ما هو الصندوق السيادي السعودي | صندوق الاستثمارات العامة؟ وما أهميته؟
يعتبر الصندوق السيادي السعودي واحدًا من أكبر الصناديق السيادية في المنطقة العربية والشرق الأوسط عمومًا. ويتصاعد الجدل خلال فترات الأزمات الاقتصادية حول أهمية صناديق الثروة السيادية؛ نظرًا لتزايد تكلفة التصدي لهذه الأزمات، وما تمثله من عبء على موازنات الدول التي لم تتعافَ بعد من آثار الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في عام 2008، وتبعات تلك الأزمة من انخفاض في معدلات النمو الاقتصادي، وتراجع في مستويات التجارة والاستثمار.
ورغم الخلاف حول طبيعة دور هذه الصناديق وحقيقة الأهداف التي تسعى لتحقيقها، فإن الواقع يشير إلى أن هذه الصناديق ضخت رؤوس أموال طائلة إلى المؤسسات المالية المؤثرة في النظام الاقتصادي في أثناء فترة الاضطرابات بالأسواق المالية العالمية.
كذلك، لعبت صناديق الثروة السيادية في منطقة الشرق الأوسط دورًا فاعلًا في إنقاذ النظام المالي الدولي خاصة خلال الأزمة المالية العالمية. وبالتالي لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه الصناديق السيادية في دعم الاقتصاد، وتمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.
في هذا المقال سنتعرف على الصندوق السيادي السعودي، أو صندوق الاستثمارات العامة السعودي. وسنبدأ أولًا بتعريف صناديق الثروة السيادية، وأهدافها وكيفية إدارتها. ثم ننتقل بالحديث إلى الصندوق السيادي السعودي، والمعروف باسم صندوق الاستثمارات العامة، مع توضيح أهميته ومهامه وأهدافه. ومن ثم سنركز على أبرز مشروعات واستثمارات الصندوق السيادي السعودي.
أولًا: ما هي صناديق الثروة السيادية؟
صناديق الثروة السيادية Sovereign Wealth Funds، أو الصناديق السيادية، هي صناديق مالية مملوكة من قبل الدولة. ويتم تمويل هذه الصناديق بصفة عامة من احتياطيات النقد الأجنبي التي تحتفظ بها السلطات النقدية أو البنوك المركزية.
كما تتألف من مجموعة واسعة من الأصول المالية، بما في ذلك الأسهم والسندات والعقارات والمعادن الثمينة والأدوات المالية الأخرى.
وتقوم العديد من الدول بإنشاء صناديق الثروة السيادية لتنويع مصادر إيراداتها، ولإدارة فوائضها من أجل الاستثمار. وكانت الكويت هي أول دولة أنشأت صندوق سيادي في العالم في عام 1953 تحت اسم الهيئة العامة للاستثمار، حيث يتولى الصندوق استثمار الفائض من عائدات النفط.
ومع بداية عام 2018، أصبحت هذه الصناديق تتمتع بقوة هائلة، ليصل عددها في مارس 2020، إلى 89 صندوقًا سياديًّا حول العالم، وفقًا لبيانات معهد صناديق الثروة السيادية Sovereign Wealth Fund Institute. وتستحوذ هذه الصناديق على ما يزيد على 8.5 تريليون دولار من الأصول المالية والاستثمارية، أي ما يقترب من 10 في المائة من إجمالي الناتج العالمي.
ويعد صندوق الثروة السيادي النرويجي الأكبر على مستوى العالم؛ فقد بلغت قيمة أصوله نحو 1.35 تريليون دولار وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي. وتضم منطقة الشرق الأوسط 4 من ضمن أكبر 10 صناديق على مستوى العالم؛ ويمثل حجم هذه الصناديق الأربعة 40% من إجمالي الأصول السيادية على مستوى العالم.
