قد يتسائل البعض عن أقوى اقتصاد في أوروبا وعن الأسباب التي جعلته يتبوأ هذه المكانة. والحقيقة أنه، ونظرًا لقوة الاقتصاد الأوروبي، عمدت دول القارة العجوز إلى إنشاء سوق موحدة لتمكين الأفراد والسلع ورأس المال من التحرك بحرية بين كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ويُعد اقتصاد الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم من حيث القيمة الاسمية بعد الولايات المتحدة الأمريكية. ووفقًا لبيانات البنك الدولي؛ وصل إجمالي الناتج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي مجتمعة بنهاية العام 2022 -أي بعد التعافي من جائحة كورونا– إلى أكثر من 16 تريليون دولار؛ وهو ما يمثل نحو 17% من الاقتصاد العالمي، حيث تتمتع أوروبا بعلاقات قوية بالأسواق العالمية.

ونظرًا لكونها مركزًا للتجارة العالمية، فإن أوروبا ترتبط بباقي أجزاء العالم في مجال النقل والاتصالات، وهو ما يُسهّل على الشركات الأوروبية بمختلف أحجامها نقل منتجاتها. كما تأتي دول الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثالثة من حيث تعادل القوة الشرائية Purchasing Power Parity – PPP بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

في هذا المقال سنتعرف على أقوى اقتصاد في أوروبا 2023، ألا وهو الاقتصاد الألماني. وسنبدأ بالتعرف على المعايير التي يمكننا من خلالها تحديد قوة الاقتصادات. وبعد ذلك سنتعرف على قوة الاقتصاد الألماني من واقع بعض المؤشرات الاقتصادية، وبالأخص الناتج المحلي الإجمالي.

ومن ثم نستعرض أبرز أسباب قوة الاقتصاد الألماني، بما في ذلك النشاط الصناعي، الصادرات، وقوة أداء الشركات، وغير ذلك. ثم ننتقل بالحديث إلى أبرز التحديات التي تواجه أقوى اقتصاد في أوروبا، وأهمها تداعيات جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصادات الأوروبية عامة، والاقتصاد الألماني على وجه الخصوص.

أولًا: كيف يمكننا تحديد أقوى اقتصاد في أوروبا 2023؟

تتعدد الأسس والمعايير التي يتم على أساسها تصنيف قوة أي اقتصاد. غير أن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية تمثل أفضل وسيلة لقياس مدى قوة الاقتصاد، ومن أبرز هذه المعايير والمؤشرات:

  • الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product أو (GDP).
  • إجمالي الثروة.
  • الميزانية.
  • الدين العام.
  • متوسط الدخل، أو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
  • معدلات البطالة.
  • الحد الأدنى للأجور.

يمكننا التعرف بشكل دقيق على حجم الاقتصاد الألماني باعتباره أقوى اقتصاد في أوروبا من الشكل أدناه:

حجم الاقتصاد الألماني من واقع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية

الشكل رقم (1): حجم الاقتصاد الألماني من واقع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية

وبصفة عامة، يعتبر الناتج المحلي الإجمالي أبرز المؤشرات التي يمكن على أساسها قياس قوة الاقتصاد. حيث يعرف الناتج المحلي الإجمالي بأنه القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية التي تقوم بإنتاجها أي دولة باعتباره أداة شاملة لقياس إنتاج هذه الدولة.

في السطور التالية سنستعرض باختصار الدول المصنفة ضمن قائمة أقوى اقتصاد في أوروبا من حيث الناتج المحلي الاسمي.

ثانيًا: الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصادات أوروبا

وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، تأتي ألمانيا في صدارة دول الاتحاد الأوروبي من حيث الناتج المحلي الاسمي Nominal GDP. وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا نحو 4.22 تريليون دولار عام 2022. تليها المملكة المتحدة  3.18 تريليون دولار، ثم فرنسا 2.93 تريليون دولار، ثم إيطاليا بنحو 2.10 تريليون دولار.

