زيادة حجم الطلب على الوحدات السكنية.
كما تلعب السياسة النقدية، مُمثلة في إمكانية الاقتراض من البنوك لشراء المنازل، دورًا في زيادة حجم الطلب. لذلك فإن الطلب على الوحدات السكنية غالبًا ما يكون شديد الحساسية للتغيرات في سعر الفائدة.
وبصفة عامة، يمثل الاستثمار في الإنشاءات السكنية عنصرًا مهمًا في مكونات الناتج المحلي الإجمالي. كذلك، يزداد حجم الاستثمارات في عمليات البناء وشراء وحدات سكنية جديدة مع زيادة أسعار الوحدات السكنية.
(د) الاستثمارات العامة Public Investment
تشير إلى الاستثمارات الحكومية في بناء الطرق والمستشفيات والمدارس وغيرها من الخدمات. وتقوم الحكومة بهذه الأنشطة بشكل مباشر أو من خلال شركات تابعة للدولة. ويتم قياس الاستثمار العام في الغالب بشكل كمي على أساس سنوي في صورة نسبة مئوية من إجمالي الدخل القومي في فترة محددة.
ويشكل الاستثمار العام نسبة صغيرة نسبيًّا من إجمالي الإنفاق العام، غير أنه غالبًا ما يكون مكونًا رئيسيًّا من إجمالي استثمار رأس المال الوطني.
(3) الإنفاق الحكومي Government Purchases of Goods and Services
ويشير هذا المكون من مكونات الناتج المحلي الإجمالي إلى الإنفاق الحكومي على السلع والخدمات، أو ما يعرف إجمالًا بمشروعات البنية التحتية.
كما تشمل مشتريات الحكومة من السلع الوسيطة والأجور والمرتبات التي تدفعها الحكومة. ويتم التعامل مع المشتريات الحكومية كجزء من المنتج النهائي.
ولا يتم احتساب مدفوعات التحويل Transfer Payments التي توجهها الحكومة إلى الأسر والشركات ضمن الناتج المحلي الإجمالي؛ وذلك لتجنب ازدواج الحساب؛ نظرًا لأن الاستهلاك أو الاستثمار من قبل متلقي مدفوعات التحويل يُحسب ضمن المكونين السابقين.
ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن الزيادات المؤقتة في الإنفاق الحكومي بهدف تحفيز الاقتصاد قد تؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي لفترة وجيزة، غير أنها قد تتسبب في آثار سلبية عليه على المدى الطويل.
(4) صافي الصادرات Net Exports أحد أهم مكونات الناتج المحلي الإجمالي
يتم حساب صافي الصادرات بطرح إجمالي الواردات من إجمالي الصادرات، بحيث تمثل الواردات حجم الإنفاق المحلي على السلع الأجنبية، وتمثل الصادرات حجم الإنفاق الأجنبي على السلع المحلية.
وتسمى الفجوة بين الصادرات والواردات أيضًا بالميزان التجاري Trade Balance. وتتمتع الدولة بفائض تجاري في حالة زيادة صادراتها عن وارداتها؛ ويعزز الفائض في الحساب الجاري الناتج المحلي الإجمالي للبلد في حين يعد العجز المزمن عبئًا عليه.
الخلاصة
- تعرفنا في هذا المقال على مكونات الناتج المحلي الإجمالي وتأثير كل مكون منها على الصحة العامة للاقتصاد.
- ويعرف الناتج المحلي الإجمالي على أنه القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية التي تقوم بإنتاجها أي دولة خلال فترة زمنية معينة.
- كذلك، يعد الناتج المحلي الإجمالي بمكوناته الأربعة بمنزلة الأداة الأكثر استخدامًا في قياس حجم اقتصاد بلد ما. كما أنه يساعد على قياس مستوى معيشة الفرد داخل الدولة.
- من خلال وضع مكونات الناتج المحلي معًا، يمكن تقييم إنتاج الدولة كلها وتتبع التقلبات في دورة الأعمال.
- مكونات الناتج المحلي الإجمالي:
1- الإنفاق الاستهلاكي: ويمثل قيمة مشتريات الأسر والشركات غير الهادفة للربح من السلع والخدمات المستخدمة في تلبية احتياجاتهم خلال فترة معينة. وقد تكون هذه السلع سلعًا معمرة أو غير معمرة.
2- الإنفاق الاستثماري: ويمثل حجم الإنفاق على المعدات الرأسمالية التي تعد موارد ثابتة تستخدم في إنتاج سلع وخدمات أخرى. ويشمل الإنفاق الاستثماري: الاستثمارات الثابتة أي شراء السلع الرأسمالية المنتجة حديثًا مثل المصانع والمعدات. كما تشمل الاستثمار في المخزون وهو السلع التي لم يتم إدراجها ضمن المبيعات خلال فترة محددة. ويدخل ضمن الإنفاق الاستثماري الاستثمار في الإنشاءات السكنية. ويزداد حجم الاستثمارات في عمليات البناء وشراء وحدات سكنية جديدة مع زيادة أسعار الوحدات السكنية.
3- الإنفاق الحكومي: حيث تتولى الحكومات الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، مثل بناء الطرق والمستشفيات والمدارس وغيرها من الخدمات. كما يشمل مشتريات الحكومة من السلع الوسيطة والأجور والمرتبات التي تدفعها الحكومة.
4- صافي الصادرات: ويتم حسابه بطرح إجمالي الواردات من إجمالي الصادرات. وتتمتع الدولة بفائض تجاري في حالة زيادة صادراتها عن وارداتها.
للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.