وبالإضافة إلى المملكة العربية السعودية، تمتلك دول عربية أخرى صناديق سيادية ضخمة، مثل الإمارات وقطر. وتحتل الصناديق السيادية العربية مراكز متقدمة في ترتيب أكبر الصناديق السياية في العالم، والموضحة في الشكل أدناه:
الشكل رقم (1): أكبر الصناديق السيادية في العالم 2022
وتواجه صناديق الثروة السيادية في منطقة الخليج عددًا من التحديات، أبرزها تراجع أسعار النفط منذ عام 2014، وهو ما تسبب في تراجع موارد هذه الصناديق.
كما يتعين على هذه الصناديق أن تتمتع باستقلالية عن القوى السياسية والتقلبات الاقتصادية، بما يضمن استمرار استثماراتها والحفاظ على مصداقيتها.
ثانيًا: ما هي أهداف صناديق الثروة السيادية؟
تتمتع صناديق الثروة السيادية بقوة اقتصادية هائلة، ومن ثم تعمد الدول إلى استغلالها في الاستثمارات لتنويع مصادر إيراداتها.
وبشكل عام، تسعى صناديق الثروة السيادية، ومن بينها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إلى تحقيق عدد من الأهداف أبرزها:
- العمل على استقرار ميزانية الدولة واقتصادها من التقلبات الزائدة في الإيرادات والصادرات.
- استثمار الفائض من السيولة النقدية لزيادة المدخرات للأجيال القادمة.
- كذلك، مساعدة الدول والحكومات خلال فترات الأزمات الاقتصادية، أو تلك الناتجة عن تفشي الأوبئة، مثل وباء كورونا.
- تمويل برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
- أخيرًا، مساعدة الحكومات في حل مشكلات الديون بصورة مبكرة من خلال تخصيص مبلغ لشراء السندات.
ثالثًا: كيفية إدارة صناديق الثروة السيادية
تلجأ العديد من صناديق الثروة السيادية إلى شركات عالمية متخصصة لإدارة الأصول، على غرار:
- مورجان ستانلي Morgan Stanley.
- نيبرجر بيرمان Neuberger Berman.
- وجولدمان ساكس Goldman Sachs.
حيث تقدم هذه المؤسسات العالمية الدعم للصناديق السيادية وتدير محافظها الاستثمارية، كما توفر هذه الشركات لعملائها خيارات أكثر تنوعًا للاستثمار.
وتتقاضى هذه الشركات عمولات محددة نظير الإدارة، من خلال فرض رسوم. وقد تكون هذه الرسوم محددة، وفي حالات أخرى قد تتقاضى هذه الشركات نسبة مئوية من إجمالي الأصول الخاضعة لإدارة الصندوق السيادي.
رابعًا: الصندوق السيادي السعودي | صندوق الاستثمارات العامة Saudi Sovereign Wealth Fund
تأسس الصندوق السيادي السعودي | صندوق الاستثمارات العامة Public Investment Fund، عام 1971، بموجب مرسوم ملكي. وكان الهدف من تأسيسه تمويل المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية المستدامة.
ويسعى الصندوق السيادي السعودي أو صندوق الاستثمارات العامة إلى أن يصبح واحدًا من أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم، من خلال العمل على إنشاء محفظة استثمارية متنوعة.
علاوة على ذلك، يحتل صندوق الاستثمارات العامة السعودي اليوم المركز التاسع عالميًّا بإجمالي أصول تقدر بقرابة 430 مليار دولار. وتشمل هذه الأصول الشركات السعودية العامة والخاصة، وعددًا كبيرًا من الاستثمارات الدولية.
الشكل رقم (2): صندوق الاستثمارات العامة
ويمول الصندوق المشاريع الاستراتيجية في المملكة، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات المباشرة في الخارج. كما يدعم هذا الصندوق جهود القطاع الخاص؛ لما يتمتع به من خبرات وموارد إضافية.
