لا شك أن الذهب احتفظ على مدى آلاف السنين بمكانته العظيمة باعتباره أكثر المعادن قيمة وأهمية؛ وذلك نظرًا لندرته وصعوبة استخراجه. كما أنه يتميز بخصائص فريدة، منها أنه معدن غير قابل للتلف ويمكن إعادة تدويره، وهو ما يجعله مصدرًا جذابًا للغاية للاستثمار طويل الأجل.لذلك، يتسائل الكثيرون عن كمية الذهب الموجودة في العالم.

جرت العادة بين خبراء الاقتصاد على اعتبار هذا المعدن النفيس بمنزلة الملاذ الآمن للاقتصاد العالمي في أوقات الأزمات. ومن هذا المنطلق يسعى الأفراد إلى اقتنائه لأغراض مختلفة أهمها الاستثمار. بل وتسعى كثير من دول العالم إلى اقتنائه وربطه بعملاتها الوطنية ليكون احتياطيًّا وطنيًّا وغطاءً لعملاتها بهدف الحفاظ على سعر صرف هذه العملات من التقلبات التي تشهدها الأسواق.

وفي هذا المقال سوف نتناول موضوع كمية الذهب الموجود في العالم، مع عرض التقديرات الإجمالية للكميات المستخرجة منه. وكذلك سنتعرف على تاريخ استخراجه عبر مختلف العصور. كما سنعرض لأكثر دول العالم حيازًة للذهب، وأهم العوامل التي تؤثر على العرض والطلب على الذهب. وأخيرًا نبذة مختصرة عن علاقة الذهب بالدولار الأمريكي.

أولًا: الكميات المستخرجة من الذهب سنويًّا وفق تقديرات مجلس الذهب العالمي

[AdSense-A]

من الصعب حصر كميات الذهب الموجودة في العالم، لاسيما في الدول النامية؛ حيث لا يتم الإبلاغ بشكل دقيق عن عمليات استخراج الذهب من المناجم.

ولكن، وفقًا لتقارير مجلس الذهب العالمي World Gold Council أو (WGC)، يمكن تقدير الكميات المستخرجة جراء عمليات التعدين بقيم تتراوح بين 2.5 و 3 آلاف طن (ألفي وخمسمائة طن إلى ثلاثة آلاف طن) سنويًّا.

وقد أخذ إنتاج الذهب منحى تصاعديًّا خلال السنوات الأخيرة. غير أنه من المتوقع تباطؤ هذا المعدل او استقراره خلال السنوات القادمة.

ثانيًا: تاريخ استخراج الذهب

ترجع صعوبة حصر وتحديد كميات الذهب الموجودة في العالم إلى كون عمليات استخراج الذهب بدأت منذ أكثر من ستة آلاف عام، وذلك وفقًا للمؤرخ المتخصص في شؤون الذهب تيموثي غرين Timothy Green.

ومن ناحية أخرى، وطبقًا للوثائق التاريخية، فقد تم استخراج أول قطع ذهبية من المناجم عام 550 قبل الميلاد تقريبًا، وذلك خلال حكم الملك كروسيس ملك ليديا، وهي مقاطعة توجد في تركيا حاليًّا.

وبمرور الوقت، أصبحت هذه القطع الذهبية تستخدم في المعاملات التجارية ودفع رواتب الجنود المرتزقة، خاصة في منطقة حوض البحر المتوسط القديم.

وبخصوص ما يتعلق بعمليات تعدين الذهب فهي حديثة نسبيًّا، فقد بدأت عمليات التعدين خلال القرن السادس عشر في أمريكا الجنوبية والوسطى. وتم اكتشاف رواسب الذهب الكبيرة في البرازيل وعلى المنحدرات الشرقية لجبال الأورال في روسيا في أوائل القرن الثامن عشر.

وبصفة عامة، تتعدد مصادر استخراج الذهب، إذ يتواجد على سطح الأرض وفي باطنها. كما يتواجد في رواسب مياه الأنهار والمجاري المائية والسهول الفيضية.

الذهب في صورته الأولي وبعد تعدينه

الشكل رقم (1): الذهب في صورته الأولي وبعد تعدينه

والجدير بالذكر أن أكبر منجم لإنتاج الذهب في التاريخ قد تم اكتشافه في مقاطعة ويتواترسراند Witwatersrand في جوهانسبرغ، عاصمة جنوب أفريقيا، وكان ذلك في عام 1886، حيث بلغ إنتاجه ما يمثل 25% من إجمالي إنتاج الذهب في العالم بحلول عام 1899.

