الاستثمار طويل الأجل في الأسهم
تعتبر الأسهم من الأدواتِ الاستثمارية، وهي تحظى بشعبية كبيرة بين المستثمرين والمتداولين الأفراد، وعلَى مَرِّ الزمنِ، أثبتتِ الأسهمُ أنها تحقق عوائد جيدة علَى المدى الطويل. وفى هذا المقال سوف نشرح إستراتيجية الاستثمار طويل الأجل في الأسهم ، وكيفية اختيار الأنواع المناسبة لهذا اللون من الاستثمار؟
أولا – كيف تحقق الربح من الاستثمار طويل الأجل في الأسهم؟
احتفظ بالأسهم الرابحة لأطول مدة.
هذه النصيحة من بتر لنش Peter Lynch، الذي يقول: إنه يمكن الاحتفاظ بالأسهم الجيدة، حتى لو تضاعف سعرها عشر مرَّاتٍ، ما دمت تعتقد أنَّ السهمَ لديه من المحفزات ما يكفى لاستكمال رحلة الصعود.
تخلص من الأسهم الخاسرة.
لا يوجد تأكيد علَى أنَّ الأسهمَ سوف ترتفع بعد مدة من الانخفاض؛ والواقعية مهمة جدًّا عند تقييم الاستثمارات الضعيفة، وعلَى الرغم من أنَّ مسألةَ الخسارةِ في التداول لها مردودٌ نفسيٌّ سيء علَى بعض المستثمرينَ، إلا إنها مسألة مهمة، للإسراع في التخلص من الاستثمارات الخاسرةِ؛ للحفاظِ علَى رأسِ المَالِ.
لا تتداول بناء علَى نصائح الآخرين.
لا تقم بالاستماع إلى أيِّ نصيحةٍ من أيِّ شخصٍ، ولا تأخذ بتوصية تتعلق باختيار الأسهم التي ستستثمر فيها. تذكر أنَّ هذه هي أموالك التي جمعتها بصعوبة؛ فقم بالدراسة والتحليل بشكل شخصيٍّ، ومعمق؛ٍ لتقرر الاستثمارات المناسبة لك.
لا تهتم بالتقلبات في أسعار الأسهم علَى المدى القصيرِ.
لا تتحرك أسعارُ الأسهمِ في اتجاهٍ واحدٍ، بل تتذبذب حركتُها صعودًا وهبوطًا، ومن المهم بالنسبة للمستثمر في الأسهم علَى المدى الطويل تجاهل التقلبات السعرية اليومية، علَى الرغم من أنَّ المتداولَ النشط يتابع، ويترقب تغير الأسعار علَى المدى اللحظيِّ، إلا إنه – بالنسبة إلى المستثمر على المدى الطويل – يجب عليه أنْ ينظرَ للصورة الكلية لحركة السهم، وأنْ يتجاهل التقلبات السعرية علَى المدى الزمنيّ القصير.
لا تبالغ في الاهتمام بمضاعف الربحية P / E.
مضاعف الربحية P/E، هو رقمٌ يُستخدم للتعبير عن ربحية السهم، مقارنةً بسعره، فمثلا، إذا كان سعرُ السهمِ عشرة دولارات، ونصيبُ السهمِ الواحدِ من الأرباح دولارًا واحدًا؛ فإنَّ مضاعف الربحية P/E يكون عشرة، وإذا كان سهمٌ آخر سعره خمسة دولارات، ونصيبُ السهمِ الواحدِ من الأرباح دولارًا واحدًا؛ فهنا يكون مضاعف الربحية خمسة، ولذا فإنَّ مضاعف الربحية كلما كان منخفضا؛ كان السهم جذابًا، من وجهة نظر المستثمرين.
لكن هذا الرقم لا يجب الإفراط في الاعتماد عليه، عند اقتناص الاستثمارات؛ فليس بالضرورة أن كل سهم له مضاعف ربحية منخفض، يعتبر جذابًا، كفرصة استثمارية، وليس كل سهم له مضاعف ربحية مرتفع، يُعدُّ سيئا من الناحية الاستثماريةِ.
يجب الاعتماد علَى مجموعة من العناصر الأخرى، عند تقييم الفرص الاستثمارية، من أجل استثمار طويل الأجل، بشكل جيد. ومن أهم العوامل: تقييم الإيرادات، ونسبة المصروفات التشغيلية، والعامة منها؛ كذلك من المهم جدًّا دراسة التطور في مضاعف الربحية علَى مَرِّ السنوات، هل يرتفع أم ينخفض؟ وكذلك دراسة النتائج العامة للشركة، مقارنةً بباقي المنافسين في الصناعة.