كما تأتي روسيا وإسبانيا وسويسرا والسويد ضمن قائمة أقوى اقتصادات أوروبا. وعلى الجانب الآخر، تعد جمهورية الجبل الأسود (مونتينغرو)، في منطقة البلقان، أصغر اقتصاد من حيث إجمالي الناتج المحلي، حيث يقدر بنحو 4.66 مليار يورو فقط. أي أصغر بواقع 74 مرة من الاقتصاد الألماني.

الشكل التالي يتضمن قائمة بأكبر الاقتصادات الأوروبية من حيث الناتج المحلي الإجمالي:

أكبر الاقتصادات الأوروبية من حيث الناتج المحلي الإجمالي

الشكل رقم (2): أكبر الاقتصادات الأوروبية من حيث الناتج المحلي الإجمالي

ورغم انكماشه خلال عام 2020 بسبب أزمة كورونا، فإن الاقتصاد الألماني ظل الأقوى بين اقتصادات أوروبا، ليحتفظ بصدارته للخمسة الكبار منذ عام 1980 حتى قبل توحيد شطري ألمانيا الشرقية والغربية.

ولهذا فإننا سنُركز في السطور التالية من مقالنا على الاقتصاد الألماني باعتباره أقوى اقتصاد في أوروبا استنادًا إلى حسابات الناتج المحلي الإجمالي.

ثالثًا: أسباب قوة الاقتصاد الألماني: أقوى اقتصاد في أوروبا 2023

منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008، ازدادت قناعة عدد كبير من شرائح المجتمع الألماني بقوة اقتصاد البلاد وقدرته على مواجهة الأزمات، ووصفوه بأنه “كالثور الذي لا يهأ”. وهي الصورة التي دعمها كثير من الاقتصاديين والسياسيين.

وهو الأمر الذي عزاه إجمالًا عدد من المسؤولين في المؤسسات الاقتصادية الألمانية الكبرى إلى عدد من الأسباب؛ أهمها: قوة سوق العمل، والقدرة التنافسية العالية للشركات. وكذلك لما تتمتع به المحافظ المالية للحكومة الألمانية من فائض كبير.

وكما أشرنا من قبل، فإن الاقتصاد الألماني يتربع على عرش أقوى اقتصادات أوروبا. كما أنه يحتل المركز الرابع عالميًّا بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان من حيث الناتج المحلي الإجمالي.

وقد عزت وزارة الخارجية الألمانية – في بيان نشرته في يوليو 2018-  قوة اقتصاد بلادها إلى عدد من العوامل الرئيسية. سنستعرض في السطور التالية أبرز هذه العوامل:

(1) النشاط الصناعي

يلعب النشاط الصناعي في ألمانيا دورًا بارزًا في تعزيز اقتصادها، حيث تصل مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي القيمة المضافة في ألمانيا إلى 22,9 في المائة. وهي النسبة الأعلى بين بلدان مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7.

وبحسب موقع وورلد أطلس worldatlas.com توجد 5 قطاعات صناعية تعد هي مواطن القوة الصناعية للاقتصاد الألماني، وتشمل:

  • صناعة الطيران والآلات والسيارات.
  • الصناعات الكيميائية والطبية.
  • صناعة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات.
  • صناعة الطاقة والتكنولوجيا البيئية.
  • الصناعات الاستهلاكية والخدمات.

يمكننا التعرف على نسبة مساهمة مختلف القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي الألماني من الشكل أدناه:

نسبة مساهمة القطاعات المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا

الشكل رقم (3): نسبة مساهمة القطاعات المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا

واستنادًا إلى أهمية التجارة الخارجية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، فإن ألمانيا تعتبر صاحبة الاقتصاد الأكثر انفتاحًا بين دول مجموعة السبعة الكبار G7. حيث يُسجل معدل التجارة الخارجية 84,4 في المائة، وهو مجموع الصادرات والواردات بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي.

في حين لم تتجاوز هذه النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية حاجز 26.7%.

(2) الصادرات الألمانية

تُعد ألمانيا ثالث أكبر دولة مُصدرة في العالم، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، نظرًا للمميزات التي يتمتع بها قطاع الشحن في ألمانيا.

