ما هي أبرز أدوات السياسة النقدية؟
يترقب خبراء الاقتصاد والمستثمرون والمعنيون بالشأن الاقتصادي في كل أنحاء العالم قرارات البنوك المركزية حول السياسة النقدية وتقاريرها. وهي القرارات التي غالبًا ما تترك أثرًا بعيد المدى علَى أداء الاقتصاد كله. كما أنها قد تؤثر في أداء قطاع صناعي بعينه أو في سوق بعينها. ومن هذا المنطلق تنبع أهمية أدوات السياسة النقدية التي تستخدمها البنوك المركزية في تقرير مسارات الاقتصاد واتجاهاته.
وتتخذ هذه البنوك قرارتها بناء علَى عدد من المعطيات التي تحصل عليها من مصادر متعددة. ومن أكثر هذه المعطيات أهمية: بيانات التضخم، وإجمالي الناتج المحلي، ومعدلات نمو صناعة بعينها. كما تعنى البنوك المركزية بدراسة التطورات الجيوسياسية في الأسواق الدولية. كذلك تهدف البنوك المركزية بصفة أساسية إلى خفض معدلات التضخم والبطالة من خلال عدد من الأدوات، والتي تعرف إجمالًا باسم أدوات السياسة النقدية .
في هذا المقال سنتعرف على أدوات السياسة النقدية بشيء من التفصيل. وسنبدأ بتعريف السياسة النقدية وأهميتها بالنسبة للاقتصاد، والجهة المسؤولة عن وضعها. ومن ثم سنتعرف على أبرز أهدافها، وكذلك أنواعها الرئيسية. كما نناقش أبرز تطبيقات أدوات السياسة النقدية في مواجهة بعض الأزمات الاقتصادية المعاصرة، على غرار أزمة تفشي وباء كورونا.
ولكن قبل ذلك لنتعرف أولًا على مصطلح السياسة النقدية.
أولًا: ما هي السياسة النقدية؟
بادئ ذي بدء، يتعين علينا أنْ نتعرف بإيجاز إلى معنى السياسة النقدية Monetary Policy. حيث يمكن تعريفها بأنها سياسة اقتصادية يستخدمها القائمون علَى إدارة أمور الاقتصاد في بلد ما مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أو تكتل ما مثل الاتحاد الأوروبي؛ وذلك للتحكم في حجم ومعدل نمو المعروض النقدي Money Supply.
وغالبًا ما تمثل هذه السياسات أداة فعَّالةً لضبط متغيرات الاقتصاد الكلي، مثل التضخم وأسعار الفائدة والبطالة وغير ذلك.
شكل رقم (1): السياسة النقدية
ثانيًا: ما الجهة المسؤولة عن وضع السياسة النقدية؟
بصفة أساسية تكون البنوك المركزية، علَى غرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي US Federal Reserve – تحديدًا لجنة السياسة النقدية بالبنك – هي المسؤولة عن صياغة هذه السياسات. كما يمكن أن تتولى صياغة هذه السياسات هيئات تنظيمية مشابهة في أدائها للبنوك المركزية.
وبالتالي فإن البنوك المركزية هي المسؤولة عن وضع السياسة النقدية، واستخدام أدواتها بما يضمن وضع آمن للاقتصاد.
ثالثًا: أهداف السياسة النقدية
وكما أشرنا من قبل، فإن الأهداف الرئيسية للسياسة النقدية تتمثل في:
- ضبط معدلات التضخم.
- الحد من معدلات البطالة.
- حماية أسعار الصرف.
الشكل أدناه يوضح لنا الأهداف الرئيسية للسياسة النقدية:
شكل رقم (2): أهداف السياسة النقدية
لنناقش بإيجاز كل واحد من هذه الأهداف:
ضبط معدلات التضخم
تستهدف السياسات النقدية ضبط مستويات التضخم من خلال الإبقاء عليها منخفضة. وفي بعض الأحيان، تعتبر معدلات التضخم المنخفضة مؤشرًا علَى سلامة الاقتصاد. على سبيل المثال، في حالِ ارتفاع معدلات التضخم، فإنَّ البنوك المركزية قد تلجأ إلى اتباع سياسات انكماشية Contractionary Policy، تهدف إلى الحدِّ من التضخم، عن طريق تقليل المعروض النقديِّ ورفع أسعار الفائدة.