ابتعد عن الأسهم الرخيصةِ.
لو انخفض سعرُ السهمِ لا تجعل السعرَ يخدعك، سواء أكان سعرُ السهمِ دولارًا أم مئة دولارٍ؛ فعند انخفاض السعر 50% ستفقد القيمة نفسها من رأس المال. ابتعد عن الأسهم التي تمثل شركات ليس عندها قيمة كامنة، وليس لديها أساسيات قوية، للنموِّ والنجاح.
حدد لنفسك إستراتيجية، والتزم بها في كل الأوقات.
هناك العدد من إستراتيجيات الاستثمار في الأسهم طويل الأجل، وهناك كذلك العديد من الطرق، التي يمكن بناءً عليها اختيار الأسهم المناسبة للاستثمار، ولكن يجب عليك اختيار إستراتيجية واحدة، والالتزام بها في جميع الأوقات؛ لأنَّ الانتقال بين إستراتيجية وأخرى كل فترة، يجعلك مشتتًا ومضاربًا على الزمن نفسه. أفضل مثال علَى هذا، هو المستثمر الشهير “وارن بافت”، الذي حافظ علَى نظرته الدائمة للاستثمار الجيد، علَى أنه استثمار في القيمة، وعلَى الرغم من طفرة شركات الـ “دوت كوم” في نهاية التسعينيات، إلا إنه تجاهلها، وهذا مَثَّلَ له عنصر حماية، عندما فشلت بعض الشركات الناشئة في الاستمرار بعد ذلك.
التركيز علَى المستقبل.
يتطلب الاستثمار اتخاذ قرارات صائبة، بناءً علَى أشياء لم تحدث بعد، فيمكن أنْ تشير البياناتُ التاريخيةُ إلى أشياء قادمة، لكنها غير مضمونة أبدًا.
في كتاب “One Up on Wall Street”، الصادر عام 1990، قال بيتر لينش، المستثمر الشهير: “إذا كنت أزعج نفسى بسؤال؛ هل يمكن أنْ يرتفع هذا السهم أكثر؟ لم أكن سأشتري سوبارو Subaru أبدًا، بعد أن ارتفع سعر أسهمها بالفعل عشرين ضعفًا، لكنني راجعت الأساسيات، وأدركت أنَّ سوبارو لا تزال رخيصة، واشتريت السهم، وحقق سبعة أضعاف بعد ذلك”. من المهم الاستثمار بناءً على الإمكانات المستقبلية، وليس الأداء التاريخيَّ.
فكر من منظورٍ طويل الأجل.
في حين أنَّ الأرباحَ الكبيرةَ علَى المدى القصير، يمكن أنْ تمثل أغراءً في كثيرٍ من الأحيان للمبتدئين في السوق؛ فإنَّ الاستثمارَ طويل الأجل ضروريٌّ، لتحقيق المزيد من النجاح. وعلَى الرغم من أنَّ التداولَ النشط علَى المدى القصير يمكن أنْ يحقق ربحًا، فإنه ينطوي علَى مخاطر أكبر من إستراتيجيات الشراء والاحتفاظ.
كنْ متفتح الذهنْ
العديدُ من الشركات الكبرى، هي شركاتٌ عائليةٌ، ولكن العديد من الاستثمارات الجيدة تفتقر إلى الوعى بعلامتها التجارية، وكذلك، فإنَّ الآلافَ من الشركات الصغيرةِ لديها القدرة علَى أنْ تصبح شركات كبيرة، في المستقبل.
أظهرت أسهمُ الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة أرباحًا أكبر من الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة. من عام 1926 إلى عام 2001 ارتفعت الأسهمُ ذات رؤوس الأموال الصغيرة، في الولايات المتحدة، بمعدل 12.27 في المائة، في حين أنَّه ارتفع مؤشر ستاندرد آن بورز 500 (S&P 500)، بنسبة 10.53 ٪.
هذا لا يعني أنه يجب عليك بناء محفظتك كلها بالأسهم الصغيرة، ولكن هناك العديد من الشركات الكبرى، بخلاف الموجودة في مؤشر داو جونز الصناعيِّ (DJIA).
ثانيًا – أنواعُ الأسهمِ المناسبةِ للاستثمار طويل الأجل.
الخطوة الأولى في الاستثمار طويل الأجل في الأسهم، هي تحديد نوعية الأسهم التي ستستثمر فيها أو بمعنى آخر، تحديد المزيج الاستثماريَّ المناسب للدمج بينها جميعا؛ فكما يبحث المتداولُ النشطُ عن الاتجاه الأساسيِّ للأسهم، يبحث المستثمرُ عن طبيعة السهمِ، هل هو من أسهم القيمة أم النمو أم الدخل؟
1-أسهم النمو Growth Stocks.