وقد تم تعزيز سلطات الصندوق بحلول عام 2015 بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد. حيث تضمَّن برنامج صندوق الاستثمارات العامة برامج رؤية المملكة 2030 -في الأعوام الثلاثة من 2018 إلى 2020- بنحو 30 مبادرة، عملت على رفع قيمة أصول الصندوق إلى نحو 1.5 تريليون ريال سعودي أو ما يزيد عن 400 مليار دولار في 2020.
بالإضافة إلى ذلك، حقق الصندوق السيادي السعودي طفرة هائلة في السنوات الأخيرة. ويعتبر حاليًا من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، إذ يحتل المركز الخامس بإجمالي أصول تقدر بـ 620 مليار دولار، بحلول نهاية العام 2022
خامسًا: أهمية وأهداف صندوق الاستثمارات العامة السعودي
يكتسب صندوق الاستثمارات العامة السعودي أهمية خاصة؛ لأنه يتعلق بحدث جوهري فى تاريخ السعودية وهو التحول – بشكل كبير- إلى مرحلة الاقتصاد اللانفطي.
فالمملكة العربية السعودية التي اعتمدت خلال مرحلة كبيرة من تاريخها على عائدات النفط، اتجهت خلال السنوات القليلة الماضية إلى استحداث آليات تمويل جديدة ومستدامة تساعدها على تنويع مصادر الدخل من ناحية، وعلى تجاوز أزماتها، في ظل انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية من ناحية أخرى.
وقد أسهم هذا النهج في توسيع المحفظة الاستثمارية بصورة تضمن للمملكة تحقيق عوائد طويلة الأجل وجذابة ومعدَّلة حسب المخاطر.
(1) مهام الصندوق
كما سبقت الإشارة، فمنذ عام 2015 بدأت القيادة السعودية في اتخاذ خطوات من شأنها منح المزيد من الصلاحيات إلى الصندوق السيادي السعودي، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. وقد تمخض هذا الإجراء عن:
- توفير التمويل لبعض المشروعات الإنتاجية ذات الطابع التجاري. حيث دعم هذا الصندوق العديد من المشاريع في قطاعات مهمة من الاقتصاد السعودي، من بينها صناعات البتروكيماوية وخطوط الأنابيب والتخزين والنقل والطاقة والمعادن وتحلية المياه ومرافق البنية التحتية.
- المساهمة في رؤوس أموال عدة شركات سعودية، كما يساهم في عدة شركات عربية ودولية وثنائية.
- وضع إجراءات وإرشادات موحدة لتنظيم قرارات الاستثمار.
(2) أهداف الصندوق السيادي السعودي
- الإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.
- تأسيس شراكات اقتصادية محليًّا وعالميًّا تسهم في تعميق أثر ودور المملكة في المشهد الإقليمي والعالمي.
- دعم دور القطاع الخاص.
- تطوير القطاعات الأساسية عبر خلق فرص مجدية تجاريًّا.
(3) الهيكل الإداري للصندوق السيادي السعودي
بالنظر إلى الخطوة الهادفة إلى تعزيز سلطات الصندوق بحلول عام 2015، فقد تم إعادة تشكيل مجلس إدارته؛ ليتولى رئاسته صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان (ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية).
كما يضم المجلس في عضويته عددًا من الوزراء، إضافة إلى رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية الذي يتقلد منصب محافظ الصندوق. ويشرف مجلس الإدارة على استراتيجية الصندوق على المدى البعيد، والسياسة الاستثمارية، ومتابعة أداء الصندوق وإنجازاته.
الشكل رقم (3): صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ومجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة
سادسًا: أبرز مشاريع واستثمارات الصندوق السيادي السعودي
منذ عام 2008، اتسع نطاق الصلاحيات الممنوحة لصندوق الاستثمارات العامة، وبدأ في إدارة وتنفيذ بعض المشاريع والاستثمارات، ومن ثم امتلكها بالكامل. وقد وسع الصندوق نطاق تغطيته للاستثمارات المحلية والخارجية، لتشمل العقارات والبتروكيماويات والطاقة والاتصالات والتكنولوجيا.
