ماذا تفعل في الركود الاقتصادي؟
الركود الاقتصادي هو مجموعة من المشكلات الاقتصادية المتزامنة ينتج عنه تراجع كبير بالنشاط الاقتصادي، ويؤدي لزيادة معدلات التضخم والارتفاع في الأسعار يصاحبه تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، مع الانخفاض في مبيعات الشركات والزيادة بأعبائها وقد يدفع لتسريح عدد كبير من الموظفين والعمال بسبب الخسائر والإغلاق لبعض من المصانع أو المشاريع الخاصة، ولا شك أننا في العام 2023 نواجه شبح ركود اقتصادي محقق يضرب الكثير من الدول، وقد دفع اقتصادات الكثير من الدول للانكماش ما أدى لتراجع الناتج الإجمالي للبلاد، الأمر الذي نتج عنه الارتفاع في تكاليف المعيشة وحدوث اضطرابات ومظاهرات في كثير من البلدان على مستوى العالم.
لا شك أن الركود يظهر نتيجة العديد من العوامل المختلفة والتي من أبرزها الصدمات الاقتصادية المفاجئة، كالتداعيات التي تسبب بها فيروس كورونا من إغلاق مصانع وكذلك الإغلاق التام للكثير من دول العالم، كما أن الحروب أيضاً تحدث صدمات قوية مثل الحرب الروسية الأوكرانية والتي نتج عنها مشاكل اقتصادية للكثير من دول العالم، ونجد كذلك أن التراكم للديون على الأفراد والشركات مع التزايد لحالات التخلف عن السداد حيث أنها تعتبر السبب الأساسي لأزمة عام 2008 والتي دفعت العالم لأزمة مايعرف بالركود العظيم، كما أن هناك العديد من الأسباب الأخرى مثل الانكماش والتضخم الشديدين، وكذلك حدوث ثورات تكنولوجية في مجالات معينة وهو ما يعني استغناء الشركات عن بعض الأيادي العاملة، حيث أنه بالنظر للقرن ال19 نجد أن الثورة التكنولوجية قد نسفت مهناً كاملة وهو ما أدى للركود، ونجد أن اليوم هناك تخوفات من البعض أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي قد يتسببا بركود وذلك عبر القضاء على بعض من الوظائف.
مفهوم الركود الاقتصادي
الركود الاقتصادي هو الارتفاع الرهيب لأسعار السلع لدرجة يتوقف فيها المستهلكين عن الشراء، مع تراكم المخزونات لدى المنتجين لحد يصل لتكبد خسائر فادحة مع التوقف لنمو الشركات نتيجة لتلك الخسائر، والاضطرار لتسريح الموظفين وهو ما يؤدي لزيادة معدلات البطالة، الأمر الذي يدفع للهبوط الكبير بالنشاط الاقتصادي وأنه قد يستمر لفترة زمنية تتراوح ما بين بضعة أشهر لعام، حيث تصبح الحياة الاقتصادية في تلك الفترة في حالة من الشلل التام وتكون هناك عدم قدرة من جانب الأفراد والدول على مواجهة الظروف المستجدة.
هل العالم اليوم على شفا الوقوع في الركود الاقتصادي؟
لاشك أن العالم اليوم يواجه الكثير من المخاطر منها تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذلك الإغلاقات التي تحدث في الصين بسبب زيادة إصابات فيروس كورونا وكذلك المشكلات التي تتعلق بسلاسل التوريد، مع الارتفاع في أسعار الطاقة والغذاء وهو الأمر الذي يدفع الكثير من الناس لحالة من الخوف وعدم اليقين، وقد دفعت تلك المشاكل لحدوث التضخم الاقتصادي الأمر الذي دفع البنوك المركزية على مستوى العالم لرفع الفائدة، حيث أنها قد وصفت بأنها أقوى موجة تشديد نقدي منذ مايقارب النصف قرن عبر محاولة لاحتواء ضخم الأسعار، وقد حدثت زيادة في تكاليف الاقتراض من البنوك للمستثمرين والمصنعين، مع امتناع الناس عن الشراء بهدف الحصول على فوائد آمنة.
وتشير الكثير من التقارير سواء الخاصة ببنوك أو مجلات اقتصادية بوجود علامات تدل أن خطر الركود وشيك جداً، حيث أن من هذه العلامات الانخفاض في سوق الأسهم والزيادة في معدلات البطالة، مع الاستطلاعات التي تظهر بتراجع الثقة لدى المستهلكين بإنفاق الأموال، وهو الأمر الذي ينذر بالبطيء للنمو الاقتصادي بالكثير من الدول ومن ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية.
هل دخلنا بالفعل في مرحلة الركود الاقتصادي؟
هناك الكثير من المحللين يقولون أننا بالفعل دخلنا في مراحل الركود والذي نعيش فيه الآن ما هو إلا عبارة عن تداعيات للأزمة، ولكن الأجابة على هذا السؤال تبدو صعبة حيث يختلف الأمر على حسب البلدان، بالرغم من أن الركود لو طال اقتصاد الدول الكبرى فإنه سوف يؤثر في النهاية على غالبية دول العالم.
