تعد سوق السندات كبرى أسواق الأوراق المالية في العالم؛ كونها توفر للمستثمرين خيارات استثمارية لا حدود لها. وبالرغم من شهرة سوق السندات بين المستثمرين منذ أمد بعيد، فإنه مع تطور الخيارات والمنتجات الجديدة قد أصبح من الصعب –حتى على المستثمرين الخبراء بها- مواكبة هذه التطورات.

ومع ذلك، فبمجرد إدراك مزايا الاستثمار في السنداتِ، والمتمثلة في كونها وسيلة لكسب الفائدة مع الحفاظ على رأس المال؛ تطورت هذه السوق لتصبح سوقًا عالمية تزيد قيمتها عن 100 تريليون دولار. كما أنها تمنح فرصًا جيدة لمختلف أنواع المحافظ الاستثمارية لتحقيق عوائد جذابة.

في هذا المقال سنناقش كل ما يتعلق بالسندات. وسنبدأ بتعريفها باعتبارها أداة استثمارية فريدة من نوعها، وكيفية تحديد أسعارها في سوق الأوراق المالية. ومن ثم سنتطرق إلى أنواعها المختلفة، ومزايا الاستثمار فيها. وأخيرًا سنتعرف على أبرز استراتيجيات الاستثمار في السندات.

أولًا: ما هي السندات؟

السند Bond هو قرض يقدمه مشتري السند أو حامله إلى مُصدر السندات Bond Issuer. وتصدر الحكومات والشركات ومختلف الجهات السـندات وتطرحها عندما تحتاج إلى رأس مال. وهكذا فإن المستثمر الذي يشتري سنداتٍ حكومية يقرض الحكومة أمواله. وإذا اشترى المستثمر سـندات شركة ما، فإنه يقوم بإقراض هذه الشركة أموالًا.

يمكننا التعرف بشكل أوثق على آلية عمل هذه الأداة المالية الفريدة من الشكل أدناه:

آلية عمل السندات

شكل رقم (1): آلية عمل السندات

والسند، مثله مثل القرض، تُدفع فائدته بشكل دوري. على أن يتم تسديد رأس المال في وقت محدد، والمعروف باسم تاريخ الاستحقاق Maturity.

مثال على السندات

لنفترض أن شركةً ما ترغب في بناء مصنع جديد، بتكلفة مليون دولار، وتقرر إصدار سنداتٍ للمساعدة في دفع تكلفة المصنع. في هذه الحالة قد تقرر الشركة إصدار وبيعَ 1000 سند للمستثمرين، مقابل 1000 دولار للسند. وهنا تكون القيمة الاسميَّة Face Value لكل سند هي 1000 دولار.

وتحدد الشركة، التي اكتسبت الآن صفة “مُصدر السندات”، معدل فائدة سنويًّا يعرف باسم الكوبون السنويِّ Coupon، وإطارًا زمنيًّا يُسدد فيه رأس المال، أو المليون دولار في مثالنا هذا.

عند تحديد قيمة الفائدة السنوية أو الكوبون، يأخذ مصدر السند في الاعتبار قيمةَ أسعار الفائدة Interest Rate السائدة في سوق السنداتِ؛ لضمان تنافسية الكوبون أو الفائدة التي تدفع للمشترين. ويجب أن تكون الفائدة لديه أفضل من نظيراتها في السوق وجذابة للمستثمرين.

تاريخ الاستحقاق (أجل الاستحقاق)

قد يقرر مصدرو السـندات (سواءً شركات أو حكومات) بيعَ سنداتٍ مدتها خمس سنوات، بكوبون سنويٍّ قدره 5%. في نهاية السنوات الخمس يصل السند إلى تاريخ الاستحقاق، وتسدد الشركة القيمة الاسمية البالغة 1000 دولار لكل سند.

لذلك فإن مقدار الوقت الذي يستغرقه السند للوصول إلى تاريخ الاستحقاق يمكن أن يلعب دورًا مهمًّا في مقدار المخاطرة. وكذلك في مدى الخطورة المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها المستثمر.

فمثلًا سندات بقيمة مليون دولار يتم سدادها بعد خمس سنوات تعتبر أقل خطورة من السنداتِ نفسها إذا تقرر سدادها بعد ثلاثينَ عامًا؛ لأنَّ العديدَ من العوامل الأخرى يمكن أن يكون لها تأثير سلبي في قدرةِ مُصدر السـندات علَى سداد قيمتها أو فوائدها لحامليها خلال الثلاثينَ عامًا، مقارنة بمدة السنوات الخمس.

المخاطر الإضافية التي يحملها السند طويل الاستحقاق لها علاقة مباشرة بسعر الفائدة، وأيضًا القسيمة (العائد)، التي يجب أن يدفعها المصدر على السند.

وبمعنى آخر، سيدفع المُصدر سعر فائدة أعلى للسند طويل الأجل، لذلك من المحتمل أن يكسب المستثمر عوائد أكبر على السنداتِ طويلة الأجل، ولكن في مقابل هذا العائد، يتحمل المستثمر مخاطر إضافية.

ثانيًا: التطور التاريخي لسوق السندات

منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، بدأت سوق السـندات الحديثة في التطور، حيث زاد عرضها وإدراك مميزاتها. كما أدرك المستثمرون أنَّه بإمكانهم جني أرباح طائلة عن طريق شراء وبيع السنداتِ في السوق الثانوية Secondary Market.