الحد من معدلات البطالة
يمكن للبنوك المركزية أيضًا استخدام أدوات السياسة النقدية للتحكم في معدلات البطالة. إلا أنها، علَى خلاف السياسة النقدية الانكماشية التي تستخدمها البنوك المركزية لضبط التضخم؛ إذ إنَّ السياسة التوسعية تكون – غالبًا – الأكثر تأثيرًا في خفض معدلات البطالة. ذلك لأن زيادة المعروض النقدي تحفز الأنشطة التجارية؛ ومن ثَم تسهم في توسع سوق العمل.
حماية أسعار الصرف
يمكن للبنوك المركزية – باستخدام سلطتها المالية – تنظيم أسعار صرف عملاتها المحلية مقابل العملات الأخرى. على سبيل المثال، قد يلجأ البنك المركزي إلى زيادة المعروض النقدي بإصدار المزيد من العملات؛ لينخفض سعر العملة المحلية. وفي هذه الحالة تصبح قيمة العملة المحلية أقل من العملات الأجنبية الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه السياسة كانت سببًا في تصاعد حدة النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، لتصل إلى ذروتها عام 2019؛ حين اتهمت واشنطن بكين بتخفيض سعر صرف اليوان لتعزيز القدرة التنافسية للصادرات الصينية؛ ومن ثَم الإضرار بالصناعة الأمريكية.
ويمكن تنفيذ السياسة النقدية من خلال عدد من أدوات السياسة النقدية في مقدمتها:
- شراء أو بيع الأوراق المالية الحكومية، أو ما يُسمى بعمليات السوق المفتوحة.
- تعديل أسعار الفائدة.
- تعديل كمية النقد المتداول في الاقتصادِ، أو تغيير نسبة الاحتياطي.
1- عمليات السوق المفتوحة (Open-Market Operations (OMO
وتمثل إحدى أكثر الأدوات التي تستخدمها البنوك المركزية أهمية؛ للتحكم في عرض النقود، وتتم هذه العمليات بإحدى طريقتين:
- عملية التيسير الكمي Quantitative Easing: ومن خلالها يضخ البنك المركزي المزيد من الاحتياطي النقدي في النظام المصرفي من خلال عملية شراء أذون الخزانة قصيرة الأجل وسندات حكومية طويلة المدى. وهو ما ينعكس علَى زيادة قدرة البنوك علَى الإقراض بمعدلات فائدة منخفضة. وبطبيعة الحال، فإن هذا الإجراء يسهم في زيادة حجم الاستثمارات وتحفيز النمو.
- عملية التشديد النقدي: وهي علَى خلاف الطريقة الأولى، حيث يقوم البنك المركزي ببيع الأصول أو الأوراق المالية. هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تقليل المعروض النقدي في البنوك. كما أنه قد يتسبب في زيادة أسعار الفائدة قصيرة الأجل؛ وعليه، فإنَّ حجم الإقراض يتراجع.
2- ضبط أسعار الفائدة Interest Rates Adjustment
- تتحكم البنوك في أسعار الفائدةِ من خلال تعديل ما يُسمى بسعر الخصم Discount Rate. وسعر الخصم ببساطة هو سعر العائد علَى التسهيلات الائتمانية التي يمنحها البنك المركزي للبنوك التجارية لتغطية احتياجاتها من السيولة، سواء أكان هذا في صورة قروض قصيرة الأجل أم من خلال إعادة خصم للكمبیالات التي في حوزتها، وفقًا لشروط البنك المركزي.
- في حال زيادة سعر الخصم، فإن البنوك ستكون أكثر حرصًا في منح القروض، خاصة تلك التي تحتوي علَى نسبة مخاطرة عالية. ويأتي ذلك في إطار سياسة انكماشية تؤثر بالضرورة في تراجع النشاط التجاري.
- في حال خفض سعر الخصم، الذي يترتب عليه حصول البنوك التجارية علَى قروض منخفضة العائد؛ فإن البنوك ستمنح مزيدًا من القروض بشروط يسيرة، وهو ما يسهم في توسع النشاط التجاري.
3- تعديل الاحتياطي الإلزامي Reserve Requirements
- يتعين علَى البنوك التجارية في الغالب أن تحتفظ بنسبة ضئيلة من ودائع عملائها في صورة احتياطي – لا يدر فائدة – بهدف ضمان قدرتها علَى الوفاء بالتزاماتها.
- وتعتبر المقتضيات القانونية للاحتياطي جزءًا أساسيًّا من الآلية التي تتحكم بها البنوك المركزية في عرض النقود البنكية.
- يؤدي خفض متطلبات الاحتياطي إلى ضخ المزيد من رؤوس الأموال إلى البنوك التجارية. الأمر الذي يمكنها من تقديم القروض أو شراء أصول إضافية.
