جاءت فكرة إنشاء مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية في إطار مساعي مختلف دول العالم لتعزيز اقتصادها، ومن ثم اللجوء إلى إقامة تحالفات اقتصادية وسياسية فيما بينها بهدف تدعيم علاقاتها وتحقيق مصالحها، حيث تسهم هذه التحالفات في حشد القوى السياسية للدول.

كما تعمل هذه التحالفات على تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، ومن ثم زيادة حجم التبادل التجاري وتدعيم الميزة التنافسية لكل دولة. ومن هنا تأتي أهمية إنشاء مجموعة دول الثماني الإسلامية، التي جاءت فكرة إنشائها على هامش أحد الاجتماعات الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي، وعُقدت القمة الأولى للمجموعة في إسطنبول عام 1997.

في هذا المقال سنُلقي الضوء على مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، من حيث نشأتها، ودولها الأعضاء، وأهدافها، وهيكلها التنظيمي. وكذلك سنتعرف على علاقاتها بصفتها عضوًا بمختلف المنظمات الدولية. وأخيرًا مدى نجاح مجموعة الثمانية الإسلامية في تحقيق أهدافها على كافة الأصعدة.

أولًا: فكرة إنشاء مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية

لقد طُرحت فكرة إنشاء مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية The Developing -8 Organization for Economic Cooperation، التي تُعرف اختصارًا بـ (D-8) من قبل رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أربكان Necmettin Erbakan.

وكان ذلك خلال ندوة حول “التعاون من أجل التنمية” Conference on Cooperation for Development، والتي عُقدت في إسطنبول في أكتوبر 1996 على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي Organization of Islamic Cooperation.

وفي أعقاب سلسلة من الاجتماعات التحضيرية، أصدرت القمة إعلانها الأول في إسطنبول في الخامس عشر من يونيو 1997. وهذا هو التاريخ الذي أسست فيه المجموعة فعليًا وبدأت بممارسة أنشطتها المختلفة.

مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية Developing-8

الشكل رقم (1): مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية Developing-8

وقد تعاقب عدد من المسؤولين من الدول الأعضاء على منصب المدير التنفيذي للمجموعة:

  • وكان أول مدير تنفيذي للمجموعة تركي الجنسية، وهو السفير أيهان كامل Ayhan Kamel وتولي المنصب في الفترة بين عامي 1997 و2006.
  • تلاه الأمين العام الدكتور ديبو علم Dipo Alam من إندونيسيا، في الفترة من عام 2007 حتى 2010.
  • ثم البرفيسور ويدي أجويز براتيكتو Widi Agoes Pratikto من إندونيسيا أيضًا، في الفترة بين عامي 2010 و2012.
  • والإيراني سيد علي محمد موسوي Seyed Ali Mohammad Mousavi في الفترة من 2013 حتى 2017.
  • وأخيرًا داتوكو جعفر كو شعاري Dato’ Ku Jaafar Ku Shaari من ماليزيا، في الفترة من 2017 حتى الآن.

ثانيًا: الدول الأعضاء في مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية

تضم المجموعة في عضويتها 8 دول هي:

  • دولة بنجلاديش.
  • جمهورية مصر العربية.
  • دولة إندونيسيا.
  • جمهورية إيران الإسلامية.
  • دولة ماليزيا.
  • دولة نيجيريا.
  • دولة باكستان.
  • جمهورية تركيا.

يبلغ عدد سكان البلدان الثمانية مجتمعة حوالي 930 مليون نسمة، ما يمثل 60% من عدد المسلمين في العالم، أو ما يقترب من 13% من سكان العالم. كما تغطي مساحة الدول الأعضاء مجتمعة أيضًا 7.6 مليون كيلو متر مربع، أي 5% من مساحة الأرض.

ومن ناحية أخرى، يتراوح حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بين 35 مليار دولار و68 مليار دولار في الفترة بين عامي 2006 و2010، ما يمثل 3.3% من حجم التبادل التجاري العالمي. وبالوصول إلى العام 2019 قُدر حجم التبادل التجاري بين هذه الدول بحوالي 100 مليار دولار.

الشكل التالي يوضح الدول الاعضاء في المجموعة وعدد سكانها وحجم التبادل التجاري بينها:

الدول الأعضاء في مجموعة الثماني الإسلامية النامية D-8

الشكل رقم (2): الدول الأعضاء في مجموعة الثماني الإسلامية النامية D-8

ثالثًا: الأهداف الرئيسية من إنشاء المجموعة

منذ تأسيسها، كانت هناك أهداف رئيسية تُمثل تطلعات مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، وقد تمثلت في:

  • حشد قوة الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتعامل مع السياسات غير العادلة والمعايير المزدوجة التي تتبعها الدول الغربية.
  • أيضا العمل على تطبيق عدد من المبادئ، في مقدمتها السلام بدلًا من الصراع، والحوار بدلًا من المواجهة، والتعاون بدلًا من الاستغلال.
  • كما تهدف المجموعة إلى تعزيز مشاركة الدول الأعضاء في صنع القرار على الصعيد الدولي.