وحتى ذلك الحين، كانت سوق السـندات تقتصر –غالبًا- على الحكومات والشركات الكبرى لاقتراض الأموال. ومن ثم كان المستثمرون الرئيسيون في هذه السوق عبارةً عن شركات التأمين، وصناديق المعاشات، والأفراد من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة الذين يبحثون عن استثمار عالي الجودة لاستثمار أموالهم التي لن يحتاجونها إلا في موعد محدد في المستقبل.

وبسبب تزايد اهتمام المستثمرين بالسندات في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، وخصوصًا بعد أنْ سهَّل وجود الكمبيوتر تداولَ وحسابَ عوائدها؛ ابتكر متخصصو التمويل طرقًا جديدة للمقترضين -مُصدري السندات- للاستفادة من سوق السندات في الحصول علَى الأموال التي يحتاجونها، وطرقًا جديدة لأصحاب رؤوس الأموال لتنظيم التوازن بين المخاطر المحتملة والعائد.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الولاياتِ المتحدةَ كان لها السبق تاريخيًّا في إنشاء أول سوق للسنداتِ بمفهومه الحديث، وكان ذلك في عام 1917. وكذلك، فإن سوق السندات في أوروبا شهدت توسعًا كبيرًا منذ اعتماد  اليورو في عام 1999.

بينما انخرطت البلدان النامية -التي شهدت نموًّا اقتصاديًّا قويًّا في العقد الأول من القرن العشرين- في ما نسميه الآن سوق السندات العالميّة Global Bond Marketplace.

الشكل التالي يوضح لنا حجم التوسع الكبير في سوق السنداتِ العالمي خلال العقد الماضي:

إجمالي إصدارات السندات عالميًا في الفترة 2010 – 2020

شكل رقم (2): إجمالي إصدارات السندات عالميًا في الفترة 2010 – 2020

وبشكل عام، تظل السـندات الحكومية Government Bonds، وسـندات الشركات Corporate Bonds، هما أكبر قطاعين في سوق السنداتِ.

ورغم ذلك، فإن الأنواع الأخرى من السنداتِ، بما في ذلك الأوراق المالية المضمونة برهن عقاريٍّ Mortgage-backed Securities، تلعب أدوارًا مهمة في تمويل قطاعات معينة، مثل: الإسكان، وتلبية الاحتياجات الاستثمارية المتنوعة.

ثالثًا: كيف يتم تحديد أسعار السندات في سوق الأوراق المالية؟

يمكن شراء السندات وبيعها في السوق الثانوية بعد إصدارها. وعلَى الرغم من أنَّ بعض السندات يتم تداولها علنًا من خلال البورصات، فإنَّ معظمها يتم تداوله عبر الإنترنت بين كبار الوسطاء التجاريين الذين يعملون نيابةً عن عملائهم.

وتحدد قيمة السند في السوق الثانوية بناءً على سعره وعائده. فمن المنطقيِّ أنه يجب أن يكون للسند سعر يمكن شراؤه وبيعه به.

وعائد السند هو العائد السنوي الفعلي الذي يمكن للمستثمر الحصول عليه إذا تم الاحتفاظ بالسند حتى تاريخ الاستحقاق. ومِن ثَم فإن العائد يعتمد علَى سعر شراء السند، وكذلك قيمة الكوبون.

الشكل التالي يوضح كيفية تحديد سعر السند، وارتباطه بارتفاع وانخفاض أسعار الفائدة:

كيف يتم تحديد أسعار السندات في سوق الأوراق المالية

شكل رقم (3): كيف يتم تحديد أسعار السندات في سوق الأوراق المالية

رابعًا: لماذا يتحرك سعر السند دائمًا في الاتجاه المعاكس لعائده؟

إنَّ المفتاحَ لفهم هذه الفكرة المهمة لسوق السنداتِ هو استيعاب أنَّ سعر السند يعكس قيمة الدخل الذي يدره من خلال الكوبون الذي يحصل عليه حامله.

وبالتالي عندما تنخفض أسعار الفائدة بشكل عام، خاصةً أسعار الفائدة علَى السنداتِ الحكومية، تصبح السنداتُ القديمة بجميع أنواعها أكثر قيمة؛ لأنها بِيْعَتْ في سوق كانت به أسعار الفائدة أعلى. وعليه فهي تقدم لحاملها كوبونات أعلى (فائدة أعلى).

ويمكن للمستثمرين من حاملي السندات القديمة، التي يكون عائدها (الكوبون) أعلى من العائد علَى السنداتِ الجديدة، فرضَ علاوة علَى بيعها (تحقيق ربح) في السوق الثانوية؛ لأن عائدها أعلى من نظيرتها الجديدة في السوق.

وبالتالي يمكن القول إنه: إذا ارتفعت أسعار الفائدة، فقد تصبح السـندات القديمة أقل قيمة؛ لأنَّ كوبوناتها منخفضة نسبيًّا، ولذلك يتم تداول السـندات القديمة بسعر أقل من سعر السوق. وحينها يقال إن السندات القديمة يتم تداولها “بخصم”. ومن ذلك نستنتج أنه:

  • عندما ترتفع أسعار الفائدة في بلد ما، ستقدم السـندات الجديدة للمستثمرين عائدًا أعلى من تلك القديمة. لذلك تميل أسعار السـندات القديمة إلى الانخفاض.
  • وعلى العكس من ذلك، فإنَّ انخفاض أسعار الفائدة يعني أنَّ السنـدات القديمة تُدر عائدًا أعلى من الجديدة. وبالتالي تميل السـندات القديمة إلى التداول بأسعار أعلى في السوق الثانوية.