ونجد أن هناك من يرى أن الركود الاقتصادي لم يقع بعد ولكنه آت لامحالة مثل بنوك جولدمان ساكس وكذلك أوف أمريكا ودويتشه بنك، وذلك لأن البنك المركزي الأمريكي يقوم برفع معدلات الفائدة بهدف السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، وقد تم الاختلاف على الموعد للركود ما بين العام الحالي وبداية السنة القادمة.
ولكن هناك جانب آخر يقول أن الأمر جيد ولم نصل للوقوع في براثن الركود الاقتصادي، وأن مايمر به العالم اليوم ما هو إلا عبارة عن أزمة اقتصادية يمر بها العالم كل فترة ولكن سرعان ما يتجاوزها.
كما أن هناك طرف آخر يقول أنه حتى ولو اننا بالفعل في منطقة ركود اقتصادي فليس هناك أي جانب إيجابي في الركود سوى أنه لايستمر للأبد، وحتى ولو نظرنا لأبشع صور الركود وهو الكساد العظيم الذي حدث في القرن الماضي، فنجد أنه في نهاية المطاف قد انتهى الأمر وأعقبه أقوى مرحلة للنمو الاقتصادي في العالم وكذلك الولايات المتحدة، لذلك ليس هناك داعي للقلق مهما كلفنا الأمر، ولابد من معرفة أن للركود ضحايا كثر ولكن يجب عليك أن تتخذ العديد من الاحتياطات والتدابير عندما تجد نفسك أو بلدك تواجه مخاطر بالركود.
ما الذي يجب أن تفعله لكي تواجه مخاطر الركود الاقتصادي؟
- يجب عليك أن تقوم بزيادة مدخراتك فلابد لك من الاحتفاظ بأموال تكفيك لمدة عامل كامل على الأقل، لأنك قد تتعرض لفقدان وظيفتك خلال فترة الركود أو أن يتم تخفيض راتبك الشهري حيث تعتبر الوظائف هي أول الأشياء التي تتأثر نتيجة للركود.
- مراجعة الميزانية الخاصة بنفقاتك حيث أنك سوف تحتاج لتخفيض نفقاتك في خلال فترات الركود، وتعتبر أفضل الوسائل لفعل هذا الأمر هو التحكم الجيد بالميزانية فيمكنك أن تتخلى بقدر الإمكان عن ما يمكن أن تتخلى عنه من الآن، فلابد لك أن تستغنى عن الأشياء الغير ضرورية كالذهاب للتنزه أو السفر وكذلك التسوق من أجل اقتناء أشياء ترفيهية، والاحتفاظ بما يفيض من الأموال وأن تقوم باستثمار جزء منها في الأشياء التي تتمتع بالملاذ الآمن كالذهب وغيرها من السلع الأخرى مثل الفضة والنحاس، لأنك في أوقات الركود والتضخم سوف تجد عملاتك المحلية في مهب الريح حيث تفقد الأموال قيمتها بسرعة البرق، لذلك لابد لك أن تلجأ لسلع حافظة للقيمة كالسابق ذكرها.
- لاتقوم بتوريط نفسك في خطط غير مدروسة أو باهظة الثمن فلا تقوم بالشراء وكذلك لاتستأجر كما لا يجب عليك أن تضع نفسك تحت أعباء التقسيط، فإنه من الأفضل لك أن لاتكلف نفسك أموال مستحقة على المدى البعيد، حيث أنه في أوقات الأزمات والركود الاقتصادي قد تتعرض للعجز عن السداد.
نصيحة هامة
الركود الاقتصادي ليس مخيف لهذه الدرجة ولكن يجب عليك أن تتعامل معه باحترافية وحذر شديد، وأن تكون على علم ودراية تامة بالطرق التي تؤهلك للتعامل معه، والجدير بالذكر أن العالم قد تعرض على مر العصور لمراحل ركود و لهزات اقتصادية عنيفة ولكن البشرية هي التي انتصرت في النهاية.
الخلاصة
لابد أن نعلم جميعاً أن العالم يواجه اليوم مخاطر حقيقية بسبب مجموعة من الضربات المتلاحقة للاقتصاد العالمي منها أزمة فيروس كورونا وماتسببت من إغلاق للدول والكثير من المصانع ثم تأتي الحرب الروسية الأوكرانية ومادفع ذلك لأزمات في أسعار الغذاء والطاقة والسلع الأساسية على مستوى العالم الأمر الذي جعل كثير من الدول في مهب تضخم قوي ومايلحقه من ركود اقتصادي إما أننا نعيش فيه الآن أو أنه على وشك الحدوث فلابد من توخي الحذر من جانب الدول والأفراد وذلك من أجل التعامل مع مخاطر الركود الاقتصادي العالمي.
للمزيد من المقالات ذات الصلة يمكنك زيارة موقع بورصات