وتتمثل الوظيفة الأساسية لصندوق الاستثمارات العامة في تمويل الاستثمارات في المشاريع الإنتاجية ذات الطابع التجاري، سواء كانت مملوكة للحكومة -كليًّا أو جزئيًّا- ومؤسسات الإقراض الصناعي التابعة لها، أو إلى مؤسسات عامة، وسواء تم تنفيذ هذه المشاريع بشكل مستقل أو بالشراكة بين السلطات الإدارية المذكورة وكيانات القطاع الخاص.
كذلك، تقوم السلطة التنفيذية بإدارة أصول الصندوق وتمتلك كل الصلاحيات اللازمة لذلك. وفي الوقت الحالي، يمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي كثيرًا من المشاريع والاستثمارات في مختلف أنحاء العالم.
ويستثمر الصندوق السيادي السعودي في قطاعات عديدة، يمكننا التعرف عليها من الشكل التالي:
الشكل رقم (4): القطاعات التي يستثمر بها صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
(أ) مشاريع صندوق الاستثمارات العامة
يتولى صندوق الاستثمارات العامة السعودي في الوقت الحالي إدارة عدد كبير من المشاريع العملاقة، من أبرزها:
- مشروع نيوم Neom: والذي يقع في شمال غرب المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر، على مساحة تزيد عن 26 ألف كيلومتر مربع. ويضم أراضي داخل حدود مصر والأردن. وستضم نيوم عددًا من المدن والموانئ والمناطق التجارية ومراكز البحوث والمرافق الرياضية والترفيهية والوجهات السياحية. كما ستكون مقرًّا للعيش والعمل لأكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم.
- مشروع القدية Qiddiya: يُقام على مساحة تزيد عن 330 كيلومتر مربع، وهو أحد مشروعات رؤية المملكة 2030، ومن المقرر أن يصبح عاصمة للرياضة والترفيه والفنون في المملكة. تأسست شركة القدية للاستثمار شركةً مساهمةً مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
- مشروع البحر الأحمر The Red Sea: مشروع سياحي عملاق، حيث يضم أرخبيلًا يحتوي على أكثر من 90 جزيرة، بالإضافة إلى طبيعة خلابة، وجبال وأخاديد، وبراكين خامدة، وصحراء. وسيوفر مشروع البحر الأحمر مجموعة من التجارب الفريدة للسياح القادمين من مختلف أنحاء العالم.
- مشروع روشن: شركة روشن العقارية، تأسست عام 2018. وهي إحدى كبرى الشركات الوطنية الرائدة في مجال التطوير العقاري وتطوير المجتمعات والأحياء السكنية. وهذه الشركة أصبحت مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، وتهدف إلى زيادة معدلات تملك المنازل بين المواطنين السعوديين إلى نسبة 70%.
ومن المقرر أن يتم الانتهاء من العمل في هذه المشاريع بحلول عام 2030، وذلك وفقًا لأهداف ورؤية المملكة 2030.
(ب) استثمارات الصندوق السيادي السعودي
تم تحديد الاستثمارات العالمية على أنها الاستثمارات خارج المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقد نجح الصندوق في تكوين علاقاتٍ واسعة مع مختلف المستثمرين العالميين ومديري الأصول والبنوك الاستثمارية وشركات الوساطة العالمية ليصبح أحد أكبر الكيانات الاستثمارية على مستوى العالم.
هذا بالإضافة إلى تنويع استثماراته جغرافيًّا في قطاعات مختلفة من خلال التوسع في استثماراته في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا.