رابعًا: الأهداف الاقتصادية للمجموعة

كذلك، وضعت مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية نصب أعينها عدد من الأهداف الاقتصادية، مثل:

  • تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في المجموعة.
  • تحسين أوضاع البلدان النامية في الاقتصاد العالمي.
  • توفير مستوى معيشي أفضل للدول الأعضاء من خلال الاهتمام ببرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
  • كذلك تهدف المجموعة إلى توفير فرص جديدة في مجال التجارة.

خامسًا: المجالات الرئيسية للتعاون بين الدول الأعضاء في المجموعة

على الرغم من تركيز مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية على كثير من الأهداف السياسية والاقتصادية التي سبق ذكرها، فإنها تركز أيضًا على بعض المجالات الأخرى، مثل:

  • المالية والخدمات المصرفية.
  • التنمية الريفية.
  • العلوم والتكنولوجيا.
  • الزراعة.
  • الطاقة وتطوير مصادر الطاقة البديلة والمتجددة.
  • البيئة والصحة.

سادسًا: الهيكل التنظيمي لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية

بالنسبة للهيكل التنظيمي Organizational Structure للمجموعة، فإنها تتكون من ثلاث هيئات رئيسية، هي:

  • القمة The Summit: وهي الهيئة الأعلى في المجموعة، وتتألف من رؤساء الدول الأعضاء، وتنعقد مرة كل عامين.
  • المجلس The Council: وهي الهيئة الرئيسية المعنية بصنع القرار السياسي للمجموعة. وتتألف من وزراء خارجية الدول الأعضاء، وتعمل كمنتدى للنظر في القضايا المطروحة المتعلقة بمجموعة الثمانية.
  • المفوضية The Commission: وهي الهيئة التنفيذية للمجموعة. وتتألف من كبار المسئولين المعينين من قبل حكوماتهم، بحيث يتولى كل مسؤول مهمة التنسيق مع حكومته.

سابعًا: الأمانة العامة لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية

فيما يتعلق بالأمانة العامة D-8 Secretariat، تتكون هيئة الإدارة في الأمانة العامة من:

  • الأمين العام (ماليزيا).
  • المدير الأول – الشؤون الإدارية والقانونية والداخلية (نيجيريا).
  • المدير الثاني – الاقتصاد والتنفيذ والعلاقات الخارجية (مصر).

القمة التاسعة لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية في إسطنبول 2017

الشكل رقم (3): القمة التاسعة لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية في إسطنبول 2017

ثامنًا: أهم مميزات مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية

وفقًا لما جاء في إعلان القمة الأولى للمجموعة، إسطنبول 1997، فإن الهدف الرئيسي وراء إنشاء مجموعة الثماني الإسلامية هو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب دول المجموعة كافة. وبالتالي فإن عضويتها لا تتعارض مع الالتزامات العالمية والإقليمية للدول الأعضاء.

وبالإضافة إلى ذلك، تميزت المجموعة منذ تأسيسها ببعض السمات، من أهمها:

  • أنها منظومة عالمية وليست إقليمية، وهو ما يتضح من جنسيات أعضائها المؤسسين.
  • كما أن عضويتها مفتوحة أمام الدول النامية الأخرى التي تتفق في أهدافها ومبادئها مع دول المجموعة وترتبط معها بعلاقات مشتركة.
  • أنها منتدى، بحيث لا تؤثر بشكل عكسي على التزامات الدول الأعضاء الثنائية أو الدولية سواء تجاه دول أو منظمات.

تاسعًا: علاقات مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية بالمنظمات الدولية

لعل من أهم أهداف المجموعة هو تعزيز مشاركة الدول الأعضاء في صنع القرار على المستوى السياسي وتحسين أوضاعهم في الاقتصاد العالمي، وهو ما يمكن أن نلمسه واضحًا في علاقات المجموعة مع عدد من المنظمات الدولية، وأبرزها منظمة الأمم المتحدة United Nations (UN).

وفي هذا الصدد، اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في دورتها التاسعة والستين نص قرار بشأن منح مجموعة دول الثماني الإسلامية النامية مركز المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما وقعت دول المجموعة إعلانًا مشتركًا مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية United Nations Industrial Development Organization (UNIDO) في أبريل من عام 2015 بهدف إقامة شراكة تعاونية متبادلة في عدد من المجالات، من بينها بناء القدرات التجارية وتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز ريادة الأعمال.

كذلك وقعت دول المجموعة مذكرة تفاهم مع البنك الإسلامي للتنمية  Islamic Development Bank (IDB) في أكتوبر 2017 لتسهيل التعاون بين الجانبين في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى التعاون في مجالات تنفيذ المشاريع المشتركة وتقديم المساعدة الفنية للمشاريع التي حددها كلا الطرفين، مع التركيز بشكل خاص على النقل والتجارة والاستثمار والتمويل الإسلامي والطاقة والصناعة.

