قال مجلس الذهب العالمي WGC إن البنوك المركزية اشترت في عام 2022 ما يُقدر بـ 1136 طناً من الذهب، تبلغ قيمتها نحو 70 مليار دولار، وأضافتها إلى مخزوناتها، وهو ما يعد أكبر قدر من مشتريات الذهب المسجلة منذ عام 1950.

وتؤكد البيانات على تحول في المواقف الرسمية (الحكومات) تجاه الذهب منذ تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما باعت البنوك المركزية، خاصة تلك الموجودة في أوروبا الغربية التي تمتلك الكثير من السبائك، مئات الأطنان من المعدن النفيس.

غير أنه، ومنذ الأزمة المالية في 2008-2009، توقفت البنوك المركزية الأوروبية عن بيع الذهب، بينما قام عدد لا بأس به من الاقتصادات الناشئة، مثل روسيا وتركيا والهند، بشرائه بغزارة.

ومن المعروف أن البنوك المركزية تفضل حيازة الذهب عن غيره من الأصول، لأنه يحتفظ بقيمته في أوقات الأزمات والاضطرابات. وعلى عكس العملات والسندات، فإنه لا يعتمد على أي مُصدر أو حكومة. كما يُمكّن الذهب البنوك المركزية من التنويع بعيدًا عن الأصول الأخرى الأكثر تقلبًا، مثل سندات الخزانة الأمريكية والدولار الأمريكي.

وعزا كريشان جوبول، كبير المحللين في مجلس الذهب العالمي، هذا الإقبال المتصاعد على الذهب إلى “تلك الدوافع التي تغذيها أحداث العام الماضي (الحرب الروسية – الأوكرانية)، وما ارتبط بها من تقلبات وحالة من عدم اليقين على الجبهة الجيوسياسية وجبهة الاقتصاد الكلي”. ومع ذلك، اعتبر جوبول إن الشراء “الهائل” للذهب من قبل البنوك المركزية يعد أمرًا “إيجابيًا للغاية لسوق الذهب”.

وفي حين انخفضت مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب خلال جائحة كورونا، فإنها تسارعت بشكل كبير في النصف الثاني من العام 2022، حيث اشترت البنوك المركزية 862 طنًا بين يوليو وديسمبر وفقًا لمجلس الذهب العالمي.

وقد صرحت بعض الدول، مثل تركيا والصين ومصر وقطر، إنها اشترت كميات من الذهب العام الماضي. غير أن مجلس الذهب العالمي قال إن نحو ثلثي الذهب الذي اشترته البنوك المركزية العام الماضي لم يتم الإعلان عنه علنا.

وفي الغالب فإن معظم البنوك لا تعلن بشكل قاطع عن مشترياتها من الذهب، ولا تُدلي بمعلومات صريحة حول التغيرات في مخزوناتها من المعدن الثمين، خاصة تلك الدول العظمى التي تتعارض مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة، مثل الصين وروسيا.

وتعقيبًا على الإفراط في حيازة البنوك المركزية للذهب، قال مجلس الذهب العالمي إنه من غير المرجح أن يتطابق شراء البنوك المركزية للذهب في العام الحالي (2023) مع مستويات 2022.

وأضاف المجلس “قد يؤدي انخفاض إجمالي الاحتياطيات إلى تقييد القدرة على الإضافة إلى المخصصات الحالية. لكن التقارير المتأخرة من قبل بعض البنوك المركزية تعني أننا بحاجة إلى تطبيق درجة عالية من عدم اليقين على توقعاتنا، في الغالب نحو الاتجاه الصعودي”.

ورفعت مشتريات البنوك المركزية إجمالي الطلب العالمي على الذهب العام الماضي إلى 4741 طنا، بزيادة قدرها 18 بالمئة عن 2021 والأعلى منذ 2011.

وجاءت تركيا في مقدمة الدول التي اشترت كميات ضخمة من الذهب، إذ اشترت ما يقرب من 400 طن، تلتها الصين، والتي أبلغت عن شراء 62 طنًا في نوفمبر وديسمبر 2022، ثم دول الشرق الأوسط بكميات أقل.

ويعتقد محللو صناعة الذهب أن باقي الكمية (1136 طنًا) تم شراؤها من قبل البنوك المركزية والهيئات الحكومية في الصين وروسيا ودول الشرق الأوسط، والتي يمكن أن تشمل صناديق الثروة السيادية.

ويتوقع مجلس الذهب العالمي انتعاشًا في الطلب على الذهب من قبل المستثمرين المؤسسيين هذا العام، تزامنًا مع اقتراب أسعار الفائدة في الاقتصادات الرئيسية من ذروتها، في حين أن انخفاض التضخم قد يضعف الطلب على السبائك بشكل عام.