ثالثًا: الأشكال المختلفة للذهب وكمياته حتى نهاية 2022

[AdSense-B]

كما ذكرنا في فقرة سابقة من المقال، تتعدد استخدامات الذهب وأغراض اقتنائه. وبشكل عام يمكن تصنيف الأشكال المختلفة للذهب فيما يلي:

  • مجوهرات Jewellery : تقدر إجمالي كميات الذهب التي يتم الاحتفاظ بها في شكل مجوهرات بنحو 93 ألف طن أو ما يعادل 47% من إجمالي كميات الذهب الموجودة في العالم.
  • استثمارات خاصة Private Investment: وتقدر كميتها بـ 42,619 طن بما يعادل 22% من إجمالي كميات الذهب الموجودة في العالم.
  • كميات الذهب المملوكة لجهات رسمية Official Holdings: تقدر كميتها بنحو 34 ألف طن بما يعادل أكثر من 17% من إجمالي كميات الذهب الموجودة في العالم.
  • أشكال أخرى: تقدر كميات الذهب التي تم الاحتفاظ بها في صورة أشكال أخرى بخلاف الأشكال المذكورة سابقًا بأكثر من 28 ألف طن، أو بما يعادل 14.2% من إجمالي كميات الذهب الموجودة في العالم.
  • احتياطيات الذهب تحت الأرض Below ground reserves: حيث لا تزال هناك احتياطيات لم يتم استخراجها من الذهب بعد، وتقدر كميتها بـ54 ألف طن.

رابعًا: ما هي كمية الذهب الموجودة في العالم؟

وفقًا لتقديرات مجلس الذهب العالمي، يبلغ إجمالي كمية الذهب الموجودة في العالم حتى العام 2022 حوالي 197.575 ألف طن.

وبطبيعة الحال، تتنوع هذه الكمية الضخمة من حيث استخداماتها والجهات التي تمتلكها. على سبيل المثال، تمثل المجوهرات والشغولات الذهبية نحو نصف هذه الكمية. كما تمتلك الجهات الرسمية، مثل البنوك المركزية، كميات هائلة من الذهب.

يمكننا التعرف على توزيع كمية الذهب الموجودة في العالم من الشكل التالي:

حجم الذهب في العالم

الشكل رقم (2): حجم الذهب في العالم

خامسًا: الدول الأكثر حيازة للذهب

بحسب تقرير مجلس الذهب العالمي الصادر بالربع الأول من عام 2023، فإن روسيا وقطر وتركيا هي الدول الأكثر شراءً للذهب خلال هذا الربع من العام. وبالإضافة إلى ذلك، تسعى مختلف الدول إلى حيازة أكبر قدر من كمية الذهب الموجودة في العالم لتأمين اقتصادتها.

ومن حيث ملكية الذهب فعليًّا، فقد تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة أكثر الدول امتلاكًا للذهب. وهي القائمة التي جاءت على النحو التالي:

  1. الولايات المتحدة الأمريكية: جاءت بالمركز الأول بـ 8133.5 طن، وهو ما يمثل نحو 73.4% من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي.
  2. ألمانيا: جاءت في الترتيب الثاني بحيازة 3367.9 طن من الذهب، أي ما يوازى 68.8% من احتياطياتها.
  3. إيطاليا: حلت في المركز الثالث بحيازة قدرها 2451.8 طن، ما يمثل 65.1% من الاحتياطيات.
  4. فرنسا: وجاءت في المركز الرابع بحيازة قدرها 2436 طن، وهو ما يمثل 59.1% من إجمالي ما تمتلكه من الاحتياطيات،
  5. روسيا: جاءت في المركز الخامس، بحيازة قدرها 2036.2 طن، ما يشكل نحو 16.9% من الاحتياطيات التي لديها. وقد جاء ذلك نتيجة للاتجاه السائد في روسيا لشراء الذهب، ما جعلها تشغل هذا الترتيب في قائمة العشرة الكبار.
  6. الصين: احتلت المركز السادس، ويوجد بحوزتها 1841.3 طن من المعدن الأصفر أو 2.2% تقريبًا من الاحتياطيات لديها.
  7. سويسرا: شغلت المركز السابع بحيازة 1040.1 طن أو ما يعادل 5% من احتياطياتها الإجمالية، لتبعد بحوالي 275 طنًّا عن اليابان.
  8. اليابان: في المركز الثامن الذي تشغله بـ 765.2 طن من الذهب في حيازتها، ويمثل 2.3% من احتياطيات النقد الأجنبي لديها.
  9. الهند: احتلت المركز التاسع برصيد يبلغ حوالي 618 طنًّا من الذهب، ما يمثل 6.8% من الاحتياطيات.
  10. هولندا: تتذيل قائمة العشر الكبار بحيازة 612.5 طن من الذهب، ما يمثل 65.5% من إجمالي احتياطياتها.

