الاستثمار في السندات
تعتمد إستراتيجيتك الخاصة – بـ الاستثمار في السندات – علَى مجموعةٍ من العوامل، تتمثل في: أهدافك الاستثمارية، والمدى الزمني لهذه الاستثمارات، وكمية المخاطر التي يمكنك تحملها.
لأجل تحقيق عوائد جيدة ومخاطر متزنة عند الاستثمار في السندات ؛ يجب عليك تنويع السندات التي تقرر ضمها إلى محفظتك الاستثمارية، بحيث لا تلقي بكلَّ أموالك في أصلٍ واحدٍ، من الأصول المتداولة، مثل: الأسهم أو السندات أو حتى الفوركس، وكذلك عندما تخصص جزءًا من رأسِ مالك للاستثمار في السندات ، بحيث تتكون من سندات تم إصدارها من جهات مختلفة (سندات حكومية – سندات شركات)، وحيث يكون لكلٍّ من هذه السندات صفاته الخاصة؛ وذلك للتحوط من عدم قدرة أحد مصدري السندات علَى الوفاء بالتزاماتهِ، تجاه حائزي هذه السندات.
إستراتيجيات الاستثمار في السندات
1- الاستثمار في السندات باستراتيجية الشراء والاحتفاظ Buy and Hold.
إذا كان هدفك الأساسيّ من الاستثمار في السندات ، هو المحافظةُ علَى رأس مالك، والحصول منه علَى عائدٍ ثابتٍ مع أقل قدر من الخطورة؛ فسوف يكون من الأنسب لك أنْ تستخدم إستراتيجية الشراء والاحتفاظ ..
تقوم بشراء السند والحصول علَى كوبونات (تمثل الفائدة العائد الذي تحصل عليه مقابل شراء السند)، وتحتفظ به حتى تاريخ الاستحقاق.
لكن ضع في اعتبارك أنك إذا اشتريت السندَ، مصحوبًا بعلاوة، أي بسعر أعلَى من السعر الذي تم إصدار السند به (يحدث هذا عادة عندما يكون الكوبون الذي يقدمه السندُ أعلى من المتوسط في السوق)؛ في هذه الحال تذكر أنَّ القيمةَ الاسميَّةَ التي ستحصل عليها في نهاية المدة، سوف تكون أقل من القيمة التي دفعتها.
عندما تقرر الاستثمار في السندات باستخدام إستراتيجية الشراء والاحتفاظ، لا يجب عليك الاهتمام بالتقلبات في أسعار الفائدة في السوق؛ لأنه من المعروف أنَّ ارتفاعَ سعرَ الفائدةِ في السوقِ، يعنى أنَّ السندات الجديدة ستكون ذات جاذبية أعلى بالنسبة للمستثمرين، خصوصًا مع ما تقدمه من عائد مرتفع، نتيجة لذلك تنخفض أسعار السندات الجديدة، هذا الأمر لن يضر المستثمر بهذه الإستراتيجية؛ لأنه بنى خطته الاستثمارية علَى العائدِ الذي يحصل عليه بصفة دورية أو ما يسمى بالكوبون. لاحظ أنَّ عدم قيامك ببيع السندات قبل حلول موعد استحقاقها، يمنعك من استثمار قيمتها في أيِّ سندات جديدة.
عيوب الاستثمار في السندات باستخدام إستراتيجية الشراء والاحتفاظ.
هناك بعض السندات التي تُسمى السندات القابلة للاستدعاء called. عند انخفاض قيمة أسعار الفائدة تقوم الشركات المتصدرة للسندات باستدعائها قبل موعد استحقاقها، وحينها تحصل علَى قيمة السند، وسوف تضطر لاستثماره في سندات منخفضة الفائدة، ويعتبر هذا من مخاطر الاستثمار بإستراتيجية الشراء والاحتفاظ، في هذا النوع من السنداتِ.
عند الاستثمار في السندات باستخدام إستراتيجية الشراء والاحتفاظ، يجب عليك أنْ تركز علَى النقاطِ التاليةِ:
قيمة سعر الفائدة، التي يقدمها السندُ أو ما يعرف بالكوبون، وقم بمعرفة كمية المال التي يقدمها الكوبون بصورة دورية، وهى عبارةٌ عن الفائدةِ مضروبة في القيمةِ الاسمية للسند.
إجمالي العائد المتوقع حتى تاريخ الاستحقاق أو حتى الاستدعاء ( عندما يتم ذلك)؛ لاحظ أنَّ السندات التي تقدم عوائد مرتفعة عن السوق، ربما تحمل أيضًا مخاطر مرتفعة ( يجب الاهتمام بالتصنيف الائتمانيِّ لمصدر السند، لهذا السبب تحديدا).
2- إستراتيجية تعظيم الدخل Maximizing Income.
إذا كنت تبحث عن أعلى سعر ممكن للفائدة علَى السندات، عليك أنْ تقوم بالاستثمار في السندات من خلال شراء السندات ذات المدى الزمنيِّ البعيد، والتي يكون تاريخ استحقاقها بعيدًا جدًّا.