تمامًا كما يبدو من اسمها، أسهم النمو هي أسهم يتوقع لها فرص نمو كبيرة ومستمرة، وهي تنمو بمعدل أكبر من متوسط النموِّ في السوق، وهى تخصص الكثير من عائداتها الحالية لنموها المستقبليِّ. في كلِّ قطاعٍ من قطاعاتِ الأسهمِ يمكننا أنْ نجد أسهم النمو، لكنها تنتشر بصورة كبيرة في بعض القطاعات، مثل: التكنولوجيا، والطاقة البديلة، والتكنولوجيا الحيوية.
معظم أسهم النموِّ تكون عبارة عن شركات حديثة، أنتجت منتجات مبتكرة، من المتوقع أنْ يكون لها تأثير كبير علَى السوق في المستقبل، ولكن هناك استثناءات.
بعض شركات النموِّ، هي ببساطة، شركات لديها إدارة جيدة، ونماذج أعمال متميزة، فاستفادت من نموِّ الطلب علَى منتجاتها.
يمكن أن توفر أسهم النموِّ عائدًا جيدًا علَى رأسِ المالِ، ولكن العديد منها شركات صغيرة الحجم، وأقل استقرارًا من الشركات الرائدة، وقد تواجه أيضًا انخفاضاتٍ شديدة في الأسعارِ.
مثالٌ علَى أسهمِ النموِّ.
سهم شركة أمازون Amazon.Com Inc. AMZN.
أمازون، عملاقُ البيعِ علَى الإنترنت يواصل نموه من خلال طرح العديد من الميزات الجديدة، وكذلك فتح أسواق جديدة، وجذب العديد من العملاء الجدد، من منافسيها في البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.
في عام 2018 بلغ مضاعف الربحية: 263، وعند مقارنة هذا الرقم بمضاعف ربحية مؤشر ستاندرد أند بورز 500 والبالغ: 24.6، فإنَّه يعكس مضاعف ربحية أمازون، ومقدار فرص النموِّ الكامنة في الشركة، وهو ما يجعل سعر سهم الشركة – نظريًّا – أغلى من سعر السوق، ولكن من الناحية الواقعية لا يعتبر كذلك؛ لأنَّ مضاعفَ الربحية سيكون جذابًا في المستقبلِ، مع ظهور نتائج الفرصة الكامنةِ، في أسهم الشركةِ.
يمكننا ببساطة فهم أسهم النموِّ علَى أنَّها أسهم لديها فرص نمو كبيرة جدًّا في المستقبل، ولهذا تعتبر جذابة؛ لأنَّ تسعيرها في السوق لا يعتمد علَى مضاعف ربحيتها العالي، بل علَى معدل نموها، والتوقعات بشأنِ أدائها المستقبليِّ.
لهذا يعتبر سهم أمازون مثال واضح علَى فعالية اختيار أسهم النمو، من أجل الاستثمار طويل الأجل في الأسهم.
2- أسهم القيمة Value Stocks.
بالنسبة للمستثمر الذى يجيد دراسة وتقييم الأسهم، فإنَّ الأسهمَ التي تتداول بأقل من سعرها الحقيقيَّ تعتبر فرصة جيدة لتحقيق أرباح كبيرة، في المستقبلِ.
المستثمرُ في أسهمِ القيمةِ يؤمن أنَّ السوقَ يجب عليها أنْ تمنح هذه الأسهم سعرًا أعلى في المستقبلِ؛ بسبب الأساس الماليِّ القويّ، الذي تتمتع به هذه الشركات، وكذلك بناءً علَى المؤشرات الفنيةِ.
تعتبر هذه الأسهم جذابةً؛ بسبب تمتعها ببعض الميزات مقارنةً بأقرانها في السوق، فعلَي سبيل المثالِ، قد تقدم هذه الأسهم توزيعات أرباح جيدة أو أن يكون لها مضاعف ربحية منخفض.
قد يكون سعر السهم قد انخفض بسبب عوامل عامة، ليس من بينها التأثير علَى أعمال الشركةِ.