الشكل التالي يوضح أكثر الدول حيازة للذهب في العالم حتى نهاية العام 2022:

الدول الأكثر حيازة للذهب في العالم 2022 (بالطن).

الشكل رقم (3): الدول الأكثر حيازة للذهب في العالم 2022 (بالطن).

الدول العربية التي تمتلك أكبر قدر من كمية الذهب الموجودة في العالم

وعلى صعيد الدول العربية، جاءت المملكة العربية السعودية في مرتبة كبرى الدول العربية حيازًة للذهب بامتلاكها 323.1 طن من الذهب، أو ما يمثل 7.7% من إجمالي الاحتياطي لديها. كما تأتي السعودية في المركز السادس عشر في حيازة الذهب على مستوى العالم.

وفي المركز الثاني تأتي لبنان، والتي تمتلك حيازة من الذهب تقدر بنحو 286. ومن ثم تحل الجزائر ثالثة بنحو 173 طنًا من الذهب، ثم ليبيا بحيازة من الذهب قدرها 116 طن.

كما تحتل كلا من العراق ومصر والكويت وقطر مراكز متقدمة في ترتيب أكبر الدول العربية امتلاكًا للذهب، بحيازات تقدر بنحو 96 و 80 و 78 و 56 طنًا على الترتيب.

 سادسًا: العوامل المؤثرة في عمليات استخراج الذهب

هناك كثير من العوامل التي تؤثر في استخراج الذهب، وبالتالي في كمية الذهب الموجودة في العالم. ومن أبرز هذه العوامل:

  • أسعار الذهب.
  • تكلفة مدخلات التعدين (علمًا بأن تكلفة التنقيب عن الذهب واستخراجه مرتفعة للغاية).
  • التنقيب عن المناجم والاكتشافات الجديدة.
  • تغطية عمليات المسح الجيولوجي السابقة.

سابعًا: العوامل المؤثرة في الطلب على الذهب

مثلت أسواق الذهب في العصر الحديث صورة للتنوع والنمو. فمنذ عام 1970  تضاعف حجم إنتاج الذهب سنويًّا ثلاث مرات. كما تضاعفت كمية الذهب المشتراة سنويًّا أربع مرات، وازدهرت أسواق الذهب في جميع أنحاء العالم، حيث أصبح مشترو ومستهلكو الذهب أكثر تنوعًا من أي وقت مضى.

وتتعدد الأسباب وراء إقبال الناس على شراء الذهب، حيث يتأثر الطلب على شراء المعدن الأصفر غالبًا بعدد من المؤثرات العاطفية والعادات الاجتماعية والتقاليد الثقافية.

كما يتأثر أيضًا بأوضاع السوق المحلية؛ حيث يعد الذهب، كسائر السلع المتداولة في الأسواق، عرضًة لتغيرات العرض والطلب. فمع تزايد الطلب على أي سلعة –بما في ذلك الذهب– فإن ذلك يدفع سعر هذه السلعة نحو الارتفاع. كما يتأثر الطلب على الذهب أيضا بمحركات الاقتصاد الكلي إجمالًا.

ثامنًا: العوامل المؤثرة على عرض الذهب

يمثل إنتاج المناجم الجزء الأكبر من المعروض من الذهب، ليصل هذا الإنتاج عادة إلى نحو 75% من إجمالي الكميات المعروضة من الذهب في العالم.

غير أن الكميات المستخرجة حديثًا من الذهب لا تفي بحجم الطلب السنوي على المعدن الأصفر، وهذا هو السبب الذي يجعل سعر هذا المعدن النفيس في تصاعد مستمر.

ولا تستجيب عمليات تعدين الذهب والأنشطة المرتبطة بها لتغيرات الأسعار بسرعة، حيث عادة ما يستغرق الأمر وقتًا طويلًا بين  استكشاف وإيجاد رواسب جديدة للذهب من ناحية؛ ودخول المناجم حيز الإنتاج الفعلي من ناحية أخرى.

ويمكن من الناحية النظرية الوصول عادة إلى الذهب المستخرج بكامله بشكل أو بآخر نظرًا لأن المعدن الأصفر غير قابل للتلف تقريبًا، كما يمكن إعادة تدويره، ويأتي غالبية الذهب المعاد تدويره من المجوهرات.

وتكون إمدادات الذهب الناجمة عن إعادة التدوير أكثر استجابة مباشرة لأسعار الذهب والصدمات الاقتصادية. ويحتاج الذهب بالطبع إلى معالجته وصقله لضمان جودته.