ووفقا للبيانات الرسمية، وصلت قيمة الصادرات الألمانية إلى نحو 1.27 تريليون يورو عام 2022. كما وصلت نسبة التصدير الإجمالية إلى ما يقرب من 40 في المائة من الإنتاج، وزادت في قطاع الصناعة عن 50 في المائة.

(3) قوة أداء الشركات متوسطة الحجم

تعتبر الشركات متوسطة الحجم المُحرك الرئيسي للاقتصاد الألماني – وهي المؤسسات التي يقل حجم مبيعاتها السنوية عن 50 مليون يورو، ويقل عدد موظفيها عن 500 موظف. ويمثل هذا القطاع 99.6% من الشركات الألمانية.

وقد ساعد توفير المناخ المناسب للشركات المتوسطة المتنامية في ألمانيا على صمودها في وجه العواصف الاقتصادية العالمية.

(4) أفضل المعارض

تعد ألمانيا الموقع الرئيسي للمعارض التجارية على مستوى العالم، حيث تقام أكثر من ثلثي الأحداث والملتقيات الصناعية الدولية الكبرى في ألمانيا. وتستضيف ألمانيا سنويا نحو 150 معرضًا بحضور قرابة 10 ملايين زائر.

(5) ألمانيا هي أكبر مركز اقتصادي في أوروبا

تشتهر ألمانيا بحواضرها الاقتصادية العملاقة، إذ تتميز كل واحدة من مقاطعاتها ومدنها الكبرى بنشاط اقتصادي ضخم. على سبيل المثال: تتميز شتوتغارت بصناعة السيارات والمعدات الثقيلة. كما تشتهر فرانكفورت بأنها حاضرة المال والأعمال.

بينما تشتهر ميونيخ بكونها مركزًا للصناعات التكنولوجية فائقة الدقة. فيما تُعد مقاطعات الراين مركزًا للصناعات الكيماوية وتكنولوجيا المعلومات.

أما هامبورج، التي تشتمل على أكبر وأهم الموانئ التجارية، فتُعد مركزًا لصناعة الطائرات، وكذلك مقرًا لصناعة الإعلام. فيما تتميز برلين – براندنبورغ بكونها مركزًا للصناعات الأساسية.

بصفة عامة، تعتبر ألمانيا أكبر مركز اقتصادي وصناعي في أوروبا، وتشتهر خصوصًا بالصناعات الثقيلة.

الصناعات الثقيلة في ألمانيا

الشكل رقم (4): الصناعات الثقيلة في ألمانيا

(6) مُعدلات التشغيل الجيدة لأقوى اقتصاد في أوروبا

كانت ألمانيا قد اقتربت من تحقيق مستويات التشغيل الكامل خلال عام 2018، لنجد شركات كبرى، مثل عملاق صناعة السيارات الألمانية فولكسفاجن Volkswagen، توفر الحد الأقصى من فرص العمل عالميًّا؛ وهو 642 ألف فرصة عمل.

كما توظف شركات مثل روبرت بوش Robert Bosch حوالي 402 ألف موظف. كذلك، يصل عدد العاملين في دويتشه بوست Deutsche Post (شركة البريد الألمانية) إلى 519 ألف موظف. أما شركة سيمنز Siemens فيعمل بها نحو 372 ألف موظف.

غير أن أزمة كورونا ألقت بظلالها على قطاع الأعمال في ألمانيا وتسببت في ارتفاع معدلات البطالة في ألمانيا وأوروبا على نحو غير معتاد، لتسجل نسبة البطالة في ألمانيا –وفقًا لبيانات وكالة العمل الألمانية- ارتفاعًا شهريًّا غير مسبوق منذ نحو ثلاثين عامًا.

رابعًا: التحديات التي يُواجهها الاقتصاد الألماني

نظرًا للارتباط الوثيق بين الاقتصاد الألماني والتجارة الخارجية أكثر من أي اقتصاد آخر، فإنه غالبًا ما يكون أكثر عرضًة للخطر.