علَى المدى القصير، يمكن أنْ يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى زيادة قيمة السنـدات في المحفظة، وقد يضر ارتفاع أسعار الفائدة بقيمتها.

ولكن، علَى المدى الطويل، يمكن أنْ يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة عائد محفظة السـنداتِ، حيث يتم إعادة ضخ الأموال بعد استحقاق السنـدات قليلة العائد إلى السـندات الجديدة ذات العوائد المرتفعة.

وعلَى العكس من ذلك، عند انخفاض أسعار الفائدة، قد تحتاج أموال السنـدات المستحقة إلى إعادة استثمارها في سنداتٍ جديدة، تدفع معدلات عائد أقل، مما قد يؤدي إلى خفض العوائد طويلة الأجل. لذا، فإن العلاقة العكسية بين سعر السند والعائد عليه أمر جوهري لفهم القيمة في هذه السوق.

ما هو الأمد Duration؟

عنصر آخر مهم هو معرفة مقدار تغير سعر السند عندما تتغير أسعار الفائدة. ومن أجل حساب مدى حساسية سعر سند معين لتغير سعر الفائدة، يستخدم سوق السنـدات مقياسًا يعرف بالأمد Duration.

والأمد هو متوسط مرجح للقيمة الحالية للتدفقات النقدية للسند، والتي تشمل سلسلة المدفوعات (الكوبونات)، بالإضافة إلى “القيمة الاسمية” للسند التي سوف تدفع في النهاية عندما يحل أجل الاستحقاق.

الهدف الأساسي لحساب الأمد لكل سند هو أنْ يكون مقياسًا للمخاطر يسمح للمستثمرين بمقارنة السندات ذات الآجال المختلفة للاستحقاق والكوبونات المختلفة، والقيم الاسمية.

وكما هو موضح في الشكل أدناه، فإن أمد الاستحقاق يشمل تدفقات الكوبونات بالإضافة إلى رأس المال:

أمد الاستحقاق والفرق بينه وبين التدفقات النقدية وأجل الاستحقاق

شكل رقم (4): أمد الاستحقاق والفرق بينه وبين التدفقات النقدية وأجل الاستحقاق

مثله مثل استحقاق السند، يتم التعبير عن الأمد بالسنوات، لكنه عادة ما يكون أقل من الاستحقاق. ويتأثر الأمد بحجم المدفوعات الدورية (الكوبون)، والقيمة الاسمية للسند. وهكذا، يوفر الأمد التغيير التقريبي في السعر الذي سيشهده أي سند في حالة تغير أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس (نقطة مئوية واحدة).

على سبيل المثال، لنفترض أن أسعار الفائدة انخفضت بنسبة 100 نقطة أساس (1%)، مما تسبب في انخفاض العائد على كل سند في السوق بالمقدار نفسه. في هذه الحالة، سيرتفع سعر السند الذي يبلغ أمده (وليس استحقاقه) عامين بنسبة 2%. كما سيرتفع سعر السند الذي يبلغ أمده خمس سنوات بنسبة 5%، وهكذا.

يمكن أيضًا حساب متوسط الأمد المرجح Weighted Average Duration لمحفظة السـندات بأكملها، بناءً علَى “أمد” السـنـدات الفردية الموجودة في المحفظة.

سندات الكوبون الصفري

بالنسبة لسند الكوبون الصفريِّ Zero-coupon Bond، تكون مدتا الاستحقاق والأمد متساويتين؛ نظرًا لعدم وجود مدفوعات دورية (كوبونات). أي أن كل التدفقات النقدية (العائد والقيمة الاسمية) تُدفع دفعة واحدة عند حلول أجل الاستحقاق.

والأكثر أهمية أن سندات الكوبون الصفري تتميز بانخفاض قيمتها الاسمية عند شرائها، أي يتم بيعها بخصم من قبل الجهة المصدرة. وبسبب هذه الميزة، تتفاعل أسعار سندات الكوبونات الصفرية بشكل أسرع مع أي تغيير محدد في أسعار الفائدة، مما يجعلها جذابة للمستثمرين، تحديدًا ممن يراهنون علَى انخفاض في أسعار الفائدة.

هذا يعني أن سندات الكوبون الصفري تُباع عادة بسعر أقل من القيمة الاسمية. ويمثل الفارق بين قيمتها الاسمية وسعر شرائها عائدًا للمستثمر، بالإضافة إلى العائد الناتج عن الفوائد (الكوبونات) التراكمية.

لذلك، ورغم أن سندات الكوبون الصفري لا تدر لحامليها عوائد دورية منتظمة، فإنها تبدو أكثر جاذبية بالنسبة لكثير من المستثمرين بسبب عوائدها التراكمية عند حلول أجل الاستحقاق.

خامسًا: أسعار الفائدة وقياس مخاطر السندات

إنَّ المخاطرَ الإضافية التي تتعرض لها السـندات ذات أجل الاستحقاق الأطول، لها علاقة مباشرة بالتغيرات المحتملة في سعر الفائدة، وكذلك العوائد أو (الكوبونات) التي يجب علَى المصدر دفعها علَى السند. وبمعنى آخر، سيدفع المصدر سعرَ فائدة أعلَى لسند طويل الأجل.

وبناءً على ذلك، من المحتمل أنْ يكسب المستثمر عوائد أكبر علَى السنـدات طويلة الأجل، ولكن مقابل هذا العائد، يتحمل المستثمر مخاطرَ إضافية.