- كذلك، فإن زيادة متطلبات الاحتياطي بطبيعة الحال يكون له تأثير عكسي. كما أنه يحد من قدرة البنوك على الإقراض، وهو ما يتسبب في تباطؤ نمو المعروض النقدي.
رابعًا: أنواع السياسة النقدية
يمكن تصنيف السياسة النقدية بوجه عام إلى نوعين رئيسيين، هما:
السياسة النقدية التوسعية Expansionary Monetary policy
- تعتبر واحدة من أدوات السياسة النقدية التي تلجأ إليها الهيئات المسؤولة عن وضع السياسة النقدية في دولة ما بهدف تحفيز النمو الاقتصادي، والتوسع في الأنشطة الاقتصادية.
- وتهدف هذه السياسة إلى مواجهة ارتفاع معدلات البطالة حال تعرض الدولة لركود اقتصادي.
- وبموجبها تلجأ البنوك المركزية في هذه الحالات إلى خفض معدلات الفائدة، من خلال عدد من الإجراءات التي تجعل عملية ادخار المال غير مستحبة، وتساعد علَى زيادة الإنفاق، وهو ما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي في الأسواق.
- وبشكل أكثر وضوحًا، فإن خفض أسعار الفائدة يشجع الأفراد والأنشطة التجارية علَى الاقتراض من البنوك بشروط مناسبة، بهدف توسيع الأنشطة الإنتاجية. كما يصبح بإمكانهم زيادة الإنفاق علَى السلع الاستهلاكية باهظة الثمن.
- لهذا السبب تعد السياسة النقدية التي اتبعتها مجموعة من الاقتصادات الكبرى إبان الأزمة المالية العالمية التي بلغت ذروتها عام 2008، والتي دفعتها إلى خفض معدلات الفائدة إلى الصفر- أفضل مثال على السياسة النقدية التوسعية.
السياسة النقدية الانكماشية Contractionary Monetary Policy
- يمكن للزيادة في المعروض النقدي أن تؤدي إلى نتائج سلبية، تتمثل في زيادة معدلات التضخم، وزيادة تكلفة المعيشة.
- وهنا تلجأ البنوك المركزية إلى زيادة معدلات الفائدة وتقليص نمو حجم المعروض من النقود للحد من معدلات التضخم.
- غير أن هذا النوع من أدوات السياسة النقدية قد يتسبب في تباطؤ معدل النمو الاقتصادي للدولة، وأيضًا زيادة معدلات البطالة.
- ومن أبرز الأمثلة علَى ذلك: تدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، من أجل الحد من التضخم الذي قفز إلى مستويات قياسية، دارت حول 15%. فقد رفع البنك سعر فائدته المعيارية إلى 20%.
- وعلى الرغم من أن هذا الإجراء أدى إلى حالة من الركود، فإنَّه نجح في السيطرة علَى معدلات التضخم.
خامسًا: أدوات السياسة النقدية وتطبيقاتها العملية في مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا
ليس هناك من شك في أن الانتشار الواسع لفيروس كورونا خلال الآونة الأخيرة قد شكَّل مأساة إنسانية لا تزال تتكشف ملامحها في أنحاء العالم كله.
وبطبيعة الحال، فإن المخاوف من استمرار انتشار الفيروس من شأنها أن تهدد النمو الاقتصادي والاستقرار المالي، خاصة في ظل التراجعات الحادة لأسواق المال العالمية خلال الفترة الأخيرة.
كما شهدت عائدات سندات الخزانة الأمريكية انخفاضات قياسية مع إحجام المستثمرين عن المخاطرة واتجاههم نحو الاستثمار في أصول أقل تقلبًا.
جهود الحكومات لحماية اقتصاداتها من تداعيات فيروس كورونا
في ظل تحذيرات خبراء الاقتصاد من ركود عالمي جراء التأثير السلبي لانتشار الفيروس علَى الأنشطة الاقتصادية، كان لزامًا علَى الحكومات – وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية – توجيه سياساتها المالية والنقدية لحماية اقتصاداتها من تداعيات انتشار فيروس كورونا.
ومع تصدر الولايات المتحدة الأمريكية دول العالم في عدد الإصابات المؤكدة، وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، علَى أكبر حزمة مساعدات مالية في تاريخ الولايات المتحدة علَى الإطلاقِ، بقيمة تريليوني دولار.
كما تعهد قادة مجموعة دول العشرين خلال اجتماعهم عبر تقنية الفيديو كونفرانس؛ بضخ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي؛ للحد من الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.
