إلى أين تتجه آفاق الاقتصاد العالمي؟
آفاق الاقتصاد العالمي يواجه مخاطر ركود تضخمي بسبب الأزمات المتتالية التي تعرض لها العالم في خلال الثلاثة سنوات الماضية، حيث نجد أن الأزمة التي عاشها العالم بسبب فيروس كورونا قد تسببت بالعديد من المشكلات الاقتصادية بالعديد من البلدان، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت قد أحدثت نوع من الارتباك العالمي فيما يخص اضطرابات في المبادلات التجارية، حيث أنها عوامل سببت تباطؤ في النمو العالمي.
الركود التضخمي وتأثيره على آفاق الاقتصاد العالمي
- نجد أن الركود التضخمي يحدث عندما لا يكون هناك نمو في الاقتصاد يقابله ارتفاع في الأسعار، ونجد أن من التبعات لذلك الأمر هو أن الدول الأقل نمو هي التي سوف تدفع الثمن بشكل أكبر وذلك بسبب التشديد للسياسات النقدية، والارتفاع في أسعار النفط والغذاء وكذلك السلع الأساسية وتراجع الدخل للأفراد والتكاليف الخاصة بالإنتاج التي ترتبط بالطاقة.
- كما نجد أن من آثار الركود التضخمي والتي بشأنها سوف تؤثر على آفاق الاقتصاد العالمي هو فرض الحظر على الصادرات، والذي من الممكن له أن يفاقم من الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الأولية.
- ولو أخذنا حرب روسيا وأوكرانيا كمثال نجد أن الحرب هنا تسببت بتعطيل التجارة والاستثمار وذلك على المدى القريب، وهو ما أدى بطبيعة الأمر لضعف الطلب المكبوت مع إنهاء العمل كذلك بالسياسات النقدية والمالية، مع التشديد بسياسات مالية معينة، ونجد هنا أن لو التضخم ظل في حالة من الارتفاع فمن الممكن أن يترجم لهبوط قوي بالنشاط الاقتصادي العالمي، وبعض الأزمات المالية وبالأخص في الاقتصادات الصاعدة والنامية وهو ماسوف يؤدي بطبيعة الحال للوقوع في براثن الركود الاقتصادي والذي قد يصيب الجميع بالهلع
- كما أنه مع تطلع الأسواق لاستئناف العمل من جديد فإن تقرير البنك الدولي يؤكد على ضرورة التشجيع للإنتاج، مع التجنب لفرض القيود التجارية مع إحداث تغييرات بالسياسات النقدية والمالية وكذلك سياسات الديون.
آفاق الاقتصاد العالمي والصدمات المحتملة التي قد يتعرض لها العالم
هناك الكثير من المخاوف العالمية الغير مسبوقة منذ العديد من السنوات السابقة وذلك من احتمالية أن يقع الاقتصاد العالمي في دوامة من الركود في خلال السنوات المقبلة، وكان صندوق النقد الدولي قد حذر من احتمالية أن يحدث هذا السيناريو حيث أنه قد نبه أن الشركات والأسر بجميع أنحاء العالم سوف تواجه رياح اقتصادية شديدة وذلك بسبب الزيادة الكبيرة في معدلات التضخم، مع استمرار البنوك المركزية برفع سعر الفائدة وذلك من أجل التقليل من هذا الأمر، بالإضافة لأزمات سياسة التوريد مع التداعيات لسياسة صفر كوفيد والتي تقوم الصين بأتباعها.
ولاشك أن ارتفاع أسعار الطاقة و المواد الغذائية على مستوى العالم بسبب حرب روسيا على أوكرانيا كان قد سبب حالة من الهلع وعدم اليقين في الكثير من الدول، مع اتجاه الأفراد للملاذات الآمنة من أجل التحوط من المخاطر المحتملة.
التراجع في معدل نمو الاقتصاد العالمي
- كان قد حدث تراجع في النمو الاقتصادي العالمي في خلال العام 2023 بنحو 2.8 بالمائة وذلك بالمقارنة ب 3.2% في خلال العام الماضي، وقد أشار صندوق النقد الدولي أن التوقعات الخاصة بالنمو في العام الحالي سوف تكون هي الأقل من نوعها، وذلك منذ أن بدأ في نشر التوقعات الاقتصادية في العام 2001.
- كذلك نجد أن هناك توقعات من خبراء في داخل الصندوق بأن هناك احتمالية أن يحدث تهاوي في النمو العالمي لأقل من 1 بالمائة في العام الجاري، بالإضافة للارتفاع في أسعار المستهلكين لمستويات قياسية.
- وبالرغم أن إجمالي الناتج المحلي كان قد تخطى ال 100 تريليون دولار وذلك لأول مرة في خلال العام 2022، نجد أن النمو قد يكون مهدد بالتوقف في عام 2023 وذلك بسبب الاستمرار في الأزمات التي تلاحق الاقتصاد العالمي من زيادة معدلات التضخم، وما تقوم به الدول من اتباع سياسات الزيادة بمعدلات الفائدة من أجل التقليل من الارتفاع بالتضخم.
- كذلك نجد أن هناك تحذير شديد اللهجة من صندوق النقد الدولي بأن آفاق الاقتصادي العالمي مهددة بشكل كبير، وذلك جاء بسبب تفاقم الديون العالمية والتي قدرت ب 305 تريليون دولار، حيث أن النتيجة سوف تكون المزيد من حالات التخلف عن سداد القروض وذلك في البلاد النامية والفقيرة، ونجد أن أزمة لبنان وسريلانكا خير دليل على التهديد القوي الذي يواجه الكثير من الدول.
ما هي وجهة الاقتصاد العالمي في 2023 ..الانتعاش أم الأنكماش؟
- حتى ولو أفلت العالم من حالة الركود الاقتصادي فإن سنة 2023 سوف تكون هي عام للنمو الضعيف، وقد تستمر هذه الحالة حتى العام 2024 حيث أنه بلا أدنى شك فإن النمو الضعيف والفرص القليلة مع وجود حالة من الضبابية وعدم اليقين هي التي تسود العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فقد أدت الحروب الدائرة هناك لإضعاف التجارة بشكل كبير وخاصة في أوروبا، مع الترقب من جانب الأسواق لإعادة فتح الاقتصاد الصيني بشكل كامل عقب شهور من الاضطراب بسبب عمليات الإغلاق التي ارتبطت بجائحة كورونا.
- توقع معهد التمويل الدولي أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد العالمي 1.2 بالمائة في العام الحالي، حيث أنه يعتبر مستوى مساوي بشكل دقيق للعام 2009 عندما بدأ العالم بالخروج من الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008.
- بدورها تتفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع التوقعات المتشائمة، وعبر أحدث تقرير لها أشارت إلى أن العالم يواجه في الوقت الراهن ظروف اقتصادية صعبة جداً، وأن السيناريو المحوري لن يكون ركود عالمي فحسب وإنما ولكن تباطؤ كبير في نمو الاقتصاد العالمي في خلال العام الجاري، بالإضافة إلى التضخم الاقتصادي المرتفع حتى ولو كان يتجه للتراجع في العديد من البلاد.
- ولا شك أن الحكومات تواجه تحدي صعب بالنسبة لدعم مواطنيها في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار بشكل كبير جداً، وخاصة الأشياء الضرورية مثل الغذاء والطاقة والتي كانت قد تأثرت بشدة بالحرب الأوكرانية.