عاشرًا: هل حققت مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية أهدافها؟

كما سبقت الإشارة، كانت هناك أهداف مُحددة للمجموعة منذ تأسيسها، وقد لُخصت بعض الأهداف الرئيسية في هذه العبارات الثلاثة المُقتبسة من إعلان القمة الخامسة للمجموعة (بالي، 2006)، وهي:

    1. الالتزام بالعمل المشترك لحل مشكلة التفاوت الاقتصادي بين بلدان المجموعة.
    2. إعادة التأكيد من جديد على الالتزام بتعزيز التعاون في مجال الطاقة لتطوير مصادر الطاقة البديلة والمتجددة.
    3. التأكيد على أهمية مجموعة الثمانية في المساهمة في التنمية الاقتصادية للدول الأعضاء فيها، والتأكد من قيامها بدورها في تعزيز التجارة العالمية.

ونظرًا لأن أحد أهم أهداف المجموعة هي تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري، فتجدر الإشارة إلى أن حجم التجارة بين دول المجموعة وصل إلى أكثر من 100 مليار دولار.

ولا تزال المباحثات جارية حول سبل مضاعفة حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء وتوسيع مجالات التعاون في شتى المجالات، حيث تم وضع خطة عمل عشرية للفترة بين عامي 2020 إلى 2030، لدمج مجالات أخرى للتعاون.

كما تتضمن الخطة العمل على ترسيخ وتقوية اتفاقات التجارة والجمارك وتأشيرات الدخول وزيادة فاعليتها، وهو ما يأتي في إطار اتفاقية التجارة التفضيلية التي وقعتها الدول الأعضاء.

وفي إطار العمل على تعزيز التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في المجموعة، جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان Recep Tayyip Erdoğan خلال قمة إسطنبول في أكتوبر 2017 التي دعا فيها إلى استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية بين الدول الأعضاء في المجموعة.

علاوة على ذلك، كشف أمين عام مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية (D-8) داتوك جعفر كو شعاري عن إعداد وتطوير بطاقة دفع موحدة تضم بداخلها العديد من التطبيقات، حيث تحتوي هذه البطاقة العديد من المميزات من بينها السماح بإجراء عمليات تسوق بالعملات المحلية.

ورغم نجاح المجموعة في تحقيق الكثير من الأهداف، فإن عملها تأثر إلى حد كبير بنشوب ثورات الربيع العربي وما تلاها من تطورات وأزمات في الساحة العربية، لاسيما مع تصاعد الخلافات المصرية -التركية، وتوتر العلاقات الإيرانية مع بعض دول المجموعة.

الخلاصة

  • تناولنا في هذا المقال مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية، باعتبارها أحد التحالفات الدولية التي تسعى من خلالها الدول الأعضاء لتعزيز مشاركتها في صنع القرار والتعامل مع السياسات غير العادلة التي تنتهجها الدول الغربية.
  • كما تهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي بين الدول الأعضاء ومع دول العالم والنهوض بمستويات معيشة الشعوب.
  • وقد تم طرح فكرة إنشاء المجموعة على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي، لتصدر القمة إعلانها الأول بإسطنبول في الخامس عشر من يونيو 1997،
  • وتضم المجموعة في عضويتها ثماني دول هي:
    • دولة بنجلاديش.
    • جمهورية مصر العربية.
    • دولة إندونيسيا.
    • جمهورية إيران الإسلامية.
    • دولة ماليزيا.
    • دولة نيجيريا.
    • دولة باكستان.
    • جمهورية تركيا.
  • ويتكون الهيكل التنظيمي للمجموعة من ثلاث هيئات رئيسية وهي:
    • القمة.
    • المجلس.
    • المفوضية.
    • إضافة إلى الأمانة العامة التي تترأسها حاليًا ماليزيا.
  • وعلى صعيد تحقيق مجموعة الدول الثماني لأهدافها في تعزيز العلاقات الاقتصادية وتعريز حركة التبادل التجاري، فقد نجحت في ذلك إلى حد كبير.
  • على سبيل المقال، وصل حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء إلى أكثر من 100 مليار دولار. ولاتزال دول المجموعة تبحث سبل مضاعفة حجم التبادل التجاري وتوسيع مجالات التعاون.
  • كذلك، وفي إطار مساعي المجموعة لتعزيز قوتها السياسية ومشاركتها في صنع القرار، نجحت في الحصول على موافقة الأمم المتحدة على منحها مركز المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
  • كما وقعت المجموعة عددًا من الاتفاقيات مع المنظمات الاقتصادية العالمية، على غرار منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، والبنك الإسلامي للتنمية، بهدف تعزيز التعاون في مجالات التنمية.

للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.