أدوات السياسة النقدية في مواجهة تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية
كان علَى البنوك المركزية العالمية، باعتبارها المسؤولة عن صياغة السياسة النقدية؛ أن تلعب دورًا في عبور المنعطف الراهن من خلال اتخاذ إجراءات تحفيزية غير مسبوقة لدعم الاقتصادات، والتخفيف من حدة الركود العالمي؛ باستخدام أسلحتها، وفي مقدمتها أدوات السياسة النقدية. وكان أبرز هذه الإجراءات خفض معدلات الفائدة إلى مستويات تقارب الصفر.
خفض معدلات الفائدة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا
- من المسلم به أن ضبط معدلات الفائدة يعد أحد أهم الأدوات التي تمتلكها البنوك المركزية. ذلك لأن خفض معدلات الفائدة في إطار سياسة توسعية، أو ما يسمى بالتيسير النقدي، ينعكس – كما أشرنا من قبل – على زيادة معدلات الإنفاق والإقراض والتوسع في الأنشطة التجارية.
- ومع زيادة المخاوف من التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا، فقد قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الطارئ خفض معدل الفائدة مرتين خلال أقل من أسبوعين؛ لتعزيز الإنفاق الاستهلاكي، علَى الرغم من تلميحات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في البداية بأنه سيبقي علَى أسعار الفائدة مستقرة حتى نهاية العام الحالي 2020. غير أنه اضطر لاتخاذ هذه الخطوة للمرَّة الأولى منذ الأزمة العالمية في 2008.
- كما دفعت المخاوف ذاتها البنك المركزي الكندي إلى السير علَى خطى الفيدرالي الأمريكي. إذ قام بخفض معدلات الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، لتصبح كندا بذلك الدولة الثانية من دول مجموعة السبع التي تتبع السياسة التوسعية الهادفة لتشجيع الإقراض لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا.
عمليات الريبو طويلة الأجل لمواجهة تداعيات فيروس كورونا
تعتبر اتفاقية إعادة الشراء REPO أو ما يعرف بعمليات الريبو، شكلًا من أشكال الاقتراض قصير الأجل للتجارة في الأوراق المالية الحكومية. وتعد “الريبو” إحدى أدوات السياسة النقدية التي استخدمها الاحتياطي الفيدرالي الهندي لضخ سيولة إضافية إلى النظام المالي بهدف دعم استقرار الأسواق، وتشجيع نشاط الإقراض المصرفي.
كذلك انتهجت الصين سياسات مماثلة، حيث قامت بضخ 1.2 تريليون يوان؛ أي ما يعادل 173 مليار دولار، من خلال اتفاقيات إعادة شراء السندات، مطلع شهر فبراير 2020. كما خفض البنك المركزي الصيني سعر فائدة الريبو لتحفيز عمليات الإقراض.
سندات مضادة للوباء Anti-epidemic Bonds
يبدو من الواضح إن الاقتصاد الصيني يعاني في الآونة الأخيرة أسوأ حالات الركود الاقتصادي. وقد تسببت إجراءات الحظر الصحي الصارمة التي تتخذها الصين منذ تفشي فيروس كورونا في إغلاق المصانع وتوقف حركة السفر. وهو ما دفع البنوك الصينية المملوكة للدولة إلى ضخ المزيد من السيولة لدعم الشركات المحلية، ضمن سندات أُطلقت خصيصًا لمواجهة تداعيات فيروس كورونا علَى الاقتصاد؛ كي تتمكن هذه الشركات من البقاء، علَى الرغم من تراجع إيراداتها.
وقد خصصت جزءًا من عائدات هذه السندات لجهود الإغاثة من تداعيات انتشار فيروس كورونا داخل الصين. في حين أصدرت أكثر من 150 شركة إصداراتها الخاصة من السندات منذ أوائل فبراير، علَى أن ترتفع قيمة هذه العائدات إلى ما يعادل 34 مليار دولار لدعم الشركات المهددة بالإفلاس.
كما ساهمت الجهات المقرضة التابعة للدولة في خفض تكاليف الإقراض للجهات القائمة علَى إصدار هذه السندات، من خلال شراء حصص كبيرة بأسعار فائدة منخفضة. وتساعد هذه الآلية الحكومة الصينية علَى ضخ سيولة مباشرة في الشركات التي تعجز عن سداد ديونها.
حزم الإنقاذ Relief Packages
استخدمت المؤسسات الاقتصادية العالمية كثير من أدوات السياسة النقدية لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس. على سبيل المثال، أعلن صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الأول من شهر مارس 2020 عن حزمة إنقاذ بقيمة 50 مليار دولار لمساعدة الدول لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس.