 تاسعًا: العلاقة بين الذهب والدولار

في خضم حديثنا عن كمية الذهب الموجودة في العالم، تجدر الإشارة إلى العلاقة الوثيقة بينه وبين الدولار الأمريكي. وشأنه شأن العديد من السلع التجارية في العالم، يُعد الذهب سلعة ترتبط بالدولار.

وتتميز العلاقة بين الذهب والدولار بأنها علاقة عكسية من الناحية النظرية، فعندما يزداد الطلب على أحدهما يرتفع سعر الآخر. وهذه العلاقة تنبع من حقيقة أن الذهب أحد أهم أدوات التحوط ضد مخاطر التغير في معدل سعر صرف العملات.

ولكن  هذه العلاقة بين الذهب و الدولار لا تمنع تحرك الذهب والدولار في اتجاه واحد، سواء كان بالصعود أو بالهبوط، ويحدث ذلك في حالة وجود مؤثر خارجي قوي. وقد تحدث بعض الاضطرابات في العلاقة بين سعر الذهب وقيمة الدولار نتيجة اتجاهات المضاربة علي الذهب في أوقات الأزمات.

صورة تعبيرية تمثل العلاقة بين الذهب والدولار الأمريكي

الشكل رقم (4): صورة تعبيرية تمثل العلاقة بين الذهب والدولار الأمريكي

الاستنتاج

وكما أشرنا في بداية هذا المقال، فإنه لا يوجد  إحصاء دقيق لكمية الذهب الموجودة في العالم حتى الآن. غير أن أفضل التقديرات المتاحة الصادرة عن مجلس الذهب العالمي World Gold Council (WGC) بشأن كميات الذهب الموجودة في العالم التي تم تعدينها تشير إلى أنه تم استخراج أكثر من 197 ألف طن عبر التاريخ وحتى نهاية العام 2022.

علاوة على ذلك، يجب ملاحظة أن حوالي ثلثي كمية الذهب الموجودة في العالم حاليًا تم استخراجها على مدار السبعين عامًا الماضية فقط!

الخلاصة

  • حاولنا في هذا المقال التعرف على كمية الذهب الموجودة في العالم 2023.
  • ويظل الذهب معدنًا نادرًا لا يفقد بريقه بمرور السنوات، وهو ما يجعله مخزنًا آمنًا للقيمة ومحط أنظار المستثمرين والأفراد العاديين خاصة في أوقات الأزمات.
  • ونظرًا لأن عمليات استخراج الذهب بدأت منذ أكثر من ستة آلاف عام، فإنه من الصعب تحديد كميات الذهب الموجودة بالعالم بشكل دقيق.
  • غير أن التقديرات المتاحة الصادرة عن مجلس الذهب العالمي تشير إلى أنه تم استخراج أكثر من 197 ألف طن عبر التاريخ وحتى نهاية عام 2019. في حين تم تقدير الكميات المستخرجة جراء عمليات التعدين بقيم تتراوح بين 2.5 و3 آلاف طن سنويًّا.
  • وتتعدد أشكال الذهب وكمياته، لتستحوذ المجوهرات على النصيب الأكبر بنسبة تعادل 47% من إجمالي كميات الذهب الموجودة في العالم.
  • أما عن الأشكال الأخرى للذهب فتتنوع بين استثمارات خاصة ومقتنيات مكتبية واحتياطيات لاتزال تقبع في باطن الأرض.
  • وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول الأكثر حيازًة للذهب، حيث تمتلك أكثر من 73% من إجمالي الاحتياطيات لديها.
  • وتأتي ألمانيا في المركز الثاني، تليها إيطاليا وفرنسا، كما تشغل روسيا الترتيب السادس في قائمة العشرة الكبار.
  • وعلى صعيد الدول العربية، جاءت المملكة العربية السعودية في مرتبة كبرى الدول العربية حيازةً للذهب.
  • كذلك، فإن الذهب أصبح منذ وقت طويل محط أنظار المستثمرين، نظرًا لما يحمله من قيم عاطفية واجتماعية وثقافية. كما أنه يتأثر بأوضاع السوق المحلية الخاضعة لقوانين العرض والطلب.
  • وغالبًا لا يفي المعروض من الذهب بحجم الطلب عليه. ويأتي أغلب هذا المعروض من إنتاج المناجم الذي يمثل نحو 75% من إجمالي الكميات المعروضة من الذهب في العالم. كما يمكن إعادة تدوير الذهب.
  • وعلى غرار الكثير من السلع التجارية الأخرى، يرتبط سعر الذهب بالدولار. غير أن هذه العلاقة عكسية من الناحية النظرية. وتنبع هذه العلاقة من حقيقة أن الذهب أحد أهم أدوات التحوط ضد مخاطر التغير في معدل سعر صرف العملات.

للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.