علَى الرغم من أنَّ ارتفاع العائد علَى هذا النوع من السندات، إلا إنه يتسم بالخطورةِ، من ناحية احتمالية وجود فرص عالية للتغير في أسعار الفائدة؛ بسبب طول الفترة الزمنية. لاحظ أنَّ هذه التقلبات لن تؤثر عليك إلا إذا قررت بيع السندات قبل موعد استحقاقها؛ لأنه عندما ترتفع أسعار الفائدة علَى السندات الجديدة ستنخفض أسعار السندات القديمة، بسبب تدني عائدها، مقارنة بمتوسط سعر الفائدة السائد في السوق.
لاحظ كذلك أنَّ العائدَ علَى السنداتِ أو ما يعرف بالكوبون يكون عادةً أعلى في السندات التي تصدرها الشركاتُ، مقارنة بالسندات الحكومية، وبالنسبة للسندات الحكومية نفسها تختلف في العائد عليها حسب التصنيف الائتمانيِّ للشركة التي تصدرها؛ فالشركاتُ ذات التصنيف الائتمانيِّ العالي تكون أقل في العائد من الشركات ذات التصنيف الائتمانيِّ المنخفض.
من المنطقيِّ أنْ تقوم الشركات،ُ صاحبة التصنيف الائتمانيِّ المنخفض، بإصدار سندات ذات أسعار فائدة مرتفعة؛ لتصبح جذابة بالنسبة للمستثمرين، بحيث يتوازن العائدُ المرتفعُ مع المخاطرةِ العاليةِ التي يتسم بها هذا النوعُ من السندات.
التصنيفُ الائتمانيُّ، هو تقييم للمركز الماليِّ للمقترض، والذي يشير هنا إلى مصدر السندات، ويتم التعبير عنه بدرجات مختلفة، حسب الجهة التي تصدر التقييمَ. في كثيرٍ من الأحيان تتولى البنوكُ المحليةُ تقييم الجدارة الائتمانية لمصدر السندات، ولكن عند طرح السندات في الأسواق العالمية، فإنَّ التقييمَ يصدر عن مؤسسةٍ عالميةٍ؛ من أهم هذه المؤسسات: ستاندرد أند بورز Standard & Poor’s، وموديز Moody’s للتصنيف الائتمانيِّ.
3- الاستثمار في السندات باستخدام إستراتيجية الاستحقاقات المتعاقبة bonds Laddered.
من أفضل الإستراتيجيات لمواجهة احتمالية ارتفاع أسعار الفائدة علَى السندات الموجودة في السوقِ؛ ما يُعرف باسم الاستحقاقات المتعاقبة bonds laddered ، وهذا معناه أنْ يقوم الراغبُ بالاستثمارِ في السندات ، بشراء سندات علَى فترات زمنية مختلفة، مثلا، يقوم بالشراء في سندات تستحق بعد 1، 3 ،5، 10 سنوات، وعندما تستحق – مثلا – السندات التي تستحق بعد عامٍ، يكون أمامه خيارانِ:
أ- إذا ارتفعت أسعارُ الفائدةِ سيكون في استطاعته أنْ يشتري من هذه السندات الجديدة، ويستفيد من عائدها الأعلى.
ب- إذا انخفضت أسعارُ الفائدةِ للسندات الجديدة، سيكون لديه سندات موجودة بالفعل في السوقِ، وعليه، فسوف يحقق أرباحًا في الحاليْنِ، وبذلك يكون قد تحوط من التقلباتِ في أسعارِ الفائدةِ.
4- إستراتيجية الثقالات Barbell.
إستراتيجية الثقالات barbell، معناها أنْ تقوم بالاستثمار في السندات قصيرة الأجل فقط أو طويلة الأجل فقط، يمكنك بهذا الاستفادة من سعر الفائدة المرتفعِ، الذي تقدمه السنداتُ طويلة الأمدِ، واكتساب مرونة؛ بسبب الاستثمار في السندات قصيرة الأمد.
لأنه عند وصول السندات القصيرة لتاريخ استحقاقها، يمكنك إعادة استثمار السيولة في سندات جديدةٍ، إذا كانت أسعارُ الفائدةِ قد ارتفعتْ في السوقِ أو يمكنك إعادة استثمارها في أيِّ نوعٍ آخر من الأصول، إذا كانت الفائدةُ قد انخفضتْ.
5- الاستثمار في السندات ، بغرض الدَّمْجِ بين الأسهم والسندات Smoothing Out the Performance of Stock Investments.