ويسعى الصندوق من خلال الاستثمارات العالمية إلى تنويع استثماراته في مختلف القطاعات، حيث تم الاستثمار في قطاعات الصحة والتقنية والعقارات والبنية التحتية وخدمات المستهلك والمواصلات وغيرها. على سبيل المثال:
- يمتلك صندوق الاستثمارات السعودي حاليًا حصصًا في كبرى الشركات والبنوك الأمريكية الكبرى، مثل: بوينج، ديزني، فيسبوك، أوبر، بنك أوف أمريكا، سيتي جروب، بيركشاير هاثاواي، فايزر، ستاربكس، وغيرها.
- وكذلك يمتلك الصندوق حصصًا في كثير من كبرى الشركات في أوروبا. على سبيل المثال: بريتيش بتروليوم (بريطانيا)، توتال (فرنسا)، إكوينور (النرويج)، إيني (إيطاليا)، وغيرها.
وقد توج الصندوق ذلك مؤخرًا بشرائه نادي نيوكاسل لكرة القدم في إنجلترا، ليخطو خطوته الأولى في مجال الاستثمار الرياضي عالميًّا.
ووفقًا لكثير من المحللين، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تفتح الباب أمام صندوق الاستثمارات العامة السعودي لضخ مزيد من الأموال في مجال الاستثمار الرياضي بأوروبا وأمريكا، خاصة في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالمجال الرياضي حاليًّا.
سابعًا: دور صندوق الاستثمارات العامة السعودي في دعم اقتصاد المملكة لمواجهة فيروس كورونا
في مسعى لمواجهة التداعيات السلبية لانتشار فيروس كورونا على اقتصاد المملكة وتعزيز نمو الاقتصاد السعودي، حولت المملكة خلال شهري مارس وأبريل نحو 150 مليار ريال سعودي (أي ما يعادل 40 مليار دولار أمريكي) من احتياطيات مؤسسة النقد العربي السعودي من النقد الأجنبي إلى صندوق الثروة السيادي.
وقد جاءت هذه الخطوة بشكل استثنائي لتبرز الدور الحيوي للصندوق في تنويع النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية. كما انعكست زيادة العوائد على أصول المملكة بشكل كبير على الأداء الاقتصادي والمالية العامة.
ووفقًا لبيان الصندوق السيادي السعودي، فإن حجم الاستثمارات التي تم التوصل إليها رغم تعطيل الأعمال التجارية في المملكة بسبب أزمة كورونا من شأنها المساهمة في توليد عائدات على المدى الطويل وتعزيز معدلات نمو الاقتصاد السعودي.
الأمر المثير للاهتمام هو أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي حقق مكاسب اقتصادية كبيرة خلال أزمة كورونا. ففي الوقت الذي عصفت فيه جائحة كورونا بأسعار الأصول العالمية، كان صندوق الاستثمارات العامة مهتمًّا باقتناص أفضل الفرص الاستثمارية على المستوى العالمي.
لقد استفاد الصندوق من تراجع أسعار الأسهم، وكذلك تراجع أسعار عدة قطاعات، مثل الطاقة والسياحة والترفيه، وقام بضخ مليارات الدولارات بغية الاستثمار في هذه القطاعات.
وبحسب المنتدى الدولي للصناديق السيادية، رفع صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصص ملكيته في السوق الأمريكية من 12 مليار دولار نهاية عام 2020، إلى نحو 15.5 مليار دولار بنهاية الربع الأول من عام 2021.
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب تقرير لوكالة بلومبيرج، اشترى الصندوق أيضًا حصصًا كبيرة في بعض الشركات الأوروبية المتخصصة في مجال الطاقة.
كما استحوذ الصندوق على حصة تقدر بنحو 8.2% من شركة كارنيفال كوربوريشن Carnival Corp. وهي واحدة من كبرى الشركات المشغلة للسفن والرحلات السياحية حول العالم، لتصل قيمة حصة الصندوق في الشركة إلى أكثر من 30%.
التعليق
تواجه اقتصادات الدول وثرواتها تحديات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة. ومن هنا تواجه صناديق الثروة السيادية اختبارًا حقيقيًّا حول مدى قدرتها على التعامل مع هذه التحديات. خاصة وأن هذه الصناديق تعد من أذرع الدولة، وهو ما يعزز دور الدولة في النشاط الاقتصادي المباشر.