نستعرض فيما يلي أبرز التحديات التي تواجه أقوى اقتصاد في أوروبا :

  • رغم النجاح الكبير للشركات الألمانية في الأسواق العالمية، إلا أننا قد نلاحظ وجود بعض الشركات الضعيفة في ألمانيا -شأنها شأن الكثير من الدول المتقدمة-  غير قادرة  على تمويل عمليات التطوير لتعزيز الإنتاج. وقد تتمكن هذه الشركات في بعض الأحيان من تحقيق أرباح مع خفض البنوك معدلات الفائدة على الإقراض.
  • كذلك، لا يزال الاقتصاد الألماني يعاني من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي شهدها العالم مع نهاية عام 2007. حيث نجم عن هذه الأزمة ما يعرف بـ”فقاعة الأصول” Asset Bubble؛ أي زيادة قيمة الأصول بشكل كبير عن قيمتها الحقيقية.
  • وفي ذات السياق، يواجه قطاع صناعة السيارات في ألمانيا على وجه الخصوص تحديات كبيرة جراء الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين وعدد من دول أوروبا. وذلك نظرًا لأن الولايات المتحدة الأمريكية تعد أحد أكبر الأسواق لصادرات السيارات الألمانية.
  • ولهذا السبب فإن شركات تصنيع السيارات الألمانية ستكون المتضرر الأكبر جراء فرض الولايات المتحدة الأمريكية رسومًا جمركية كبيرة على وارداتها من السيارات.
  • كما تأثر الاقتصاد الألماني -شأنه شأن الاقتصادات الأوروبية كافة- بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع عدم التوصل لاتفاق بين الجانبين. وربما يكون لذلك آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الألماني على المدى الطويل.

خامسًا: الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على أقوى اقتصاد في أوروبا

ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلال قاتمة على الاقتصاد الألماني بشكل خاص. وتأتي ألمانيا في طليعة الدول الأوروبية المستوردة للغاز الروسي، والذي يدخل في معظم الصناعات الألمانية.

ونظرًا للتوترات السياسية بين ألمانيا وروسيا، واتخاذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار بوقف صادرات الغاز الروسية إلى العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، بدا من الواضح أن أقوى اقتصاد في أوروبا ربما يكون مُقبلًا على أزمة حقيقية لا يًُعرف مداها.

وعلاوة على ذلك، هبطت صادرات ألمانيا إلى روسيا بنحو بأكثر من النصف (57.5%) نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على موسكو. وبالتالي فقدت ألمانيا أحد أكبر الأسواق الأوروبية لمنتجاتها.

ومع تفاقم المشكلات المتعلقة بارتفاع أسعار المواد الخام، واضطرابات سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية، أعادت المعاهد الاقتصادية تقديراتها لنمو الاقتصاد الألماني خلال العام الحالي 2022.

على سبيل المثال، فقد خفض معهد كيل للاقتصاد العالمي (IFW) توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا من نسبة 4% الى النصف تقريبًا، عند مستوى 2.1% فقط.

ووفقًا للمعهد: “يواجه الاقتصاد الألماني مرة أخرى مصاعب كبيرة نتيجة الحرب”. وتتركز أبرز هذه المصاعب في أسعار الطاقة التي ارتفعت بشكل حاد منذ اندلاع الحرب، حيث تقلل أسعار الطاقة المرتفعة من القوة الشرائية للدخل المتاح، وبالتالي تثبط الاستهلاك الخاص.

وهو ما سيؤدي بالتالي، حسب توقعات المعهد، الى ارتفاع معدل التضخم في ألمانيا هذا العام (2023) الى 5.8 في المئة، وهو أعلى معدل تضخم منذ إعادة توحيد ألمانيا قبل أكثر من 30 عامًا.

سادسًا: تداعيات جائحة كورونا على اقتصادات أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا

لم تنجُ اقتصادات أوروبا بطبيعة الحال من تداعيات انتشار فيروس كورونا الذي عصف بالعالم مع مطلع عام 2020. وبالرغم من تصنيف الاقتصاد الألماني باعتباره أقوى اقتصاد في أوروبا، فإنه تأثر أيضًا بهذه الجائحة بشكل كبير.