إنَّ تنويعَ الاستثمارِ، ودمجَ الاستثمارِ في الأسهمِ والسنداتِ، في محفظة واحدةٍ؛ يحقق العديدَ من المزايا، مِنْ أهمها الاستفادة من التقلبات العالية التي تحدث في الأسهمِ، والأمان النسبيّ الذي تتمتع به السنداتُ. من المعروفِ أنَّ سوقَ الأسهمِ – غالبًا – تتحرك عكس سوق السنداتِ؛ فعندما ترتفع الأسهم تنخفض السندات والعكس، ومِنْ ثَمَّ – في حالِ التنوع في الاستثمار – يستفيد المستثمرُ من الطفرةِ التي يمكن أنْ تحدث في واحدةٍ من السوقينِ.
6- الاستثمار في السندات بغرض الادخار لهدفٍ مستقبليٍّ Saving for a Definite Future Goal.
تُستخدم هذه الإستراتيجيةُ، عندما يتوفر لديك مبلغ من المال، تحتفظ به لهدفٍ مستقبليٍّ، مثل دخول ابنك الجامعة أو وصولك إلى سِنِّ التقاعدِ، وبالنظر إلى طبيعةِ احتياجك، يكون الاستثمار كالتالي:
أ- إستراتيجية تعاقب الاستحقاقات bonds Laddered.
يمكن استخدام إستراتيجية تعاقب الاستحقاقات، وهى – كما شرحنا – الإستراتيجية التي تنتهى فيها مدةُ السندات، في سنوات مختلفة، وحينها تحصل علَى القيمة الاسميةِ للسندِ، وستكون أعلى من المبلغ الذي دفعته ثمنًا لها، وهنا يحصل المستثمرُ في السندات علَى مبلغٍ من المالِ سنويًّا، ويستطيع استثماره في السندات مَرَّةً أخرى أو استثماره في أيِّ نوعٍ آخر من الأصولِ، مثل الأسهم، إذا انخفضت أسعارُ الفائدةِ.
ب- إستراتيجية الاستثمار الموحد Bullet strategy.
يمكنك أيضا، باستخدام هذه الإستراتيجية – مثلا – التخطيط لسنة التقاعد الخاصة بك؛ فمثلا، لو كنت قد بلغت من العمر خمسينَ عامًا، وسوف تتقاعد عند عمر خمسة وستينَ عامًا، فيمكنك شراء سندات تستحق بعد خمسة عشر عامًا، وبعد خمس سنوات تشتري سندات تستحق بعد عشر سنوات، وبعد عشر سنوات من الآن تشترى سندات أجلها خمس سنوات، هل لاحظت شيئا؟ جميع هذه السندات سوف تستحق عندما تبلغ من العمر خمسة وستين عامًا، والهدف من عدم شرائها جميعا الآن، هو الاستفادة من أيِّ طفرة في أسعار الفائدةِ، قد تحدث بعد شرائك لأول كمية من السندات.
علَى الرغم من أنَّ جميعَ هذه الإستراتيجيات تندرج تحت مفهوم الشراء والاحتفاظ، إلا إنَّ المستثمر قد يضطر لبيعها في بعض الحالاتِ، مثل:
متى يتم بيع السندات، قبل حلول موعد استحقاقها؟
1- عند الاحتياج للمال: علَى الرغم من أنَّ الاستثمار في السندات ، عادة ما يكون لمدة طويلة الأمد، إلا إنَّ بها خطورة؛ فعند الرغبة في بيع السنداتِ، قبل حلول موعد الاستحقاق، يتم بيعها بالقيمة السوقية، التي قد تكون أعلى أو أقل من المبلغ الذي تم شراء السندات به؛ وذلك لأنَّ سعرَ السنداتِ يرتفع وينخفض حسب التغير في أسعار الفائدة في السوقِ.
2- لتحقيق أرباح رأسماليةٍ: عندما تنخفض أسعار الفائدة علَى السندات الجديدةِ، من الطبيعيِّ أنْ ترتفعَ أسعارُ السنداتِ القديمةِ، طالما أنها توفر عائدًا أعلى، وفى هذه الحال قد يقرر أصحاب السندات القديمة بيعها؛ للاستفادة من ارتفاع أسعارها.
3- عندما يحقق المستثمرُ هدفه: هناك بعض المستثمرين الذين يحددون لأنفسهم هدفًا سابقًا من الاستثمار في السندات ، مثل وصول سعر السندات إلى حدٍّ معينٍ، وفى هذه الحال يقرر بيعها، ويكون قد استفاد من الكوبونات التي حصل عليها، وكذلك من ارتفاع سعرها في السوقِ.
الخلاصةُ
الاستثمار في السندات ، يتم من خلال إستراتيجيات عديدة، تختلف حسب الهدف الذي يريد المستثمر تحقيقه من هذا الاستثمار.
علَى الرغم من وجود عائدٍ مضمونٍ من السندات إلا إنها معرضة لانخفاض قيمتها السوقية، عند ارتفاع أسعار الفائدة؛ لأنها ستكون في منافسة مع سندات جديدةٍ، تحقق عائدًا أعلَى.
للمزيد من المقالات الاقتصادية الهامة، يمكنكم متابعة أقسام موقع بورصات المتخصصة بالاقتصاد والفوركس