يحمل كل سند أيضًا بعض المخاطر الإضافية. ومن أبرزها أنَّ الجهة المقترضة مصدرة السند قد “تتخلف عن السداد” أو تفشل في سداد القرض بالكامل.

ولهذا السبب، تقوم خدمات التصنيف الائتمانيِّ المستقلة Independent Credit Rating Services بتقييم المخاطر الافتراضية أو مخاطر الائتمان لمُصدري السنـدات، ونشر التصنيفات الائتمانية التي لا تساعد المستثمرين في تقييم المخاطر فحسب؛ بل تساعد أيضًا في تحديد أسعار الفائدة علَى السندات الفردية.

ستدفع الجهة المصدرة للسندات ذات التصنيف الائتمانيِّ المرتفع سعرَ فائدة أقل من مصدر آخر للسندات ذي تصنيف ائتمانيٍّ أقل.

وهذا يعنى أنه يمكن للمستثمرين الذين يشترون السنـدات ذات التصنيف الائتماني المنخفض أن يحققوا عوائد أعلى. ولكن يجب عليهم أن يتحملوا المخاطر الإضافية لهذا النوع من السـندات -منخفضة الجدارة الائتمانية- المتمثلة في التخلف عن السداد من قِبل المُصدرين.

سادسًا: كيف يتم عرض وتسعير السندات في السوق؟

يتم تسعير السندات في السوق بنسبة مئوية من قيمتها الاسمية. أسهل طريقة لفهم أسعار السندات هي إضافة صفر إلى السعر المتداول في السوق. علَى سبيل المثال:

  • إذا تم تحديد سعر السند بـ 99 في السوق، يكون السعر 990 دولارًا لكلِّ 1000 دولار من القيمة الاسمية للسند. وحينها يقال إنَّ السند يتم تداوله بخصمٍ.
  • وإذا تم تسعير السند عند سعر 101، فيكون سعره 1010 دولارات لكلِّ 1000 دولار من قيمته الاسمية،.ويقال حينها إنَّ السند يتم تداوله بعلاوة.
  • أما إذا تم تسعير السند عند 100، فيكون سعره 1000 دولار لكلِّ 1000 دولار من قيمته الاسمية، أي أن سعره هو قيمته الاسمية نفسها، ويقال إنه يتداول بالقيمة الاسمية (دون خصم أو علاوة).

من المهم إدراك مدى الزيادة أو النقصان بين القيمة السوقية للسند وقيمته الاسمية (القيمة التي جرى إصدار السند بها). وكما سبق وأشرنا، يتوقف السعر علَى مجموعة عوامل؛ منها سعر الفائدة، والجدارة الائتمانية للمُصدر، وعوامل أخرى.

سندات الدخل الثابت

تدفع معظم السندات دخلًا ثابتًا لا يتغير، ويعتمد سعر السند علَى مدى تقييم المستثمرين للعائد من حيازتهم للسندات. ولذلك، عندما ترتفع أسعار السلع والخِدْمَاتِ، وهي ظاهرة اقتصادية تُعرف باسم التضخم Inflation، يصبح دخل السند الثابت أقل تنافسية؛ لأنَّ هذا العائد يمكن أنْ يشتري كمية أقل من السلع والخِدْمَاتِ.

ونظرًا لأن التضخم يتزامن عادةً مع النمو الاقتصاديِّ السريع، فإن الطلب يرتفع علَى السلع والخدمات.

وعلَى العكس من ذلك، عادةً ما يؤدي تباطؤ النمو الاقتصاديِّ إلى انخفاض التضخم، مما يجعل دخل السندات أكثر جاذبية. وعادة ما يكون التباطؤ الاقتصادي أمرًا سيئًا بالنسبة إلى أرباح الشركات وأرباح الأسهم، مما يزيد من تنافسية دخل السندات باعتبارها مصدرًا للعائد.

إذا تباطأ النمو بشكل كبير وأدى إلى عزوف المستهلكين عن شراء السلع والخدمات، وبدأت الأسعار في الانخفاض -وهي ظاهرة اقتصادية سلبية تُعرف باسم الانكماش Deflation- يصبح عائد السندات أكثر جاذبية؛ لأنَّ حامليها يمكنهم شراء المزيد من السلع والخدمات، بسبب انخفاض الأسعار مع ثبات دخل السندات. ومع زيادة الطلب علَى السنداتِ، ترتفع أسعارها وعائدات حامليها.

سابعًا: أنواع السـندات

كما سبق وذكرنا، تنقسم السندات إلى أنواع عديدة، أهمها على الإطلاق السندات الحكومية وسندات الشركات. ويندرج تحت كل نوع من هذين النوعين الرئيسيين مكونات ثانوية أخرى. بيد أن جميع أنواع السندات، بمختلف مسمياتها، تتفق في كونها أداة استثمارية جيدة، تمنح عائد محدد مع الحفاظ على رأس المال.

الشكل التالي يوضح بالتفصيل مختلف أنواع السندات وتصنيفاتها الفرعية:

أنواع السندات

شكل رقم (5): أنواع السندات

(1) السندات الحكومية Government Bonds

تمثل السـندات الحكومية قطاعًا كبيرًا، يشمل الديون السيادية Sovereign Debt، والتي يتم إصدارها وضمانها من قِبل الحكومات المركزية. ومن أشهر أمثلتها سندات الحكومة الكندية (GoCs)، وسندات المملكة المتحدة (U.K. Gilts) وسندات الخزانة الأمريكية U.S. Treasuries، والسندات الألمانية German Bunds، وسندات الحكومة اليابانية (JGBs).