كذلك، ورغم أن معظم دول أوروبا لم تفرض الحظر الشامل على حركة الطيران والنقل مع بداية انتشار الفيروس (أعلنت دولة مثل ألمانيا بدء الحظر في مارس 2020) فإن هذا الحظر أضر بحركة التجارة والصادرات، إضافًة إلى تعطيل معظم الأنشطة الاقتصادية في أرجاء أوروبا.

وهو ما انعكس في توقعات المفوضية الأوروبية بانكماش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة قد تصل إلى 9%. كما توقعت المفوضية انكماش اقتصاد الاتحاد الأوروبي بنحو 8.3%.

ففي ألمانيا، أشارت التوقعات الرسمية إلى إمكانية تراجع الناتج المحلي لأقوى اقتصاد في أوروبا بنسبة 6.3% خلال عام 2020. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى قدرة الاقتصاد الألماني على التعافي بشكل أسرع مقارنة بباقي الدول التي تتصدر قائمة أقوى اقتصادات في أوروبا وهي: المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا،

وجميع هذه الدول جاءت توقعاتها الصادرة عن بنوكها المركزية أسوأ بكثير بشأن تأثر اقتصادها بتداعيات فيروس كورونا، حيث كان من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيطالي، على سبيل المثال، خلال العام 2021 بنسبة 9.2%، والاقتصاد البريطاني بنسبة 14%.

وقد بدا أن أزمة كورونا قد تركت أثارًا غير مسبوقة على التجارة الخارجية والنشاط الاقتصادي ككل؛ حيث أظهر مؤشر مناخ الأعمال -الذي يُصدره  معهد البحوث الاقتصادية في جامعة ميونخ IFO بشكل شهري- عن تراجع كبير في تقييم وتوقعات المديرين التنفيذيين للشركات الألمانية في مختلف القطاعات.

– تداعيات جائحة كورونا على قطاعي الصناعة والصادرات في ألمانيا

كما سبقت الإشارة، يلعب القطاع الصناعي دورًا كبيرًا في الاقتصاد الألماني، أقوى اقتصاد في أوروبا. وفي هذا القطاع على وجه الخصوص، انخفض مؤشر مناخ الأعمال إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2009.

كما تراجع مستوى أعمال الشركات الصناعية الحالي بشكل كبير، بسبب انخفاض الطلب على المنتجات الصناعية. كذلك انخفض مؤشر الأعمال الحالي والمستقبلي الذي يمتد إلى ثلاثة أشهر لقطاع الخدمات. أيضا تراجع مؤشر مناخ الأعمال في تجارة التجزئة.

وفيما يتعلق بالصادرات الألمانية، فقد أصدر مكتب الإحصاء الاتحادي تقريرًا عن انخفاض الصادرات الألمانية في شهر مارس 2020 –بداية فرض الحظر- بنسبة 7,9 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق 2019، وبنسبة 11,8 في المئة مقارنة بشهر فبراير السابق. وهو ما يُعد الانخفاض الأكبر منذ بداية حساب الصادرات الشهرية في شهر أغسطس في العام 1990.

بالإضافة إلى ذلك، تراجعت الواردات في شهر مارس بنسبة 4,5 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام 2019، وبنسبة 5,1 في المئة مقارنة بالشهر السابق.

– اقتصادات أوروبا لا تزال في انتظار يد المساعدة

يعتقد الكثير من المسؤولين في المفوضية الأوروبية أن الخطر لا يزال قائمًا خاصًة في ظل توقعات بموجة جديدة من فيروس كورونا، مؤكدين أهمية التوصل إلى اتفاق سريع بشأن خطة التعافي التي اقترحتها المفوضية في مسعى لضخ أموال جديدة لدعم الاقتصاد الأوروبي.

ورغم أن التوقعات كانت تشير إلى بدء استعادة الاقتصاد الأوروبي عافيته بحلول النصف الثاني من عام 2020، فإن مسئولي المفوضية أكدوا ضرورة الحذر بشأن اختلاف وتيرة التعافي بين اقتصادات أوروبا. كما دعوا إلى مواصلة حماية العمال والشركات.