وتستهدف هذه الحزمة الدول ذات الدخل المنخفض والدول النامية. وبحسب تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجاليفا، فإن حزم المساعدات توفر سلسلة حوافز مرنة للمناطق التي تعجز عن سرعة مواجهة تداعيات الأزمة الراهنة، بعكس الاقتصادات الكبرى.
كذلك انضم البنك المركزي الأوروبي إلى قائمة التحفيز. حيث أعلن زيادة حجم مشترياته من الأصول بواقع 750 مليار يورو، في شكل مشتريات لسندات القطاعين العام والخاص لدعم الآثار المحتملة لوباء كوفيد 19. وجاءت هذه الزيادة في إطار برنامج مؤقت لشراء السندات قد أطلقه المركزي الأوروبي باسم “برنامج شراء الأصول الطارئ لمكافحة الوباء”.
تعليق الكاتب
تعد السياسة النقدية مهمة ضمن القرارات التي تتخذها الحكومات حول السياسات والقوانين الحكومية، جنبًا إلى جنب مع السياسة المالية. كما تجدر الإشارة إلى أهمية استقلالية هذه البنوك عن الحكومات والضغوط السياسية؛ كي تكون قراراتها والإجراءات التي تتخذها أكثر فاعلية.
غير أن الاستقلال الكامل للبنوك المركزية عن الحكومات يعد أمرًا صعب التحقق علَى أرض الواقع. كما تتدرج سيطرة الحكومات علَى البنوك المركزية؛ فقد يقتصر دورها فقط علَى تعيين مجالس إداراتها. أو قد يصل هذا الدور إلى إجبار البنوك علَى اتخاذ إجراءات معينة لأغراض سياسية أو انتخابية.
ومع ظهور دور البنوك المركزية في مواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة انتشار فيروس كورونا الأخيرة، يأتي السؤال: هل تكفي هذه الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية العالمية والهيئات المعنية بوضع السياسات النقدية لإنقاذ الاقتصاد من براثن الركود الذي تتعرض له اقتصادات العالم، جراء استمرار تفشي فيروس كورونا؟
الخلاصة
- حاولنا من خلال هذا المقال التعرف على أبرز أدوات السياسة النقدية. وذلك من خلال تقديم صورة مبسطة للقارئ عن دور البنوك المركزية في وضع السياسة النقدية للبلاد.
- وغالبًا ما تنتهج البنوك المركزية هذه السياسات لتستهدف بصفة أساسية؛ ضبط معدلات التضخم والبطالة، وتحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع. ويستخدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي – مثالًا للبنوك المركزية – ثلاث أدوات رئيسية للتحكم في عرض النقود، وهي:
- عمليات السوق المفتوحة.
- معدل الخصم.
- ومتطلبات الاحتياطي.
- ومن خلال تعريف السياسة النقدية يتبيَّن أنه يمكن تصنيفها إلى نوعين:
- سياسة نقدية توسعية.
- وسياسة نقدية انكماشية.
- وتنتهج البنوك المركزية سياسة توسعية تهدف إلى زيادة النمو الاقتصادي، والتوسع في الأنشطة التجارية لمواجهة ارتفاع معدلات البطالة، أو حالات الركود الاقتصادي.
- غير أن هذه السياسة (التوسعية) قد تكون سلاحًا ذا حدين. فقد تتسبب في زيادة معدل الإنفاق الاستهلاكي؛ ومن ثَمَّ رفع معدلات التضخم.
- وهنا تلجأ البنوك المركزية إلى استخدام سياسة انكماشية بهدف الحد من معدلات التضخم. ويتم ذلك من خلال زيادة معدلات الفائدة، وتقليص نمو حجم المعروض من النقود.
- وفي خضم انتشار فيروس كورونا، استخدمت البنوك المركزية في أنحاء العالم أسلحتها -المتمثلة في أدوات السياسة النقدية- لحماية اقتصاداتها من تداعيات انتشار الفيروس.
- لذلك لجأت هذه البنوك إلى خفض أسعار الفائدة، وإصدار سندات مضادة للوباء. كما أعلن صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي عن حزم إنقاذ وبرامج مؤقتة لشراء السندات.
الآن، وقد تعرّفنا على أدوات السياسة النقدية، ما رأيك في هذه الأدوات المالية؟
للمزيد من المقالات ذات الصلة، يرجى متابعة موقع بورصات.