وبشكل رئيسي، كانت الولايات المتحدة واليابان وأوروبا من أكبر مُصدري السنداتِ الحكومية.

وتُصدر بعض الحكومات سنداتٍ سياديةٍ مرتبطة بالتضخم، تُعرف باسم السـندات المرتبطة بالتضخم Inflation-linked Bonds، أو كما تسمى في الولايات المتحدة سندات الخزانة المحمية من التضخم Treasury Inflation-Protected Securities أو (TIPS).

في السند المحمي من التضخم، يتم تعديل الفائدة ورأس المال علَى أساس منتظم؛ ليتماشى مع التغيرات في معدل التضخم. وبالتالي يوفر عائد حقيقي يمحو تأثير التضخم علَى العائد.

ولكن، علَى عكس الأنواع الأخرى، قد تواجه السنـدات المرتبطة بالتضخم خسائر أكبر عندما تتحرك أسعار الفائدة الحقيقية بشكل أسرع من أسعار الفائدة الاسمية Nominal Interest Rates.

وبالإضافة إلى السنداتِ السيادية، يشمل قطاع السندات الحكومية مكونات فرعية، من أبرزها:

أ- سندات الوكالة والسندات شبه الحكومية Agency and “Quasi-Government” Bonds:

  • تسعى الحكومات المركزية إلى تحقيق أهداف مختلفة، منها دعم قطاع الإسكان قليل التكلفة أو تنمية الأعمال التجارية الصغيرة. على سبيل المثال، من خلال الوكالات التي يُصدر عدد منها سنداتٍ لتمويل خدماتها.
  • وبينما تكون بعض سندات الوكالات مضمونة من قبل الحكومة المركزية؛ فإنَّ بعضها الآخر ليس كذلك. كما أن بعض المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي، تقترض في سوق السـنداتِ لتمويل المشاريع العامة والتنمية.

ب- سندات الحكومة المحلية Local Government Bonds:

تقترض الحكومات المحلية، سواء حكومات الولايات أو المدن، لتمويل مجموعة متنوعة من المشاريع، مثل الكباري والطرق والمدارس، وكذلك بعض الخدمات العامة.

وتعد الولايات المتحدة من أبرز الدول التي ينشط فيها سوق السنـدات الحكومية المحلية، حيث تُعرف هذه السنـدات بالسندات البلدية Municipal Bonds. كذلك، فإن كثيرًا من الدول المتقدمة الأخرى تصدر أيضا سندات الحكومة المحلية.

(2) سندات الشركات Corporate Bonds

تعتبر سندات الشركات دائمًا بمنزلة ثاني أكبر مكون لسوق السنـدات، وتأتي مباشرة بعد سندات القطاع الحكوميّ. وكما سبقت الإشارة، فإن الشركات تقترض الأموال في سوق السنـدات لتنفيذ عملياتها أو تمويل مشاريعها التجارية الجديدة.

ويشهد قطاع سندات الشركات تطورًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، خاصة في أوروبا والعديد من البلدان النامية. وتنقسم سندات الشركات إلى ثلاث فئات رئيسية، هي:

أ- سندات المضاربة Speculative-grade bonds

سندات المضاربة، والمعروفة أيضًا باسم السنـدات ذات العائد المرتفع High Yield Bonds، يتم إصدارها من قبل الشركات التي يُنظر إليها علَى أنها ذات تصنيف ائتماني منخفض، ومخاطر تخلف عن السداد أعلَى من الشركات ذات التصنيف الائتماني المرتفع.

وغالبًا ما يتم إصدار سندات المضاربة من قبل الشركات الحديثة أو الشركات التي تعمل في القطاعات التنافسية أو في بيئة من التقلبات، أو الشركات ذات الأصول المثيرة للقلق.

وفي حين أن التصنيف الائتماني للشركات التي تُصدر سندات المضاربة يشير –في كثير من الأحيان- إلى احتمالية أكبر للتخلف عن السداد، فإن عائدها الأعلى يكون بمنزلة تعويض للمستثمرين عن تلك المخاطر العالية.

ولذلك، يمكن تخفيض التصنيف إذا تدهورت جودة الائتمان لمصدر السندات، وكذلك يمكن أن يتحسن تصنيف الشركة ويرتقي لدرجة أفضل إذا تحسنت الأصول.

ب- السندات الاستثمارية Investment Grade Bonds

على العكس من سندات المضاربة، فإن السندات الاستثمارية Investment Grade Bonds هي التي يتمتع مصدروها بدرجة عالية من الجدارة الائتمانية. ولهذا السبب عادة ما يكون عائدها أقل من نظيرتها (سندات المضاربة)؛ نظرًا لانخفاض مخاطر الاستثمار المرتبطة بها.

ضمن هاتين الفئتين الواسعتين، تتدرج سندات الشركات في درجة موثوقيتها، مما يعكس حقيقة أن التصنيف الائتماني للمُصدرين يمكن أن يختلف اختلافًا كبيرًا من مُصدر لآخر، ويؤثر بشكل واضح على قيمة السندات.

ج- سندات الأسواق الناشئة Emerging Market Bonds

سندات الأسواق الناشئة هي السندات السيادية وسندات الشركات التي تصدرها البلدان النامية. كما تُعرف أيضًا باسم “سندات الأسواق المحلية الناشئة” Emerging Local Market Bonds.