من الممكن لشركة ناجحة وقوية أن تنخفض أسهمها؛ بسبب تورط مديرها في أمرٍ شخصيٍّ بحتٍ، لا يمت بصلة لأعمال الشركة، ولهذا سيسرع الناس إلى بيع الأسهم، مما يؤدي إلى خفض سعرها، ولهذا يعتبر المستثمرون الأذكياء أنَّ هذا هو الوقت المناسب لشراء السهم؛ لأنه بعد فترةٍ قصيرةٍ سينسى الناسُ الأمرَ، ويشترون الأسهمَ مَرَّةً أخرى، مما يجعلها ترتفع، وهنا يقوم هؤلاء المستثمرون الأذكياء ببيع الأسهمِ؛ لتحقيق الأرباح من فارق السعرينِ.
أسهم القيمة من الصعب وضعها في إطار محددٍ بالنسبة لأسعارها؛ لأنَّ السعرَ الجذَّابَ يختلف حسب وجهة نظر المستثمر، وفلسفته الاستثمارية.
تحمل هذه الأسهم مخاطر أقل من الاستثمار في أسهم النموِّ، ولكنها – عادة – لا تعود لأسعارها السابقة.
تعتبر أسهم القيمة من الاختيارات الجيدة للنجاح في الاستثمار طويل الأجل في الأسهم ..
مثالٌ علَى الاستثمار طويل الأجل في الأسهم ، من خلال أسهم القيمةِ.
سهم (Cardinal Health Inc. (CAH، يبدو أنه مقوم بأقل من قيمته الحقيقية؛ لأنه يُتداول عند أدنى مستوى له خلال أربع سنوات، علَى الرغم من أنَّ ربحيةَ السهم قد تضاعفت – تقريبًا – من 2.48 دولار، في عام 2014 إلى 4.95 دولار، في السنة المالية 2018. هذا أفضل من ربحية السوق، المقدرة بنحو 3.14٪، ونمو الأرباح السنوية من سبع إلى عشر سنوات قادمة.
3- أسهم الدخل Income Stocks.
هي أسهمٌ تقدم توزيعات أرباح جيدة، تتفوق علَى العائد من السنداتِ.
هناك نوعانِ من أسهم الدخل:
الأسهم العادية: أسهمٌ مستقرةٌ نسبيًّا، من ناحية سعرها، وتقدم أرباحًا جيدة للمساهمين، واستمرت في ذلك لسنواتٍ.
الأسهم الممتازة: هي نوعٌ من الأسهمِ، ولكنها أقرب ما تكون إلى السندات، لها بعض الخصائص الخاصة بها، ولكنها بصفة عامة لا تضمن فقط توزيعات الأرباح، بل في أحيان كثيرة تضمنها حتى في السنوات التي تحقق فيها الشركة خسائر، حيث تلزم الشركة بتوزيعها مستقبلا؛ ولهذا تُسمى بالأسهم الممتازة المجمعة للأرباح.
علَى الرغم من أنَّ أسهمَ الدخل تعتبر فرصةً جيدةً لمن يبحث عن عائد جيد، ومعدل مخاطرة منخفض؛ فإنها تحمل مخاطرة، تتمثل في انخفاض أسعارها، عندما ترتفع أسعارُ الفائدةِ.
لأنه عند ارتفاع أسعار الفائدةِ، تقدم السندات عائدًا جيدًا.
كيف تختار الأسهم في هذه الفئات الثلاث: (النمو، والقيمة، والدخل).
يرتبط الاستثمارُ الجيدُ بالكثيرِ من التعبِ، والتحليلِ، والدراسة. قم بجمع معلومات من المواقع المتخصصة، وقم بتحليلها، ويمكنك استخدام المواقع المتخصصة في مقارنة الشركات أو لاستخدام منهجك الخاص؛ للوصول إلى أفضل الأسهم المناسبة، كاستثمار طويل الأجل في الأسهم.
الخلاصةُ
الاستثمار طويل الأجل في الأسهم ، يتطلب تخطيطًا، ودراسةً للأسهمِ.
هناك ثلاثةُ أنواعٍ مناسبةٍ للاستثمار في الاسهم طويل الأجل، وهى أسهمُ النموِّ، وأسهمُ القيمةِ، وأسهمُ الدخلِ.
أسهمُ النموِّ، هي شركاتٌ لها مستقبلٌ جيدٌ، ويتم تقييمها بناءً علَى أدائها المتوقع.
أسهمُ القيمةِ، هي أسهمٌ تتداول بأسعارٍ جذابةٍ مقارنةٍ، بما تمتلكه من أصول.
أسهمُ الدخلِ، تقدم أرباحًا دوريةً، وتنافس السندات في عائدها.
للمزيد من المقالات الاقتصادية الهامة، يمكنكم متابعة أقسام موقع بورصات المتخصصة بالاقتصاد والفوركس