ومن هذا المنطلق يتعاظم دور صناديق الثروة السيادية في المجالات التنموية والتصدي لمشكلات مثل زيادة معدلات البطالة وحجم الديون. كما يصبح اللجوء إلى الموارد الاستثمارية المخصصة محليًّا ضرورة ملحة مع تزايد الاتجاهات الحمائية وتحكمها في حركة التجارة العالمية.
ويلعب صندوق الاستثمارات العامة السعودي دورًا محوريًا في اقتصاد المملكة حاليًا. كما يسهم بشكل كبير في تنمية الاقتصاد الوطني السعودي وتنويع مصادر الدخل، من خلال امتلاكه لكثير من الاستثمارات والمشاريع العملاقة، والتي ستنقل اقتصاد المملكة إلى العالمية.
الخلاصة
- تناولنا في هذا المقال الصندوق السيادي السعودي باعتباره واحدًا من أكبر صناديق الثروة السيادية في المنطقة العربية.
- وهذه صناديق مملوكة للدولة، يتم تمويلها بصفة عامة من احتياطيات النقد الأجنبي، وتتألف من مجموعة من الأصول.
- الغرض من إنشاء هذه الصناديق يتمثل في تنويع مصادر إيرادات الدولة، ومن ثم زيادة مدخرات الأجيال القادمة.
- بلغ عدد الصناديق السيادية 89 صندوقًا تستحوذ على 8.5 تريليون دولار. وتضم منطقة الشرق الأوسط 4 من ضمن أكبر 10 صناديق على مستوى العالم.
- تأسس الصندوق السيادي السعودي عام 1971، بموجب مرسوم ملكي. وكان الهدف من تأسيسه تمويل المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية المستدامة.
- يدير صندوق الاستثمارات العامة نحو 620 مليار دولار من الأصول. وقد تم تعزيز سلطاته بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد.
- ويمثل صندوق الاستثمارات السعودي تحولًا كبيرًا لاقتصاد المملكة نحو تقليل اعتمادها على النفط مصدرًا أساسيًّا لعائداتها.
- يهدف الصندوق إلى الإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل. إضافة إلى توفير التمويل لبعض المشروعات الإنتاجية ذات الطابع التجاري ودعم دور القطاع الخاص.
- يتولى صندوق الاستثمارات العامة في الوقت الحالي إدارة عدد كبير من المشاريع العملاقة، من أبرزها:
- مشروع نيوم.
- مشروع القدية.
- مشروع البحر الأحمر.
- مشروع روشن العقارية.
- يمتلك صندوق الاستثمارات السعودي حاليًّا حصصًا في كبرى الشركات والبنوك الأمريكية الكبرى، مثل:
- بوينج، ديزني، فيسبوك، أوبر، بنك أوف أمريكا، سيتي جروب، بيركشاير هاثاواي، فايزر، ستاربكس، وغيرها.
- كذلك يمتلك الصندوق حصصًا في كثير من كبرى الشركات في أوروبا، مثل:
- بريتيش بتروليوم (بريطانيا)، توتال (فرنسا)، إكوينور (النرويج)، إيني (إيطاليا).
- كان لصندوق الاستثمارات العامة دور كبير في مواجهة الآثار السلبية الناجمة عن تفشي وباء كورونا. كما حقق الصندوق مكاسب اقتصادية كبيرة خلال أزمة كورونا، من خلال اهتمامه باقتناص أفضل الفرص الاستثمارية العالمية.
- استفاد الصندوق من تراجع أسعار الأسهم، وكذلك تراجع أسعار عدة قطاعات، مثل الطاقة والسياحة والترفيه على وقع جائحة كورونا، وضخ مليارات الدولارات بغية الاستثمار في هذه القطاعات.
للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.