وقد تطورت فئة أصول الأسواق الناشئة ونضجت منذ تسعينيات القرن الماضي، لتشمل مجموعة متنوعة من السنداتِ الحكومية وسندات الشركات، التي تصدر بعملات أجنبية رئيسية، مثل الدولار الأمريكي واليورو، وأيضًا بالعملات المحلية.

ونظرًا لأنها تصدر عن مجموعة متنوعة من البلدان، والتي قد يكون لها آفاق نمو مختلفة، فيمكن أن تساعد سندات الأسواق الناشئة في تنويع محفظة الاستثمار. كما يمكن أن توفر عوائد جذابة محتملة ومعدلة حسب درجة المخاطر.

(3) السنـدات المضمونة بالأصول أو سندات الرهن العقاريِّ Mortgage-backed and Asset-backed Securities

هي نوع من السنـدات التي تتوفر له ضمانات، قد تتمثل في بعض الأصول أو رهن عقاري، ومن أنواعها:

أ- الأوراق المالية المضمونة بالرهن العقاري Mortgage-backed Securities أو (MBS):

يتم إصدار هذا النوع بضمان مدفوعات الرهن العقاريِّ لأصحاب المنازل السكنية. حيث يقوم مقرضو الرهن العقاريِّ (الذين سيتحولون لاحقًا إلى مصدري السنـدات) وهم عادةً البنوك وشركات التمويل ببيع قروض الرهن العقاري الفردية إلى كيان آخر (قد تكون شركة)، والذي بدوره يجمع تلك القروض في شكل سندات تدفع عائدًا مكافئًا لسعر الفائدة الذي يدفعه أصحاب المنازلِ (المقترضون).

وكما هو الحال مع السنـداتِ الأخرى، فإن الأوراق المالية المضمونة برهن عقاريٍّ تكون حساسة للتغيرات في أسعار الفائدة السائدة. وبالتالي يمكن أنْ تنخفض قيمتها في حال ارتفعت أسعار الفائدة.

لذلك، يمكن القول إن الأوراق المالية المضمونة برهون عقاريَّة، وخصوصًا تلك ذات السعر الثابت، تكون أكثر حساسية لأسعار الفائدة؛ لأنَّ المقترضين قد يدفعون مقدمًا (قبل حلول أجل الاستحقاق)، ويعيدون تمويل قروضهم عندما تنخفض الأسعار.

لهذا السبب، وأيضًا بهدف جذب أنواع مختلفة من المستثمرين، يمكن هيكلة الأوراق المالية المضمونة بالرهن العقاريِّ في سنداتٍ ذات تواريخ وخصائص دفع محددة، وتعرف باسم التزامات الرهن العقاري المضمونة Collateralized Mortgage Obligations أو (CMOs).

ب- الأوراق المالية المضمونة بالأصول Asset-backed securities أو (ABS):

هي عبارة عن أوراق مالية يتم إصدارها من مدفوعات السيارات أو مدفوعات بطاقات الائتمان أو غيرها من القروض. وعلى غرار الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاريِّ، يتم تجميع القروض المماثلة وإصدار ورقة مالية بقيمة هذه الأصول وتقديمها ضمانًا يُباع إلى المستثمرين كسنداتٍ.

ويتم إنشاء كيانات خاصة لإدارة الأوراق المالية المضمونة بالأصول، مما يسمح لشركات بطاقات الائتمان والمقرضين الآخرين بنقل القروض من ميزانياتهم العمومية. ومع ذلك، تحمل الأوراق المالية المدعومة بالأصول بعض المخاطر، بما في ذلك مخاطر الائتمان.

ج- السندات المُغطاة وسندات الدين الألمانية Pfandbriefe and Covered Bonds

“فاندبريفه” Pfandbriefe هو مصطلح ألماني، ويعني سندات الدين الألمانية. وهي نوع من السنداتِ المغطاة التي تصدر عن بنوك الرهن العقاري الألمانية والمضمونة بأصول طويلة الأجل. وتمثل هذه الأنواع الجزء الأكبر من سوق السنداتِ الألمانية الخاصة، وتعتبر من أدوات الدين الأكثر أمانًا في السوق الخاصة.

وعلى مدى عقود كانت سوق سندات الرهن العقاري الألمانية Jumbo Pfandbriefe تمثل أحد أهم قطاعات سوق السـندات الأوروبية بشكل عام. الفرق الرئيسيُّ بين سنداتِ الدين أو الرهن العقاري الألمانية والأوراق المالية المضمونة بالأصول هو أنَّ البنوكَ التي تقدم القروض وتضمنها في سنداتِ الدين الألمانية تحتفظ بتلك القروض لتظهر في ميزانيتها العمومية.

وبسبب هذه الميزة، يتم تصنيف سندات الدين الألمانية في بعض الأحيان على أنها سندات شركات. وباعتبارها سندات شركات، تقوم دول أخرى في أوروبا بإصدار أوراق مالية شبيهة بسندات الدين الألمانية، وتعرف عمومًا باسم السندات المغطاة.

كيفية حساب “مُعدل الليبور” (مُعدل الفائدة بين البنوك)

هذه السـندات غير الحكومية الموضحة أعلاه يمكن تسعيرها نسبةً إلى عوائد السندات الحكومية. كما يمكن أنْ تتفوق علَى عوائد السـندات الحكومية من خلال حساب “معدل الليبور” LIBOR Rate، أو سعر الفائدة بين بنوك لندن London Interbank Offered Rate.