سابعًا: دور الاقتصاد الألماني في إنقاذ اقتصادات أوروبا من براثن الركود

كما أشرنا من قبل، فإن ألمانيا هي القوة الصناعية الكبرى في أوروبا، كما أنها أحد أكبر المصدرين في القارة العجوز. وبناءً على ذلك توقع وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير Peter Altmaier أن بلاده ستكون “قاطرة اقتصادية بإمكانها إخراج أوروبا والعالم من أزمة كورونا”،

ويرجع ذلك إلى كون الاقتصاد الألماني هو الأقدر على التعافي السريع من تداعيات أزمة كورونا بفضل الاستجابة المالية للحكومة الألمانية. فقد كشفت برلين النقاب عن حزمة تحفيز نقدى لتخفيف آثار الأزمة، بموجبها أطلقت برلين في المرحلة الأولى حزمة بقيمة 1.3 مليار يورو لتشكل درعًا وقائيًّا بالنسبة لمعظم الشركات الألمانية،

وربما يكون هذا الإجراء هو ما منع موجة من حالات الإفلاس والتسريح الجماعى للعمالة كتلك التى شهدتها دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية. وتتمتع الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة بشبكة قوية من العلاقات التجارية على مستوى العالم. وهو ما مكن الكثير من هذه الشركات من تجاوز الأزمة.

الخلاصة

  • تعرفنا في هذا المقال على أقوى اقتصاد في أوروبا 2023، وهو الاقتصاد الألماني.
  • ويعد الاقتصاد الأوروبي ثاني أقوى اقتصاد عالميًّا (الولايات المتحدة الأمريكية هي الأولى)، حيث يمثل أكثر من 17% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي على مستوى العالم وفقًا لبيانات البنك الدولي.
  • تُصنف قوة أي اقتصاد استنادًا على عدد من الأسس؛ أبرزها الناتج المحلي الإجمالي. ومن هنا فإن الاقتصاد الألماني يأتي في صدارة دول الاتحاد الأوروبي؛ حيث يصل إجمالي الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لألمانيا إلى 4.22 تريليون دولار.
  • تقوم قوة الاقتصاد الألماني بشكل كبير على النشاط الصناعي. حيث تصل مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي القيمة المضافة في ألمانيا إلى 22,9 في المائة. وهي النسبة الأعلى بين دول مجموعة السبع الكبرى. وتأتي صناعة الطائرات والسيارات الألمانية في المقدمة.
  • من العوامل الأخرى التي تجعل الاقتصاد الألماني أقوى اقتصاد في أوروبا الانفتاح الاقتصادي. وتتمتع ألمانيا بحجم تجارة كبير مع العالم الخارجي؛ إذ تعد ألمانيا ثالث أكبر دولة مصدرة في العالم.
  • يعد أداء المؤسسات متوسطة الحجم مصدر قوة للاقتصاد الألماني، حيث تمثل الجانب الأكبر من الشركات الألمانية. كما تعد ألمانيا مركزًا رئيسيًّا لأكبر المعارض والملتقيات التجارية على مستوى العالم.
  • ربما تكون ألمانيا من بين الدول القلائل التي نجحت في تحقيق معدلات التشغيل الكاملة في السنوات التي سبقت أزمة كورونا. غير أن أزمة كورونا تسببت في ارتفاع معدلات البطالة في ألمانيا وأوروبا على نحو غير معتاد.
  • تتمتع ألمانيا بحجم علاقات خارجية أكثر من أي اقتصاد آخر في أوروبا. غير أن ذلك الانفتاح التجاري قد جعلها الأكثر عرضًة للخطر بسبب أزمة كورونا. حيث فرضت معظم دول العالم حظرًا شاملًا على حركة الطيران والنقل. إضافة إلى تعطيل معظم الأنشطة الاقتصادية في أرجاء أوروبا.
  • ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلال قاتمة على الاقتصاد الألماني. حيث تعطلت إمدادات الغاز الروسية إلى ألمانيا، وتوقفت الصادرات الألمانية إلى روسيا. فضلًا عن تفاقم المشكلات المتعلقة بارتفاع أسعار المواد الخام، واضطرابات سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية.

للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.