ويقصد بمعدل الليبور متوسط سعر الفائدة المعياري الذي تقرض به البنوك العالمية الكبرى بعضها بعضًا في سوق الإنتربنك الدولية للحصول على قروض قصيرة الأجل.

ويعرف معدل الليبور LIBOR Rate، أو الفرق بين العائد علَى السنـدات غير الحكومية والعائد علَى السنـدات الحكومية، باسم: “إسبريد الائتمان” Credit Spread. على سبيل المثال، قد تُصدر شركة ذات تصنيف ائتمانيِّ أقل قليلًا من حكومتها سندات بعائد أو “إسبريد ائتماني” يبلغ  50 نقطة أساس (0.5%) أعلى من  السـندات الحكومية، مع أنَّ تاريخ الاستحقاق واحد.

ويتم ضبط فروق (إسبريد) الائتمان بناءً علَى تقييم المستثمر لجودة الائتمان والنمو الاقتصاديِّ، بالإضافة إلى إقبال  المستثمر علَى المخاطرة بغرض الحصول علَى عوائد أعلى.

بعد قيام المُصدر ببيع السـندات، يمكن تداول هذه السندات في السوق الثانوية، حيث تتقلب الأسعار وفقًا للتغيرات في الرؤية الاقتصادية، وجودة الائتمان للسند أو المصدر، والعرض والطلب، وعوامل أخرى.

وغالبًا ما يكون السماسرة هم المشترون والبائعون الرئيسيون في السوق الثانوية للسنداتِ، ويشتري مستثمرو التجزئة عادةً السنـدات منهم. ويتم ذلك إما مباشرة كأي عميل، أو بشكل غير مباشر من خلال صناديق الاستثمار المشتركة Mutual Funds وصناديق الاستثمار المتداولة في البورصة Exchange-traded Funds.

ثامنًا: مزايا الاستثمار في السندات

لنستعرض أولًا مزايا الاستثمار في السـندات من الشكل التالي، ونناقش كل ميزة على حدة:

مزايا الاستثمار في السندات

شكل رقم (6): مزايا الاستثمار في السندات

1– الحفاظ علَى رأس المال

علَى عكس الأسهم، يجب أنْ يسدد مُصدر السنـد رأس المال (أصل القرض) في تاريخ محدد يسمى تاريخ الاستحقاق، كما سبق وشرحنا. هذا الأمر يجعل السـندات جذابةً للمستثمرين الذين لا يرغبون في المخاطرة بخسارة رأس المال، ولهؤلاء الذين يجب عليهم الوفاء بالتزام ما في تاريخ محدد في المستقبل.

وتتمتع السـندات بميزة إضافية، تتمثل في تقديم فائدة بسعر محدد سلفًا. وغالبًا ما يتفوق هذا العائد علَى حسابات الادخار قصيرة الأجل.

2– تحقيق الدخل

تُدر معظم السندات على حامليها دخلًا ثابتًا، ويكون وفقًا لجدول زمنيٍّ محددٍ. ويمكن أن يكون هذا الدخل ربع سنوي أم نصف سنوي أم سنوي. ويدفع مصدر السند لمشتريه مدفوعات أو ما يسمى بالكوبونات، والتي يمكن إنفاقها أو إعادة استثمارها في سندات أخرى.

ويمكن للأسهم أيضًا توفير الدخل من خلال الأرباح الموزعة علَى المساهمين، لكن توزيعات الأرباح في الأغلب تكون أقل من كوبونات السـندات. وتدفع الشركات توزيعات أو حصص الأرباح حسب تقديرها، في حين أنَّ مصدري السندات ملتزمون بتسديد الكوبونات حسب التزامهم، وليس حسب قدرتهم.

3– زيادة قيمة رأس المال

يمكن أن ترتفع أسعار السـندات لعدة أسباب، من أبرزها انخفاض أسعار الفائدة، وتحسن التقييم الائتمانيِّ لمصدر السندات. إذا تم الاحتفاظ بالسند حتى تاريخ الاستحقاق، فلن تتحقق أي مكاسب في سعره علَى مدى عمر السند. بل إن سعر السند يعود عادةً إلى قيمته الاسمية عندما يقترب تاريخ الاستحقاق وسداد رأس المال.

ولكن، من خلال بيع الســندات بعد ارتفاع  أسعارها وقبل أجل الاستحقاق، يمكن لحامليها أنْ يستفيدوا من ارتفاع أسعارها، وهو ما يعرف بزيادة قيمة رأس المال. كما أن الحصول علَى عائد عند البيع حال ارتفاع أسعار السنـداتِ يزيد من العائد الإجماليِّ، ليصبح مزيجًا من تحقيق الدخل وزيادة رأس المال.

ولذلك، أصبح الاستثمار من أجل تحقيق عائدات متنوعة واحدًا من أهم استراتيجيات الاستثمار في السـنداتِ علَى مدار الأربعين عامًا الماضية.

4– التنويع الاستثماري

يمكن أن يساعد وجود السنـدات في المحفظة الاستثمارية علَى تنويع المحفظة. ويختار العديد من المستثمرين بين مجموعة واسعة من الأصول، مثل: الأسهم والسنـدات، بالإضافة إلى السلع والاستثمارات الأخرى، في محاولة للحدِّ من مخاطر العائد المنخفض أو الخسارة في محافظهم الاستثمارية.

5– التحوط المحتمل ضد التباطؤ الاقتصاديِّ أو الانكماش:

يمكن أن تساعد السنـدات في حماية المستثمرين من التباطؤ الاقتصاديِّ والظواهر الاقتصادية السلبية الأخرى.

تاسعًا: استراتيجيات الاستثمار في السندات

يمكن لمستثمري السنـدات الاختيار من بين العديد من استراتيجيات الاستثمار المختلفة، حسب الأهمية التي ستلعبها في محافظهم الاستثمارية. ومن أهم استراتيجيات الاستثمار في السندات:

أ- استراتيجيات الاستثمار السلبي Passive Investment Strategies

تتضمن استراتيجيات الاستثمار السلبىِّ شراء السنـدات والاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق. وكذلك الاستثمار في صناديق السنـداتِ أو المحافظ التي تتبع مؤشرات السنـدات Bond Indexes.

قد تناسب استراتيجيات الاستثمار السلبىِّ المستثمرين الذين يبحثون عن بعض المزايا التقليدية للسندات، مثل: الحفاظ علَى رأس المال، والدخل الثابت، والتنويع في أدوات الاستثمار. بيد أنهم لا يحاولون الاستفادة من سعر الفائدة أو الائتمان أو تنافسية السوق.

ويؤثر سعر الفائدة علَى الأسعار التي يدفعها المستثمرون الذين يشترون السندات بغرض الاحتفاظ بها. سواءً عندما يشترون في البداية، أم مرَّةً أخرى عندما يحتاجون إلى إعادة استثمار أموالهم عند حلول موعد الاستحقاق.

ب- استراتيجيات الاستثمار النشط Active Investment Strategies

تهدف استراتيجيات الاستثمار النشط إلى استغلال المستثمرين لخبراتهم في معرفة أداء مؤشرات السـندات. ويتم ذلك عن طريق شراء السندات وبيعها بسعر أفضل للاستفادة من تحركات الأسعار. وقد سبق وذكرنا أن الأسعار تتغير مع تغير أسعار الفائدة ومعدلات التضخم وعوامل أخرى.

ومن أجل اكتساب الخبرة اللازمة للتعرف على أداء مؤشرات السنداتِ علَى المدى الطويل، يتطلب الاستثمار النشط القدرة على:

  • تكوين آراء حول الاقتصاد، واتجاه أسعار الفائدة، والوضع الائتمانيّ.
  • القدرة علَى تحويل الرؤية والتحليل إلى تداولات ناجحة في سوق السندات.
  • الاستثمار في سـندات القطاعات ذات الأداء الأقوى خلال الدورة الاقتصادية.
  • الخبرة بكيفية إدارة المخاطر.

الخلاصة

  • السند هو قرض يقدمه مشتري السند أو حامله إلى مُصدر السندات. وتصدرها الحكومات والشركات ومختلف الجهات وتطرحها عندما تحتاج إلى رأس مال.
  • بدأ سوق السندات الحديثة في التطور منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث زاد عرض السندات. كما أدرك المستثمرون أنَّه بإمكانهم جني أرباح طائلة عن طريق شراء وبيع السنداتِ في السوق الثانوية.
  • تحدد قيمة السند في السوق الثانوية بناءً على سعره وعائده. وعائد السند هو العائد السنوي الفعلي الذي يمكن للمستثمر الحصول عليه إذا تم الاحتفاظ بالسند حتى تاريخ الاستحقاق.
  • تلعب أسعار الفائدة على السنداتِ دورًا رئيسيًّا في تحديد سعر وقيمة السند، بمعنى:
    • عندما تنخفض أسعار الفائدة علَى السنداتِ الحكومية، تصبح السنداتُ القديمة بجميع أنواعها أكثر قيمة.
    • وعندما ترتفع أسعار الفائدة علَى السنداتِ الحكومية، ينخفض سعر السندات القديمة.
  • للسنداتِ أنواع عديدة، من أبرزها:
    • السندات الحكومية، وتنقسم إلى:
      • سـندات الوكالة والسندات شبه الحكومية.
      • سندات الحكومة المحلية.
    • سندات الشركات، وتنقسم إلى:
      • سنداتُ المضاربة.
      • السنداتُ الاستثمارية.
      • سنداتُ الأسواق الناشئة.
    • السندات المضمونة بالأصول أو سندات الرهن العقاري، وتنقسم إلى:
      • الأوراق المالية المضمونة بالرهن العقاري.
      • الأوراق المالية المضمونة بالأصول.
      • سـندات الدين الألمانية (فاندبريفه) والسندات المُغطاة.
  • من مزايا الاستثمار في السـنداتِ:
    • الحفاظُ علَى رأس المال.
    • تحقيق الدخل.
    • زيادة قيمة رأس المال.
    • تنويع المحفظة الاستثمارية.
    • التحوط ضد الظاهر الاقتصادية السلبية، كالتباطؤ الاقتصادي أو الانكماش.
  • استراتيجيات الاستثمار في السنداتِ:
    • استراتيجيات الاستثمار السلبىِّ؛ وذلك بشراء السـنداتِ والاحتفاظ بها.
    • استراتيجيات الاستثمار النشط، عن طريق البيع والشراء مع كل نشاط للسوق.

تعرفنا في هذا المقال على السنـداتِ ومختلف أنواعها. وخلافًا لسوق الأسهم، لا تعتبر هذه السوق معروفة للكثير من المستثمرين. في رأيك عزيزي القارئ، هل السنـدات هي الوسيلة الفضلى للتحوط في المحفظة الاستثمارية؟ بورصات تنتظر آرائكم بشغف، وتشارككم شغف المعرفة.

للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.